صحة اللثة ترتبط بخطر الإصابة بالخرف

أمراض اللثة مرتبطة بمجموعة واسعة من الحالات الصحية (أرشيف-رويترز)
أمراض اللثة مرتبطة بمجموعة واسعة من الحالات الصحية (أرشيف-رويترز)
TT

صحة اللثة ترتبط بخطر الإصابة بالخرف

أمراض اللثة مرتبطة بمجموعة واسعة من الحالات الصحية (أرشيف-رويترز)
أمراض اللثة مرتبطة بمجموعة واسعة من الحالات الصحية (أرشيف-رويترز)

من المحتمل أن يكون أي شخص يعاني من أمراض اللثة على دراية بعدم الراحة والإحراج من سوء صحة الفم، مثل رائحة الفم الكريهة والنزيف وتغير لون الأسنان وحتى فقدان الأسنان.
لكن أمراض اللثة، وخاصة الأنواع الأكثر تقدماً، يمكن أن تؤثر على ما هو أكثر بكثير من أفواهنا. ويرى أطباء الأسنان أن أمراض اللثة مرتبطة بمجموعة واسعة من الحالات الصحية، بما في ذلك أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري والخرف، مما يجعل عدم إمكانية الوصول إلى عيادات طب الأسنان خلال جائحة فيروس كورونا مصدر قلق كبير، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
ووجدت دراسة جديدة نشرت أمس (الأربعاء) في مجلة طب الأعصاب، المجلة الطبية للأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب أن هناك صلة بين مراحل أمراض اللثة، والتي يمكن أن تتسبب في نهاية المطاف في فقدان الأسنان والعظام، والضعف الإدراكي الخفيف والخرف بعد 20 عاماً.
وقال مؤلف الدراسة رايان ديمر، أستاذ مشارك في كلية الصحة العامة بجامعة مينيسوتا في مينيابوليس بالولايات المتحدة الأميركية: «لقد نظرنا إلى صحة أسنان الأشخاص على مدى 20 عاماً ووجدنا أن الأشخاص المصابين بأمراض اللثة الأكثر خطورة في بداية دراستنا لديهم ضعف خطر ضعف الإدراك أو الخرف بحلول نهاية المطاف».
*مخاطر أمراض اللثة
يظهر التهاب اللثة مع اللثة الحمراء المتورمة والحساسة التي قد تبدأ في النزيف عند تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط. إذا تُرك دون علاج، سيؤدي الضرر إلى أمراض اللثة المبكرة، حيث تتكون الجيوب التي تحتوي على الجير، واللويحات والبكتيريا في اللثة حول الأسنان، مما يتسبب في الالتهاب والتسوس وبداية فقدان العظام.
وعند هذه النقطة، قد تؤدي إجراءات تنظيف الأسنان الهامة التي يتم إجراؤها تحت التخدير، مثل تخطيط الجذر والقشور، إلى عكس المرض. أما إذا لم يتم التدخل، يتطور المرض إلى التهاب اللثة المتقدم، والذي يمكن أن يسبب تدميراً كاملاً لهيكل دعم عظام الأسنان وفقدان الأسنان في نهاية المطاف.
وتم الربط بين الأشخاص الذين يعانون من أمراض اللثة الأكثر تقدماً بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسكتة الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة ومضاعفات الحمل والخرف.
وقال ديمر عبر البريد الإلكتروني: «الميكروبيوم الفموي مركزي... فرضيتي الأساسية هي أن البكتيريا في الفم التي تسبب أمراض اللثة هي أيضاً سبب نتائج جهازية (أمراض القلب والأوعية الدموية والخرف وما إلى ذلك)». وتابع: «نستخدم تدابير اللثة في العديد من دراساتنا لأنها علامة بديلة للتعرض المزمن للبكتيريا الفموية الضارة».
وأوضح ديمر: «هناك مجموعة قوية من الدراسات تشير إلى أن التهابات اللثة المزمنة قد تساهم في مقاومة الأنسولين والتعرض لمرض السكري وحوادث السكتة الدماغية... وبناء على ذلك، فإن مقاومة الأنسولين والسكري والسكتة الدماغية هي مؤشرات قوية على التدهور المعرفي في المستقبل».
وفي حين أن نظافة الأسنان الجيدة هي «طريقة مثبتة للحفاظ على صحة الأسنان واللثة طوال حياتك»، قال ديمر إن دراسته تظهر فقط ارتباطاً بين الفم غير الصحي والخرف، ولا يمكنها إثبات أي سبب وتأثير لذلك حتى الآن. وأضاف: «هناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لتوضيح العلاقة بين الميكروبات في الفم والخرف، وفهم ما إذا كان علاج أمراض اللثة يمكن أن يمنع الخرف».
وتتبع الباحثون ما مجموعه 8.275 شخصاً لمدة 18 عاماً في المتوسط. في بداية الدراسة، تم تقييم المشاركين من أجل ضعف إدراكي وخرف معتدل وأجروا اختباراً كاملاً حول اللثة شمل قياس عمق فحص اللثة وكمية النزيف.
وبشكل عام، أصيب 1.569 شخصاً، أو 19 في المائة، بالخرف أثناء الدراسة. من الأشخاص الذين لديهم لثة صحية في بداية الدراسة، أصيب 264 من أصل 1.826. أو 14 في المائة، بالخرف بحلول نهاية الدراسة.
بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أمراض اللثة الخفيفة في البداية، أصيب 623 من 3470 أو 18 في المائة بالخرف. بالنسبة للمشاركين الذين يعانون من أمراض اللثة الحادة، 306 من 1368، أو 22 في المائة، أصيبوا بالخرف. و376 من أصل 1.611 أو 23 في المائة أصيبوا بالخرف في المجموعة التي ليس لديها أسنان.
وتناولت الدراسة العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على خطر الخرف، مثل مرض السكري وارتفاع نسبة الكوليسترول والتدخين.
*أكثر من نوع من الخرف
وقال ديمر إن تحليل مجموعة أصغر من المشاركين وجد أن أمراض اللثة مرتبطة بالزهايمر والخرف الوعائي.
ومرض الزهايمر هو الشكل الأكثر شيوعاً للخرف، والذي يتميز بفقدان الذاكرة الذي يزداد سوءاً بمرور الوقت. ويُعتقد أن سبب هذه الحالة هو تراكم لويحات أميلويد بيتا وبروتين تاو في الدماغ. وحتى الآن، لا يوجد علاج للمرض.
ويحدث الخرف الوعائي بسبب تلف الدماغ جراء ضعف تدفق الدم إلى هناك، مما قد يؤثر على الوظائف التنفيذية مثل التفكير والتخطيط والحكم والذاكرة.


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».