يتوافد سكان قطاع غزة هذه الأيام بكثافة إلى الأسواق، عشية حلول عيد الأضحى، المناسبة المعظمة لدى المسلمين، دون فرض أي قيود على التجمعات بسبب فيروس «كورونا» المستجد كحال الضفة الغربية.
ولم تعلن السلطات الحكومية التي تديرها حركة «حماس» أي إجراءات إغلاق، ضمن تدابير مواجهة فيروس «كورونا» خلال عطلة عيد الأضحى التي من المقرر أن تبدأ بعد غد الجمعة.
ويقول المسن خليل دياب، خلال تجوله مع زوجته وثلاثة من أبنائه في منطقة الجندي المجهول وسط غزة، لوكالة الأنباء الألمانية، إن الحياة طبيعية جداً في القطاع، على النقيض من أغلب دول العالم.
ويضيف دياب: «لدينا قلق من وصول فيروس (كورونا) إلى داخل غزة؛ لكن طبيعة هذا المكان المنعزل توفر نوعاً من الحماية لنا. نرجو أن يحل عيد الأضحى بأفضل حال لنا ولكل المسلمين».
بينما تشير السيدة أم مصطفى عاشور، في الأربعينات من عمرها، إلى أنها فضلت إبقاء أطفالها في المنزل خلال تسوقها احتياجات العائلة في عيد الأضحى، لتجنيبهم مخاطر الازدحام، مؤكدة ضرورة استمرار الالتزام بالتدابير الوقائية.
وفي 18 من الشهر الجاري نفذت وزارتا الداخلية والصحة في غزة مناورة تدريبية مشتركة، تحاكي اكتشاف إصابة بفيروس «كورونا» في حي سكني مكتظ، تضمنت كيفية التعامل مع الإصابة، وإغلاق المنطقة السكنية.
وفي حينه، ذكرت وزارة الداخلية أن المناورة تمت في إطار رفع الجهوزية وزيادة الكفاءة لدى الجهات الحكومية، في التعامل مع أي تطورات بخصوص مواجهة فيروس «كورونا» في ظل ازدياد الخطورة، وتفشي الفيروس في دول الجوار.
وستتم إقامة صلاة عيد الأضحى في المساجد والساحات العامة كالمعتاد، بعد أن سجل قطاع غزة نحو 75 إصابة وحالة وفاة واحدة بفيروس «كورونا»، جميعهم من المحتجزين في الحجر الصحي لدى عودتهم من الخارج.
ويختلف ذلك عن واقع الضفة الغربية التي فرضت السلطة الفلسطينية فيها إغلاقاً شاملاً خلال عطلة عيد الأضحى، في ظل تسجيل زهاء 14 ألف إصابة بفيروس «كورونا» و80 حالة وفاة.
ورفعت سلطات «حماس» قيود إغلاق المتنزهات العامة والمطاعم منذ يونيو (حزيران) الماضي، وبناء على ذلك يستعد سكان غزة بشكل شبه عادي لحلول عيد الأضحى، مع التزام قلة منهم بوضع الكمامة في الأسواق والمراكز التجارية.
وتتسم الحركة في مختلف أسواق غزة بالاحتشاد هذه الأيام؛ لكن التجار يشتكون من ضعف في حركة البيع، في ظل واقع من الركود الاقتصادي ضاعفته أزمة فيروس «كورونا» وتراكم سنوات الحصار الإسرائيلي.
ويقول محمد الشرفا، صاحب متجر لبيع الملابس الجاهزة في شارع عمر المختار الرئيسي، إن حركة الإقبال على الأسواق كبيرة؛ لكن المشترين أعدادهم محدودة.
ويضيف الشرفا أنه باع نحو 30 في المائة من بضاعته التي جهزها لموسم العيد، مشيراً إلى أن «الناس تبحث عن أولويات احتياجاتها، في ظل قلة الحيلة لدى أغلبهم وارتفاع معدلات البطالة».
وشاركه الرأي الشاب خالد عليان الذي يتجول في سوق الزاوية الشعبي لبيع الكعك وحلوى العيد، ويظهر خيبته من تدني معدلات البيع قائلاً: «إن أغلب الزبائن يسألون عن السعر ولا يشترون».
وقال تقرير صدر حديثاً عن غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة، إن القطاع دخل في الرمق الأخير من مرحلة الموت السريري، ويعاني أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية وإنسانية خلال عقود.
وأبرز التقرير التداعيات الجسيمة لاستمرار تشديد الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007، واستمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي منذ ذلك الوقت. كما أشار إلى تداعيات أزمة مرض فيروس «كورونا» الجديد «التي عمقت من الأزمات الاقتصادية في غزة، نتيجة لتوقف العجلة الاقتصادية، وتوقف الإنتاجية في بعض الأنشطة الاقتصادية، وانخفاضها بنسب متفاوتة في مختلف الأنشطة».
ويقول الخبير الاقتصادي من غزة ماهر الطباع، إن القطاع الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة، يعاني من أزمات عديدة، على رأسها ارتفاع معدلات البطالة التي بلغت 46 في المائة خلال الربع الأول من عام 2020، ما يجعل معدلات البطالة في القطاع الأعلى عالمياً.
ويشير الطباع إلى ارتفاع معدل الفقر بين سكان قطاع غزة، وفقاً لأنماط الاستهلاك الحقيقية، ليصل إلى 53 في المائة، بينما بلغ معدل الفقر المدقع 8.33 في المائة، في تعبير عن حدة تدهور الأوضاع المعيشية.
ويوضح أن أسواق غزة متأثرة بشدة من ضعف شديد بالقدرة الشرائية للسكان، وهو ما ساهم في ارتفاع حاد في حجم الشيكات المرتجعة، وألقى بآثاره السلبية على حركة دوران رأس المال، وأحدث إرباكاً كبيراً في كافة الأنشطة الاقتصادية.
وانعكس واقع التدهور الاقتصادي على أسواق بيع المواشي في غزة التي سجلت تدنياً في إقبال الزبائن، رغم توفر أنواع مختلفة من الأضاحي وبأسعار أقل من الأعوام الماضية بحسب التجار.
وقال تاجر بيع المواشي إسماعيل الغلبان، إن عدداً محدوداً من السكان سيبادر بالأضحية هذا العام بسبب المصاعب الاقتصادية، وهو ما يكبدهم خسائر كبيرة.
وأعلنت وزارة الزراعة في غزة أن مزارع القطاع يتوفر فيها 12 ألف عجل، وحوالي من 25 إلى 30 ألف رأس من الأغنام، بما يفي حاجة القطاع.
وتشكل الأضحية بالنسبة لغالبية العائلات في قطاع غزة المحاصر عبئاً مالياً لا يستهان به، بحيث تستعيض معظمها عن لحوم المواشي بالدواجن لتوفير وجبة العيد لأفراد الأسرة.
قطاع غزة يستقبل عيد الأضحى دون قيود «كورونا»
قطاع غزة يستقبل عيد الأضحى دون قيود «كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة