غانتس ومسؤولون يحذّرون من حرب أهلية في إسرائيل

أكثر من 30 % من التحريض موجه ضد العرب

خراطيم المياه لتفريق مظاهرات في إسرائيل ضد نتنياهو (رويترز)
خراطيم المياه لتفريق مظاهرات في إسرائيل ضد نتنياهو (رويترز)
TT

غانتس ومسؤولون يحذّرون من حرب أهلية في إسرائيل

خراطيم المياه لتفريق مظاهرات في إسرائيل ضد نتنياهو (رويترز)
خراطيم المياه لتفريق مظاهرات في إسرائيل ضد نتنياهو (رويترز)

مع تصاعد العنف السياسي في إسرائيل، وتنفيذ الاعتداءات الدامية على المظاهرات الاحتجاجية، ومؤشرات التصدع داخل الائتلاف الحكومي والتحذير من العودة إلى الانتخابات من جديد، ارتفعت أصوات تدعو القادة السياسيين إلى لجم أنفسهم ووقف المواجهات العدائية التي تنذر بالتدهور نحو حرب أهلية.
وكان على رأس المحذرين، رئيس الحكومة البديل وزير الدفاع، بيني غانتس، الذي قال إن «لغة الخطاب السياسي في إسرائيل انزلقت إلى أدنى مستوياتها في التاريخ الإسرائيلي». وحذر بقوله «إن لم نقم باتخاذ إجراءات كبيرة لوقف هذا التدهور، فإن حربا أهلية قد تنشب من دون أن نشعر ودماء غزيرة سوف تسفك فيها».
وخرج الحاخام الأكبر، ديفيد لاو، بنداء، أمس الخميس، الذي يصادف «يوم التاسع من أغسطس (آب)» حسب التقويم العبري ويصوم فيه اليهود نحو 25 ساعة متواصلة، حدادا وحزنا على خراب الهيكل ويعتبر أيضا يوم صفح وتسامح. فقال: «خراب الهيكل الثاني تم بسبب الكراهية المجانية بين اليهود أنفسهم. خسر اليهود حكمهم ودولتهم بسبب هذه الكراهية. واليوم، بعد أن عاد اليهود إلى بيتهم وأقاموا دولة صار عمرها 72 عاما، نجد أنفسنا نسمح بانفلات فيروس أخطر من كورونا هو فيروس الكراهية. حان الوقت لنفهم أن هذه الكراهية قادرة على إحراق كل بقعة خضراء في بلادنا وحياتنا».
وتكتب في الصحافة العبرية عشرات المقالات كل يوم حول هذا الموضوع، يحاول فيها كل طرف من طرفي الخريطة الحزبية، اليمين واليسار، إلقاء المسؤولية على كاهل الطرف الآخر. وفي حين رفض غانتس توجيه التهمة لليمين وحده ودعا الجميع إلى لجم أنفسهم، توجه حليفه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالاتهام إلى «اليسار والإعلام». وقال إن «اليسار والفوضويين يتهموننا بتنظيم الاعتداءات عليهم ويرسلون إلى بيتي من يحمل السكاكين لكي يقتلني ويقتل أفراد عائلتي، والصحافة الإسرائيلية صامتة لا تنبس ببنت شفة». وتوجه وزير الدولة، ديفيد أمسالم، إلى اليسار، بالقول: «إنكم أكبر محرضين علينا. إنكم قتلة. أنتم أبو العنف وأمه. تعلموا منا كيف يكون حسن الأخلاق والسلوك. طوال أربع سنوات وأنتم تحرضون على رئيس الوزراء وبعدها تتهموننا. أتعرفون لماذا؟ لأنكم لستم ديمقراطيين. غالبيتكم قادمون من أحزاب لا يوجد فيها انتخابات. لا تفهمون ما هي الديمقراطية. لذلك تحاولون فرض إرادتكم وفكركم علينا».
بالمقابل، يشير اليسار إلى عصابات اليمين التي اعتدت على المتظاهرين ضد نتنياهو، بالضرب المبرح بالعصي والقناني الزجاجية وقنابل الغاز ورشاشات غاز الفلفل.
وقد جاء هذا التراشق، على خلفية الاستمرار في تصدع الائتلاف الحكومي، وتصاعد التقديرات بأن نتنياهو، يعمل على حل الائتلاف الحكومي مع «كحول لفان»، ويسعى لتشكيل حكومة يمينية ضيقة، خصوصا في أعقاب مأزق إقرار الميزانية العامة لسنة 2020. فهو يريدها ميزانية لسنة واحدة، بينما «كحول لفان» يريدها لسنتين، حسب الاتفاق الائتلافي. ويتهمه مقربون من غانتس، بأنه يريد حكومة يمين حتى يمرر قانونا يتيح له تجميد الإجراءات القضائية ضده في تهم الفساد.
وقالت صحيفة «معريب»، أمس، إن نتنياهو يجري اتصالات حثيثة منذ أسبوعين، مع أعضاء كنيست من الكتلة البرلمانية لـ«كحول لفان»، يحاول فيها إقناعهم بترك حزبهم والانضمام إلى حكومة مقابل إغراءات وزارية سمينة. وهو يرمي إلى العودة إلى شركائه الطبيعيين من اتحاد أحزاب اليمين المتطرف «يمينا» برئاسة نفتالي بنيت، تضم الأحزاب الدينية اليهودية «شاس» و«يهدوت هتوراة» والمنشقين عن «كحول لفان». وإن لم ينجح فسيدفع نحو انتخابات جديدة. وقال مقربون من بنيت، أمس، إنه يرحب بالانضمام إلى حكومة يمينية جديدة برئاسة نتنياهو، مقابل «حزمة سخيّة» من المناصب، غير أنه والأحزاب اليمينية لا يصدقون نتنياهو ويعتقدون أنه يسعى فقط إلى انتخابات جديدة.
من جهة ثانية، نشر «صندوق بيرل كتسلزون» في تل أبيب، أمس، تقريره السنوي حول الكراهية في إسرائيل المبني على دارسة سنوية يجريها منذ خمس سنوات، وبين حقيقة اتجاهات الكراهية، اعتمادا على ما ينشر من تعليقات في الشبكات الاجتماعية. فقال إن هناك ارتفاعا مقلقا بنسبة 15 في المائة في تعليقات الكراهية في إسرائيل، بلغت في هذه السنة 4.7 مليون تغريدة، ولكن ما يميزها هو أن العرب عموما والمواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، بشكل خاص، كانوا الضحية الأولى لهذه الكراهية. فقد تم توجيه ما لا يقل عن 30 في المائة ضد العرب، يليهم على بعد مسافة كبيرة اليهود المتدينون (15.7 في المائة) ثم اليسار (13.2 في المائة) ثم اليهود الشرقيون (8.4 في المائة) ثم ضد اليهود الأشكناز الغربيين 7.9 في المائة)، ثم المثليون (7.5 في المائة) وضد اليمين (6 في المائة) وضد اللاجئين الأفريقيين (4.2) وضد اليهود الروس (3.1 في المائة) وضد المستوطنين (2.1 في المائة) وضد اليهود الفلاشا المهاجرين من إثيوبيا (1.1 في المائة).
وجاء في الدراسة، أن التعليقات شملت شتائم واتهامات وتشويه سمعة. ولكن في شهر مارس (آذار)، الذي شهدت فيه إسرائيل معركة انتخابات ثالثة، ارتفع منسوب الكراهية واتخذ طابعا أشد عنفا وزاد بنسب عالية جدا، لدرجة ورود كلمات مثل «يجب قتل» و«يجب حرق» و«يجب ضرب» و«يجب اغتصاب» وغيرها من التهديدات الخطيرة، في 68293 تعليقا.
وقالت معدة التقرير، عنات رزوليو أدلر، إن الكراهية في إسرائيل باتت تهدد كل شيء، ولكن العرب كانوا وبقوا ضحيتها الأولى. واعتبرت الحديث عن الكراهية بين اليهود، مشوها للحقيقة، إذ إن الأمر الثابت في هذه الأبحاث هو أن اليهود يكرهون العرب لدرجة خطيرة لا يجوز أن تبقى من دون حل. وقالت إن الشبكات الاجتماعية، تأثرت من القادة السياسيين، وهؤلاء يجيزون الكراهية العلنية في السنوات الأخيرة. ومع أنها رأت أن فحص النبض القومي الإسرائيلي يدل على تصاعد الكراهية بين اليهود، فإن هناك من هم مسموح بالكراهية ضدهم طول الوقت، أي العرب، خصوصا في مواسم الانتخابات. وأكدت أنه بعد تحريض نتنياهو في انتخابات أبريل (نيسان) 2019 ضد الناخبين العرب، تضاعفت الكراهية مرتين ونصف المرة.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.