القضاء الجزائري يدرس الاستماع لشقيق بوتفليقة حول «أسرار النظام»

بعد أن اتهمه لواء يحاكم بالفساد بـ«عزله في اتصال هاتفي»

سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق (الشرق الأوسط)
سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق (الشرق الأوسط)
TT

القضاء الجزائري يدرس الاستماع لشقيق بوتفليقة حول «أسرار النظام»

سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق (الشرق الأوسط)
سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق (الشرق الأوسط)

يبحث القضاء الجزائري طلب دفاع أحد وجهاء النظام الذي يحاكم بتهم فساد، إخراج سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، من السجن العسكري لسماع إفادته حول وقائع تم سردها أثناء المحاكمة.
وكان شقيق بوتفليقة استدعي من طرف محكمة في سبتمبر (أيلول) الماضي، للرد على تهم تخص تمويل حملة انتخاب شقيقه، لكنه رفض الكلام.
وقال محامون يرافعون لمصلحة اللواء عبد الغني هامل، مدير الشرطة سابقاً، لصحافيين، إنهم أودعوا عريضة لدى محكمة الاستئناف تطالب بإحضار شقيق الرئيس وكبير مستشاريه سابقاً، بعد أن اتهمه موكلهم بـ«إقالته باتصال هاتفي»، وكان يقصد أن شقيق بوتفليقة أمر وزير الداخلية بعزل اللواء هامل، في يونيو (حزيران) 2017 إثر تصريحات هاجم فيها قائد سلاح الدرك آنذاك، الجنرال غالي بلقصير، وذلك في قضية مصادرة شحنة من الكوكايين في ميناء غرب الجزائر، وتم ذكر اسم نجل هامل في التحقيقات التي أجراها الدرك في القضية.
وأوضح المحامون، أن القاضي المكلف محاكمة هامل، وعد بدراسة الطلب. لكنهم استبعدوا تعاطيه إيجابياً مع ما يريدون. وأكد أحد أعضاء فريق الدفاع عن هامل، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القاضي لا يمكنه أن يسمح بإحضار سعيد من سجنه، من دون موافقة الجهات النافذة في الدولة، وأعتقد أن هذه الجهات لا ترغب في سماع أسرار وفضائح سيدلي بها».
وكان شقيق بوتفليقة استدعي، في سبتمبر الماضي، من طرف محكمة الجنح بالعاصمة، بعد أن طلبه دفاع مسؤولين حكوميين بارزين، من بينهم رئيسا الوزراء سابقاً عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، أكدوا أن أموالاً ضخمة تخص حملة ترشح أخيه (عبد العزيز) لولاية خامسة (عام 2019)، وضعت بين يديه. وعرفت القضية بـ«التمويل الخفي لعهدة الرئيس».
وظل شقيق بوتفليقة صامتاً وقتاً طويلاً، رافضاً الإجابة عن أسئلة القاضي، فأعيد إلى السجن العسكري، حيث يقضي عقوبة 15 سنة سجناً بتهمتي «التآمر على الجيش» و«التآمر على سلطة الدولة».
ويعتقد بأن سبب رفضه الإدلاء بأقواله، خوفه من انتقام قائد الجيش الذي أدخله السجن، الفريق قايد صالح الذي توفي بسكتة قلبية نهاية العام الماضي. وقد فضّل شقيق الرئيس السابق الصمت طمعاً في تخفيف الحكم، لكن محكمة الاستئناف العسكرية ثبتت العقوبة. ويقول مراقبون، إن شقيق بوتفليقة ليس لديه ما يخسره، لو استدعي في قضية هامل، وأنه «سيخرج ما في جعبته» إن جاء إلى المحاكمة.
وستستأنف محاكمة مدير الشرطة السابق، بعد غد (الاثنين)، بفتح المجال لمرافعة الدفاع. ودانت المحكمة الابتدائية هامل بـ15 سنة سجناً، وحكمت على زوجته وأبنائه الثلاثة، في الملف نفسه، بعقوبات تراوحت بين 3 و10 سنوات. واتهم هامل، الذي كان يطمح لخلافة بوتفليقة، وأفراد عائلته بـ«غسل أموال» و«استغلال النفوذ والوظيفة الحكومية لأغراض خاصة»، و«الحصول على أراض وعقارات بطرق مشبوهة».
ويحاكم في القضية أيضاً، وزيرا النقل والصحة سابقاً، عبد الغني زعلان وعبد المالك بوضياف بصفتهما واليين سابقين لوهران ومستغانم. وورد في التحقيقات أنهما أهديا هامل وابنيه قطع أرض كبيرة بغرض إطلاق استثمارات سياحية.
وأكد هامل، الثلاثاء الماضي، خلال رده على أسئلة القاضي، أن سعيد بوتفليقة «لم يكن يحبني، وقد أحالني على التقاعد مباشرة بعد عزلي، وهو عمل دستوري تم تنفيذه بينما كان رئيس الجمهورية مغيباً بفعل المرض». وقال إنه اتصل بسعيد ليستفسر عن سبب إبعاده من المنصب، فـ«رد عليّ قائلاً: ما عليك إلا أن تطعن في القرار».
يشار إلى أن شقيق الرئيس سابقاً، كان الحلقة الأقوى في نظام الحكم، وزاد نفوذه منذ انسحاب بوتفليقة من المشهد عام 2013، إثر إصابته بجلطة دماغية أقعدته على كرسي متحرك.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.