إضراب المهن الصحية الفلسطينية اليوم

احتجاجاً على «سلطة النقد» وغضباً من غرامات وفوائد

TT

إضراب المهن الصحية الفلسطينية اليوم

أعلنت نقابة المهن الصحية إضراباً لكافة العاملين في القطاع الصحي الفلسطيني، اليوم، باستثناء الطواقم العاملة في مكافحة ومعالجة فيروس كورونا، في أول خطوة عملية من النقابات الغاضبة ضد إدارة الشأن المالي في السلطة الفلسطينية.
وقال أسامة النجار، رئيس نقابة المهن الصحية، إن «الإضراب ضد سياسة إذلال الموظفين». وأضاف لشبكة إذاعات محلية: «ليس إضراباً لعدم صرف رواتب موظفي القطاع العام، وإنما جاء رفضاً لسياسات البنوك المدعومة من سلطة النقد الفلسطينية». وتابع: «نحن مِن يقف بخط المواجهة الأول، لكن للأسف قُوبلنا بالنكران».
وشن النجار هجوماً لاذعاً على وزارة المالية وسلطة النقد والبنوك، متهماً إياها «بممارسة سياسة القهر والإذلال للموظفين». وطالب رئيس نقابة المهن الصحية، الحكومة، بأن «يمونوا» على سلطة النقد، وأن «نرى شيئاً واضحاً وصريحاً من وزارة المالية وسلطة النقد وتفسيرات على ما يجري مِن غرامات وفوائد».
وجاءت خطوة نقابة المهن الصحية في وقت تعجز فيه السلطة عن دفع رواتب موظفيها، فيما تحصّل البنوك قروضها وفوائد تأخير عمولات بدل الشيكات الراجعة من الموظفين، على الرغم من وعودات الحكومة بحل المسألة.
وشكلت إجراءات سلطة النقد عامل ضغط إضافياً على الوضع المعيشي المتراجع في الأراضي الفلسطينية. وفقد الكثير من العمال مصدر رزقهم منذ بداية تفشي فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية بداية مارس (آذار) الماضي، وتراكمت التزامات ومديونيات عالية على التجار، قبل أن تعجز السلطة عن دفع رواتب موظفيها الذين أضيفوا إلى القطاعات المتضررة.
وتظاهر محتجون ضد سياسات السلطة أكثر من مرة، وأدت مواجهات حول ضرورة إغلاق المحال التجارية أو فتحها، إلى إصابات وقتلى كذلك. وعزز الوضع الحالي من التباطؤ في الاقتصاد الفلسطيني، الذي كان يعاني قبل الجائحة من الخلاف السياسي بين السلطة وإسرائيل، الذي أدى إلى توقف الأولى عن تلقي أموال الضرائب. وتعتمد السلطة الفلسطينية في إيراداتها، إضافة إلى الضرائب، على المنح والمساعدات والقروض المحلية والخارجية، وجميعها تراجع بسبب انشغال العالم بفيروس «كورونا».
وقالت أرقام وزارة المالية، إن دخل السلطة انخفض إلى 80 في المائة في الشهرين الأخيرين. والإضراب المنتظر، اليوم، جاء بعد بيان للمجلس التنسيقي للاتحادات والنقابات المهنية والقطاعية في فلسطين، طالب الحكومة بوقف (تغول) سلطة النقد ومحافظها، ومنعهم من فرض سلطتهم وقراراتهم البعيدة عن أرض الواقع.
ورفض المجلس التنسيقي للاتحادات والنقابات، خلال بيانه، بشكل قاطع، إضافة أي عمولات أو فوائد على الموظفين، بغض النظر إن كانت عمولات شيكات مرتجعة، أو عمولات وفوائد جاري مدين موقت أو أي شيء آخر. وأعلن رفضه للتعليمات الجديدة لسلطة النقد، معتبراً إياها بمثابة تشريع لقرصنة البنوك، وتشريع لتعظيم أرباحها على حساب الموظف والمواطن وصموده. كما طالب سلطة النقد، بإعادة ما تم خصمه على الموظفين منذ إعلان حالة الطوارئ في البلاد، من عمولات وفوائد على الدفعات والقروض والشيكات، ووقف التصنيف الائتماني على الشيكات المرتجعة الخاصة بالمتضررين، وتجميد العمولات عليها. وطالبوها أيضاً بتأجيل أقساط البنوك على المقترضين من الموظفين بدون أي فوائد، مهما كانت، إلى حين إنهاء الأزمة المالية وإعادة انتظام صرف الرواتب.
رئيس الوزراء محمد أشتية، رد بقوله، إنه تم الاتفاق مع محافظ سلطة النقد على إلغاء كامل الغرامات المترتبة على الشيكات الراجعة، وإنه لن يخصم أي مبلغ (سواء دفعات قروض أو غرامات) من الراتب، لكن الموظفين فوجئوا بخصومات وتحصيل قروض كذلك. وهاجم موظفون عبر مواقع التواصل الاجتماعي السياسة المالية للحكومة، في وقت يشكو فيه أيضاً العمال والتجار من قطع أرزاقهم وكساد غير مسبوق، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة المشكلات في الأراضي الفلسطينية، التي أدت إلى قتلى وجرحى واشتباكات خلال الأسابيع الأخيرة.


مقالات ذات صلة

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.