«الفساد» يقود رئيس وزراء ماليزيا السابق إلى السجن

القاضي وافق على إرجاء تنفيذ الحكم شرط حضوره إلى قسم شرطة مرتين شهرياً

نجيب رزاق يتحدث إلى الصحافيين بعد إدانته في المحكمة أمس (د.ب.أ)
نجيب رزاق يتحدث إلى الصحافيين بعد إدانته في المحكمة أمس (د.ب.أ)
TT

«الفساد» يقود رئيس وزراء ماليزيا السابق إلى السجن

نجيب رزاق يتحدث إلى الصحافيين بعد إدانته في المحكمة أمس (د.ب.أ)
نجيب رزاق يتحدث إلى الصحافيين بعد إدانته في المحكمة أمس (د.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء الماليزي السابق، نجيب رزاق، أمس، أنه سيستأنف على حكم الإدانة الصادر ضده في تهم الفساد الموجهة إليه، حيث أدانته محاكمته الأولى في فضيحة مرتبطة بالصندوق السيادي «1 برهاد ماليزيا للتنمية» المعروف اختصاراً بـ«1إم دي بي». ويواجه المسؤول السابق البالغ من العمر 67 عاماً عقوبة السجن لمدة 12 سنة في هذه القضية التي اُتهم فيها والمقرّبون منه بنهب ملايين الدولارات من صندوق الاستثمار الحكومي «1 برهاد ماليزيا للتنمية» في عملية احتيال ضخمة تجاوزت حدود ماليزيا.
وقالت وكالة «رويترز» للأنباء إن القاضي قَبِل طلباً قدمه محامو نجيب بإرجاء تنفيذ حكم السجن والعقوبة المالية، لكنه طلب من نجيب دفع كفالة إضافية والحضور إلى قسم للشرطة مرتين شهرياً.
ويُشتبه بأن الأموال المسروقة استُخدمت في تمويل فيلم «ذي وولف أوف وول ستريت» من بطولة ليوناردو دي كابريو، بينما تورّط مصرف «غولدمان ساكس» كذلك في الفضيحة. ولعب الغضب الذي أثارته عملية النهب دوراً كبيراً في خسارة ائتلاف نجيب المفاجئة في الانتخابات التي جرت قبل عامين بعدما ترأس الحكومة منذ عام 2009. ويعد الحكم اختباراً لقوة دولة القانون في ماليزيا، حيث استعاد حزب رزاق السلطة في مارس (آذار) بعد سقوط ائتلاف إصلاحي. ويخشى البعض من أن تؤثر عودة الحكم إلى حزب رزاق على نتيجة هذه المحاكمة.
وأصدرت المحكمة العليا في كوالالمبور، بعد ستة عشر شهراً من فتح القضية، حكمها في هذه القضية الأولى التي تتركز على تحويل 42 9,9 مليون دولار من وحدة «إس آر سي إنترناشونال» التي كانت تابعة لـ«1إم دي بي» إلى حسابات نجيب المصرفية، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقد أصر نجيب على نفي هذه الاتهامات.
إلا أن القاضي محمد نزلان محمد غزالي استعرض بدقة صباح أمس، جميع الأدلة التي بحوزته وأعلن عن إدانته بسبع تهم تتعلق بإساءة استخدام السلطة وسوء الأمانة وغسل الأموال.
وأعلن القاضي «بعد فحص جميع الأدلة في هذه القضية، أرى أن النيابة دعمت ملفها بنجاح». وبعد قراءة الحكم، بقي نجيب رزاق هادئاً خافضاً رأسه، بينما في الخارج ردد المئات من أنصاره الذين استقبلوه لدى وصوله إلى المحكمة هتافات التأييد له.
ومن المتوقع أن يتفادى نجيب احتجازه في الوقت الراهن بسبب فرصة الاستئناف. وستؤدي إدانته إلى استبعاده من شغل أي وظيفة رسمية لسنوات عديدة. وأظهره فريق الدفاع كضحية بينما سعى لتصوير المستثمر لو تايك جو على أنه المخطط. وكان الأخير شخصية أساسية في إطار الفضيحة ووجّهت له تهم في الولايات المتحدة وماليزيا.
ويصر لو، الذي لا يزال مكانه غير معروف والملاحَق في ماليزيا وفي الولايات المتحدة، على براءته، عبر محاميه. واعتبرت المحكمة فرضية وقوع نجيب ضحية لو «غير مقنعة».
وعاد حزبه «المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة» إلى السلطة في مارس في حكومة ائتلافية بعد انهيار التحالف الإصلاحي لمهاتير محمد. ومنذ ذلك الحين، وخلافاً لجميع التوقعات، أُسقطت التهم عن رضا، ابن زوجة نجيب، وأحد منتجي فيلم «ذي وولف أوف وول ستريت» الهوليوودي، كجزء من اتفاق مع النيابة العامة.
وبعد شهر، أُسقطت كذلك تهم الفساد وغسل الأموال التي كانت موجهة لموسى أمان، حليف نجيب. لكن القضية التي يواجهها ليست الأهم أمام التهم الموجهة إليه بالحصول بشكل غير مشروع على 535 مليون دولار من «1إم دي بي». وأطلقت وزارة العدل الأميركية التحقيق الخاص بها بعد الاشتباه بأنه تم غسل الأموال العامة الماليزية عبر المنظومة المالية في الولايات المتحدة، معتبرة أنه تمت سرقة أكثر من 4,5 مليار دولار من «1إم دي بي» من مسؤولين كبار في الصندوق ومقرّبين منهم.
واتهمت ماليزيا مصرف «غولدمان ساكس» وعدداً من مسؤوليه لمساعدتهم في ترتيب إصدار سندات بقيمة 6,5 مليار دولار من صندوق الدولة السيادي «1 إم دي بي». لكن ماليزيا أبرمت الجمعة، اتفاقاً مع المصرف حصلت بموجبه على 3,9 مليار دولار لإسقاط الدعاوى القضائية ضد عملاق وول ستريت.



بايدن يزور أفريقيا للترويج لمشروع ينافس نفوذ الصين

TT

بايدن يزور أفريقيا للترويج لمشروع ينافس نفوذ الصين

الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأنغولي جواو لورنكو بالبيت الأبيض في 30 نوفمبر 2023 (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأنغولي جواو لورنكو بالبيت الأبيض في 30 نوفمبر 2023 (رويترز)

يفي جو بايدن قبل انتهاء ولايته بوعد قطعه بزيارة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال فترة رئاسته، عبر التوجه هذا الأسبوع إلى أنغولا في زيارة تهدف إلى تأكيد الطموحات الأميركية في هذه القارة بمواجهة الاستثمارات الصينية الزائدة. ويصل الرئيس الأميركي المنتهية ولايته إلى لواندا، الاثنين، في زيارة تستمر حتى الأربعاء، قبل أن يخلفه دونالد ترمب في البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني). وكان من المقرر أن يقوم الرئيس الديمقراطي، البالغ عمره 82 عاماً، بهذه الزيارة في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه اضطر إلى إلغائها بسبب إعصار ضرب ولاية فلوريدا.

زيارة غير مسبوقة

وستكون هذه أول زيارة لرئيس أميركي إلى البلد النفطي المطل على المحيط الأطلسي. وقال مسؤول أميركي كبير، في حديث مع صحافيين إن «هذه الخطوة ليست متأخرة ولا من دون مغزى»، مضيفاً: «أعتقد بأنه بعدما بقينا سنوات خارج اللعبة، أعادنا الرئيس بايدن إليها». وسيبحث بايدن في لواندا استثمارات أميركية مختلفة في المنطقة، بدءاً بمشروع ضخم للسكك الحديدية يُعرف بـ«ممر لوبيتو»، يربط ميناء لوبيتو الأنغولي بجمهورية الكونغو الديمقراطية، مع خط يتفرع عنه ويصل إلى زامبيا. والمشروع الممتد على مسافة 1300 كيلومتر، ويُنفذ بتمويل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سيشكل رابطاً استراتيجياً بين الميناء ومناجم الكوبالت والنحاس المعدنين الأساسيين لصنع منتجات التكنولوجيا المتطورة، ولا سيما بطاريات الجوالات الذكية، ويصفه بايدن بـ«أكبر استثمار أميركي في السكك الحديدية في أفريقيا على الإطلاق». وسيلتقي بايدن رئيس أنغولا جواو لورنكو، ويلقي كلمة يتناول فيها الصحة العامة والزراعة والتعاون العسكري، والحفاظ على الإرث الثقافي. وقال هيتور كارفالو، الخبير الاقتصادي في جامعة «لوسيادا» في لواندا، إنه «رغم أن الرئيس بايدن شارف على الخروج من البيت الأبيض، فإنه سيمثل الولايات المتحدة بكل ما لديها من وزن جيو - سياسي وجيو - اقتصادي»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحضت منظمات حقوقية بايدن على طرح مسألة سجل أنغولا على صعيد حقوق الإنسان خلال زيارته. وقد أفادت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته مؤخراً، بأن الشرطة الأنغولية «قتلت ما لا يقل عن 17 متظاهراً، بينهم قاصر في سياق حملة القمع» التي تمارسها ضد المعارضة. كما حضت «منظمة العفو» بايدن على أن يطلب من حكومة أنغولا «الإفراج فوراً عن خمسة معارضين معتقلين بصورة اعتباطية منذ أكثر من سنة». وقال المسؤول الأميركي بهذا الصدد إن بايدن «لم يتهرب يوماً من تناول التحديات المطروحة على الديمقراطية، ومن التزامه حيال الديمقراطية».

نفوذ الصين

يسعى بايدن لتأكيد الطموحات الأميركية في أفريقيا بوجه النفوذ الصيني المتنامي. وقال المسؤول للصحافيين إن الحكومات الأفريقية تبحث عن بديل للاستثمارات الصينية، في ظل ما تتضمنه من عواقب، ولا سيما «العيش في ظل ديون فادحة لأجيال». ويبلغ دين أنغولا تجاه الصين 17 مليار دولار، ما يشكل نحو 40 في المائة من إجمالي ديون البلد.

ويبدو أن لورنكو أيضاً يسعى لتنويع شراكات بلاده خارج الصين وروسيا. وفي هذا السياق، صوتت أنغولا في 2022 لصالح قرار في الأمم المتحدة يندد بالغزو الروسي لأوكرانيا. وعلقت سيزالتينا أبرو، عالمة الاجتماع في جامعة «أنغولا الكاثوليكية»، أن زيارة بايدن تُشكل بالتأكيد بالنسبة لرئيس أنغولا «تحقيقاً لحلمه بأن يكون هو من جاء بأول رئيس أميركي إلى أنغولا». لكن من غير المعروف إن كانت الاستثمارات الأميركية في أفريقيا ستستمر في عهد ترمب. وقالت أبرو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إن أبدى ترمب اهتماماً بأفريقيا وأنغولا مماثلاً لما أبداه في ولايته الأولى، فستشهد البرامج التي أطلقها بايدن انتكاسة». لكن أليكس فاينز، الباحث في معهد «تشاتام هاوس»، أكد أن على الرئيس المنتخب أن يتنبه إلى أن «أمام أنغولا ودول أخرى مثلها، شركاء كثر يمكنها الاختيار بينهم، في عالم يشهد منافسة زائدة من أجل الوصول إلى موارد أفريقيا الحيوية».