مصر تستعد لافتتاح أول دار إيواء لضحايا «الاتجار بالبشر»

في إطار «استراتيجية وطنية شاملة» لمكافحة الجريمة

TT

مصر تستعد لافتتاح أول دار إيواء لضحايا «الاتجار بالبشر»

وضعت الحكومة المصرية اللمسات الأخيرة لتأسيس أول دار إيواء لضحايا الاتجار بالبشر، تمهيدا لافتتاحها قريبا، بحسب السفيرة نائلة جبر، رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، أمس.
ويتسع المركز، الذي يقام في محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، لأكثر من 25 حالة، من الفتيات والنساء المتاجر بهن اللائي وقعن ضحايا لنوع معين من الاتجار. ويضم مساحات لتنفيذ خدمات صحية ونفسية وتعليمية واجتماعية اللازمة وإعادة التأهيل لتسهيل إعادة إدماجهن في مجتمعاتهن المحلية.
ويدير المركز فرع الهلال الأحمر المصري بالقليوبية، من خلال التعاون مع جميع أجهزة الدولة والمجتمع المدني لتقديم الرعاية للأطفال والفئات الضعيفة.
وتأتي الدار ضمن «استراتيجية وطنية شاملة» أطلقتها الحكومة المصرية عن الفترة من 2016 إلى 2021، لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، تتضمن إطلاق حملة إعلامية لرفع مستوى الوعي العام بالأشكال المختلفة للجريمة، وصندوق لمساعدة ضحايا الاتجار بالبشر، إضافة إلى تطوير أداء الخطوط الساخنة التابعة لكل من المجلس القومي للطفولة والأمومة، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، للتعامل مع ضحايا الاتجار.
وأصدرت اللجنة، أمس، بيانا مشتركا مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والمنظمة الدولية للهجرة، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، تحت عنوان «الضحايا في ظل ظروف الإغلاق».
وأوضح الجانبان، أن اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر يتزامن هذا العام مع استمرار جائحة فيروس كورونا (كوفيد - 19) التي أثرت سلباً على العالم بأسره، خاصة المهمشين والمجموعات المستضعفة، كما أدت إلى ظهور فئات جديدة أثر عليها تردي الظروف الاقتصادية وجعلها عرضة لصور الاستغلال كافة. وأدت التدابير الاحترازية غير المسبوقة المتبعة للسيطرة على انتشار الفيروس، إلى زيادة وجود القوات الشرطية على المنافذ الحدودية وفي الشوارع، غير أنها في المقابل دفعت العصابات الإجرامية إلى العمل في نظام أكثر سرية وخفاء وتعديل أساليبها لتتأقلم مع «الوضع الجديد» الذي أحدثته الجائحة، وفقا للبيان، ولا سيما من خلال استغلال وسائل الاتصال الحديثة.
وقالت كريستينا ألبرتين، الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا «في هذه الفترة غير المسبوقة من جائحة كوفيد - 19، نحتاج إلى تعزيز مسؤوليتنا المشتركة لحماية ضحايا الاتجار بالبشر، وهي إحدى أكثر الفئات ضعفاً»، مشددة على الحاجة إلى تعزيز منظومة العدالة وحقوق الإنسان الخاصة بالناجين من الاتجار بالبشر للتغلب على كوفيد - 19. فيما دعا لوران ديبويك، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في مصر، جميع المواطنين والمؤسسات والحكومات إلى العمل بشكل وثيق لمكافحة هذه الظاهرة غير الإنسانية.
وشددت اللجنة الوطنية المصرية ومكتب الأمم المتحدة، في البيان المشترك، على «الحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لحماية ضحايا جريمة الاتجار بالبشر ومنع استغلال المجرمين للفئات المستضعفة». ويعد أبرز أشكال الاتجار بالبشر شيوعاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو العمل القسري، بنسبة (55 في المائة)، يليه مباشرة الاستغلال الجنسي بنسبة (36 في المائة)، وفقاً للتقرير العالمي الأخير حول الاتجار بالبشر الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة عام 2018. بينما تأتي بقية أشكال الاستغلال بنسبة (9 في المائة)، بما في ذلك التسول القسري والاتجار بالأعضاء البشرية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.