«الموجة الثانية» من «كوفيد ـ 19» تقلق أوروبا

الخلاف «السياحي» يشتد بين الإسبان والبريطانيين... وتشديد ألماني على تطويق الفيروس

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على دراجة هوائية أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على دراجة هوائية أمس (أ.ب)
TT

«الموجة الثانية» من «كوفيد ـ 19» تقلق أوروبا

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على دراجة هوائية أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على دراجة هوائية أمس (أ.ب)

وصف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز، قرار الحكومة البريطانية إخضاع الوافدين من إسبانيا للحجر الصحي، بأنه «غير متوازن»، وأكّد أن حكومته ستواصل التفاوض مع لندن لإقناعها بالعدول عن هذا القرار، أو، في أقل تقدير، استثناء بعض المناطق مثل جزر الباليار والكناري. لكن مدير مركز الطوارئ الصحية فرناندو سيمون، قال، من ناحيته، «إن القرار البريطاني خبر سار لأنه يعفينا من مواجهة مخاطر إضافية»، في إشارة إلى أن السيّاح البريطانيين قد يحملون معهم حالات من الإصابة بفيروس «كورونا».
وعلى رغم الانتقادات الحكومية الإسبانية، دافع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، عن قرار حكومته المثير للجدل في خصوص حجر كل المسافرين القادمين من إسبانيا، محذراً من «موجة ثانية» للفيروس في أوروبا.
وأصر جونسون على أنّ المملكة المتحدة اتخذت تدابير «سريعة وحاسمة» خلال عطلة نهاية الأسبوع لفرض حجر صحي لمدة 14 يوماً على كل شخص يدخل البلاد من إسبانيا، وهي إحدى أبرز الوجهات السياحية بالنسبة للبريطانيين، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وتمسك جونسون خلال زيارته لمدينة نوتنغهام بمنطقة ميدلاندز (وسط إنجلترا) بأنّ الإجراء صحيح.
وقال: «ما ينبغي أن نفعله هو اتخاذ تدابير سريعة وحاسمة حيثما نظن أن المخاطر تتصاعد مجدداً». وتابع: «لنكن واضحين تماماً حول ما يحدث في أوروبا. بين بعض أصدقائنا الأوروبيين، أخشى أننا بدأنا برؤية إشارات في بعض الأماكن إلى موجة ثانية للجائحة». لكنّه أشار في شكل ما إلى إمكان تخفيف فترة الحجر الصحي. إذ قال، رداً على سؤال عن إمكان فرض الحجر الصحي لمدة 10 أيام عوضاً عن 14 يوماً، إنّ حكومته تدرس سبل «تخفيف أثر» الحجر.
وفرضت الحكومة البريطانية القرار في أعقاب الزيادة الأخيرة لحالات الإصابة بـ«كورونا» في إسبانيا.
وفرضت النرويج تدابير مماثلة، فيما حضّ رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس، «بقوة» مواطنيه على تفادي الذهاب إلى شمال شرقي إسبانيا المنطقة الأكثر تضرراً في البلاد. بدورها، أعربت ألمانيا عن «بالغ قلقها» إزاء الارتفاع الكبير في الإصابات.
وكان لقرار الحكومة البريطانية، تحديداً، وقع الصدمة في الأوساط الإسبانية، خصوصاً في القطاع السياحي الذي يعتمد بشكل أساسي على السيّاح البريطانيين، ويشكّل 15 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. فبعد التفاؤل الذي أعربت عنه الحكومة الإسبانية في الساعات الأولى بأن توافق بريطانيا على اقتراحها بإقامة معابر آمنة مع الجزر التي تستقطب القسم الأكبر من السيّاح البريطانيين، صدر عن وزارة الخارجية البريطانية بيان يدعو البريطانيين إلى تحاشي السفر إلى جميع الأراضي الإسبانية، إلا في حالات الضرورة القصوى، مشيراً إلى زيادة الإصابات بـ«كوفيد - 19» في العديد من الأقاليم الإسبانية، خصوصاً في آراغون ونافارّا وكاتالونيا.
وفيما أعرب مسؤولون إسبان عن استغرابهم لهذا القرار الذي يشكّل ضربة قاسية جداً للقطاع السياحي، رأى البعض في رفض السلطات البريطانية التجاوب مع الطلب الإسباني استثناء الجزر من القرار تخوّفاً من أن يشكّل ذلك سابقة تستند إليها دول أخرى كي تطالب بفرض الحجر الصحي على مناطق معيّنة. وكانت السلطات الإسبانية قد ذكّرت بتوصيات منظمة الصحة العالمية والمركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة بأن تقييد حركة التنقّل بين الدول المجاورة لا يجدي في احتواء الوباء بقدر ما تجدي تدابير الوقاية والتباعد وتعميم الفحوصات وتتبّع الإصابات المؤكدة.
وكان للقرار البريطاني وقع المفاجأة أيضاً بين السيّاح البريطانيين الموجودين بأعداد كبيرة في إسبانيا، ورأى بعضهم فيه «خدعة سخيفة» من رئيس الوزراء بوريس جونسون لدفع البريطانيين إلى تمضية عطلتهم الصيفية داخل البلاد، فيما انتقدت غالبيتهم التسرّع في الإعلان عنه، وعدم إمهالهم الوقت الكافي لترتيب أوضاعهم. وتساءل آخرون كيف ستتمكّن الحكومة من مراقبة العائدين بأنهم يلتزمون الحجر الصحي في منازلهم إذا كانت عاجزة عن فرض استخدام الكمّامات في المتاجر. وردّت السلطات البريطانية، من جهتها، بأن معيار الصحة العامة هو الوحيد الذي استندت إليه عند اتخاذ القرار.
ومع تراجع أسعار البورصة بسبب مفاعيل القرار البريطاني، تواجه إسبانيا تراجعاً آخر في الترتيب العالمي لسمعة الدول وصورتها في الخارج وثقة الآخرين بها. ويأتي هذا التراجع بعد الانتكاسة الأولى التي أصابت صورة إسبانيا في الخارج إثر الأزمة المالية عام 2008 وما نشأ عنها من تداعيات اقتصادية واجتماعية، أعقبتها انتكاسة ثانية في عام 2017 بسبب الأزمة الانفصالية في كاتالونيا، وثالثة في الربيع الفائت مع تفاقم أزمة «كوفيد - 19» والدعوات التي وجهتها حكومات عديدة بعدم السفر إلى المناطق الأكثر تضرراً من الوباء.
ومع ارتفاع عدد الإصابات الجديدة في برشلونة التي تستعدّ للعودة إلى العزل التام إذا لم يطرأ تحسن ملموس على الوضع الوبائي قبل نهاية هذا الأسبوع، طلبت الحكومة الإقليمية الكاتالونية من البلديات عدم تخصيص أمكنة عامة للاحتفال بعيد الأضحى كما كان يحصل سابقاً في المناطق التي تعيش فيها جاليات مسلمة مهاجرة، وفرضت على المسالخ عدم تسليم الأضاحي إلى الأفراد بل إلى الجزّارين المعتمدين.
وفي برلين، أفادت وكالة الأنباء الألمانية بأن معهد «روبرت كوخ» الألماني ناشد المواطنين الالتزام بالقواعد السلوكية المتمثلة في التباعد الاجتماعي والحفاظ على نظافة الأيدي، وارتداء الكمامات في أعقاب زيادة حالات الإصابة بـ«كورونا» مجدداً في أنحاء ألمانيا. وأكد رئيس المعهد لوتار فيلر في برلين، أمس (الثلاثاء)، أن التطور يثير القلق، مؤكداً أنه يجب حالياً الحيلولة دون انتشار الفيروس مجدداً بشكل سريع وخارج عن السيطرة. وقال فيلر: «لن نحقق ذلك إلا معاً»، مضيفاً أن هناك أشخاصاً صاروا يتسمون بالتهاون، وأشار في ذلك إلى مشاركة الآلاف في حفلات صاخبة.
وعما إذا كان الأمر يتعلق حالياً ببداية موجة ثانية محتملة، أكد رئيس معهد «روبرت كوخ» أن الأمر قد يكون كذلك، ولكن لم يتم تحديد ذلك بعد.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.