«سد النهضة»: «معركة دبلوماسية» بين مصر وإثيوبيا لحشد الداعمين الدوليين

بموازاة مفاوضات شاقة يخوضها البلدان برعاية الاتحاد الأفريقي

صورة جوية لسد النهضة على النيل الأزرق الثلاثاء الماضي (أ.ب)
صورة جوية لسد النهضة على النيل الأزرق الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

«سد النهضة»: «معركة دبلوماسية» بين مصر وإثيوبيا لحشد الداعمين الدوليين

صورة جوية لسد النهضة على النيل الأزرق الثلاثاء الماضي (أ.ب)
صورة جوية لسد النهضة على النيل الأزرق الثلاثاء الماضي (أ.ب)

بموازاة مفاوضات شاقة، يرعاها الاتحاد الأفريقي، تخوض مصر وإثيوبيا «معركة دبلوماسية» حول العالم، لحشد الداعمين الدوليين، في نزاعهما بشأن «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة تأثيره على حصتها في المياه، التي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة.
وكثفت الدبلوماسية المصرية من تحركاتها في الآونة الأخيرة عربياً وغربياً وأفريقياً، للترويج لموقفها، في مواجهة ما تعبره «تعنتاً إثيوبياً». فيما تسعى إثيوبيا لحملة مضادة لكسر ما وصفته بـ«هيمنة مصر» على الرأي العالمي، واستقطاب باقي دول حوض النيل لصفّها.
وتستند مصر إلى حجج تاريخية وقانونية واسعة لإثبات أحقيتها في تأمين حصتها المائية، وضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم ينظم قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي، يقلل الأضرار المتوقعة، بحسب السفير وائل نصر، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق. وأكد السفير نصر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن استمرار مصر في المفاوضات، رغم عدم تحقيقها أي تقدم ملموس حتى الآن، يُظهر للعالم التعنت الإثيوبي، وأن مصر تسعى إلى استخدام الوسائل الدبلوماسية للحل كافة.
وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، مؤخراً، اتصالات واسعة بعدد من وزراء الخارجية حول العالم، وكذلك الكثير من أعضاء الكونغرس الأميركي بمجلسيه، النواب والشيوخ، ومن الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في إطار التواصل المستمر مع الجانب الأميركي على صعيد جميع دوائر صنع القرار والتأثير، بحسب ما أشار المُتحدث الرسمي باسم الوزارة، أحمد حافظ، الذي أوضح أن شكري استعرض في اتصالاته الرؤية المصرية لمعالجة ملف سد النهضة.
ويرعى الاتحاد الأفريقي، منذ مطلع يوليو (تموز) الحالي، مفاوضات صعبة، على أمل الوصول إلى اتفاق نهائي حول قواعد ملء وتشغيل السد. وخلال الأيام الأخيرة، تصاعد الخلاف مع إعلان إثيوبيا انتهاء المرحلة الأولى من تعبئة خزان السد.
ورغم اتهامها السابق لإثيوبيا بافتقادها الإرادة السياسية لإبرام اتفاق، تؤمن مصر بأهمية الاستمرار في المفاوضات السياسية، وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي وسائل الإعلام في بلاده، الثلاثاء الماضي، بعدم الحديث عن حل عسكري للنزاع، مؤكداً أن مصر تخوض «معركة تفاوضية ستطول».
ومن المقرر أن تعقد مصر وإثيوبيا والسودان، جلسة جديدة، يوم الاثنين المقبل، في إطار السعي نحو التوصل لحلول للنقاط العالقة الفنية والقانونية. وترفض إثيوبيا الإقرار بـ«حصة تاريخية» لمصر في مياه النيل، تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً، مؤكدة أنها جاءت بموجب «اتفاقيات استعمارية قديمة»، ولا يمكن لها أن «تكبل حقها في التنمية».
وفي إطار التحركات المقابلة، التقى نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ديميك ميكونن مع النائب البرلماني البريطاني وزير شؤون أفريقيا جيمس دودريدج، مساء أول من أمس؛ حيث أطلعه على تطورات المفاوضات الثلاثية لسد النهضة ومساهمات إثيوبيا في الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، بحسب وكالة الأنباء الإثيوبية، دون مزيد من التفاصيل.
ودعا وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشيو، خلال اجتماع عقده مؤخراً بالدبلوماسيين الإثيوبيين، إلى «تعزيز جهودهم في نشر سياسة البلاد المنصفة المعقولة»، على حد تعبيره. وانتقد الوزير المسؤول الإثيوبي ضعف الترويج لرؤية بلاده، قائلاً: «لا يزال الجهد الدبلوماسي منخفضاً في تغيير الوضع الراهن في حوض النيل بشكل فعال، والكشف عن هيمنة مصر والدعاية الكاذبة ضد حق إثيوبيا في استخدام المياه»، على حد وصفه. ووفقاً له، فإن إثيوبيا ستعيد تنشيط نهج دبلوماسي جديد، من خلال إشراك مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك الدول المشاطئة الأخرى لدول حوض النيل.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.