الطاقة النووية... باب للتعافي الاقتصادي بعد «كورونا»

آفاق هائلة في الشرق الأوسط

بإمكان الطاقة النووية أن تلعب دوراً حاسماً في فترة تعافي الاقتصاد من تداعيات «كورونا» (رويترز)
بإمكان الطاقة النووية أن تلعب دوراً حاسماً في فترة تعافي الاقتصاد من تداعيات «كورونا» (رويترز)
TT

الطاقة النووية... باب للتعافي الاقتصادي بعد «كورونا»

بإمكان الطاقة النووية أن تلعب دوراً حاسماً في فترة تعافي الاقتصاد من تداعيات «كورونا» (رويترز)
بإمكان الطاقة النووية أن تلعب دوراً حاسماً في فترة تعافي الاقتصاد من تداعيات «كورونا» (رويترز)

يتزايد الاهتمام بصناعة الطاقة على خلفية أزمة «كورونا»، التي وجهت ضربة موجعة بما في ذلك لهذا القطاع، الأمر الذي دفع كثيرين إلى الحديث عن دور الطاقة الذرية في هذه المرحلة. وكانت أغنيتا ريزينغ، رئيسة «الجمعية النووية العالمية»، دعت الحكومات إلى دعم القطاع النووي، وصناعة الطاقة الذرية، ورأت أنها يمكن أن تسهم في جعل العالم في مرحلة ما بعد الجائحة أقوى وأنظف وأكثر استدامة من أي وقت مضى. وفي كلمة خلال اجتماع وزاري حول جذب الاستثمارات في أنظمة الطاقة الآمنة والمستدامة، نظمته الوكالة الدولية للطاقة النووية والحكومة البريطانية قبل فترة، عبرت ريزينغ عن قناعتها أنه «بإمكان الطاقة النووية أن تلعب دوراً حاسما في فترة تعافي الاقتصاد من تداعيات الجائحة، عبر توفير فرص عمل ودعم تطوير بنية تحتية ثابتة ومنخفضة الكربون ومجدية اقتصاديا في قطاع صناعة الطاقة الكهروذرية».
وتشير دراسات - كما تؤكد التجربة العملية - إلى أن تنفيذ المشاريع النووية عالية القدرة يحفز النمو الاقتصادي ويعيد الأموال المستثمرة فيها إلى ميزانية الدولة، حتى في مرحلة البناء، وذلك بفضل توطين المعدات اللازمة والعمل. وعلى المدى الطويل، يجذب بناء محطة طاقة نووية عالية القدرة، الاستثمارات في تطوير بنية تحتية مستدامة وفعالة للطاقة ويسهم في تطوير القطاعات التكنولوجية ذات الصلة والصناعات المحلية وحركة النقل، فضلا عن التأثير الإيجابي لتلك المشروعات على سوق العمل، وتحفيز تطوير برامج تعليمية جديدة في التخصصات التقنية المطلوبة لإعداد كوادر مؤهلة ذات الكفاءات العالية. وهذا ما يبرر الاهتمام المتزايد من جانب عدد كبير من الدول في بناء محطات للطاقة النووية.
وتتوفر لدى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إمكانات هائلة للاستفادة من التكنولوجيا النووية في سبيل استعادة نموها الاقتصادي، فضلا عن تحقيق التنمية المستدامة في المجالات التي تحسن نوعية حياة المواطن مثل الطب وتحلية المياه والبحث العلمي وغيرها. وشهدت السنوات الأخيرة تنشيطا للتعاون بين روسيا ودول المنطقة في هذا المجال. في هذا الصدد أشار ألكسندر فورونكوف، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وكالة الطاقة الروسية «روساتوم» إلى أن «التعاون بين الوكالة ودول المنطقة يمتد تاريخه عدة عقود»، وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، لفت فورنوكوف إلى «مشروعين لبناء محطتي طاقة نووية عاليتي القدرة ننفذهما حاليا في مصر وتركيا»، وقال إن «روساتوم تشارك كذلك في الحوار التنافسي حول تشييد محطة طاقة نووية في السعودية». وعبر عن قناعته بأنه «في الظروف المضطربة الراهنة التي يمر بها قطاعا الطاقة والاقتصاد، تحظى صناعة الطاقة النووية بأهمية استراتيجية خاصة أن المشاريع التي يتم تطويرها في هذا المجال هي مشاريع بنيوية كبيرة تضمن استقرارا في مجال الطاقة لعقود طويلة وتفتح آفاقا جديدة للتنمية الاقتصادية والصناعية والاجتماعية أمام البلاد».
في غضون ذلك برزت جلية خلال أزمة «كورونا» فوائد استخدام التكنولوجيا النووية في قطاع الرعاية الصحية، الذي يحمل أبعادا اجتماعية واقتصادية، وباتت تلك التكنولوجيا مطلوبة الآن بصورة خاصة في هذا القطاع، وستصبح لاحقا مصدراً للاستثمار والتطور التقني والطاقة المستدامة النظيفة. وكان هذا الجانب موضوعا رئيسيا توقف عنده ديميتري فيسوتسكي، نائب مدير المشروعات في مراكز العلوم النووية التابعة لشركة «روساتوم أوفرسيز» من مجموعة «روساتوم»، وقال في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن «التكنولوجيا النووية تُستخدم منذ فترة طويلة وبنجاح في الطب النووي لتشخيص مختلف الأمراض وعلاجها وبينها الأمراض السرطانية وأمراض القلب والأعصاب».
وأصبحت الاستفادة من التكنولوجيا النووية في القطاع الصحي أكثر أهمية، مع تفشي جائحة «كورونا» التي فرضت حاجة ملحة بالتعقيم والتطهير، وهو ما يدل عليه ارتفاع الطلب على نشاط الشركات العاملة في هذا المجال، لا سيما التعقيم باستخدام التكنولوجيا النووية. وكانت الوكالة الدولية للطاقة النووية، أرسلت معدات طبية إلى أكثر من 40 دولة حول العالم للكشف عن فيروس «كورونا» باستخدام التكنولوجيا النووية. وفي أبريل (نيسان) 2020 تسلمت عشرات المختبرات في دول أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، أول دفعة من تلك المعدات بقيمة حوالي 4 ملايين يورو. وقال فيسوتسكي في هذا الصدد، إن «البلدان التي تتوفر لديها مثل هذه التقنيات واكتسبت الخبرة في تطبيقها، تتمتع بمنافع هامة يمكن الاستفادة منها في مكافحة وباء (كوفيد - 19)».
وبصورة عامة أكد فيسوتسكي أنه «بإمكان روساتوم مساعدة المنطقة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية في مجالات أخرى بدءا من الطب والزراعة ووصولا إلى الأبحاث العلمية والحلول التطبيقية، إضافة إلى تنفيذ مشاريع الطاقة مثل بناء محطات طاقة نووية حديثة عالية ومنخفضة القدرة». وقال: «مستعدون لدعم شركائنا العرب في أي مرحلة من مراحل تنفيذ البرنامج النووي»، وأوضح أنه لهذا الغرض خصيصا تم وضع «نسخة مصغرة» من مراكز العلوم النووية والتكنولوجيا يمكن تكييفها ودمجها بسرعة طبقا للخصائص القطرية والإقليمية للشريك المحدد.



«حمى المضاربة» على الأسهم الصينية تشتعل رغم «مخاوف ترمب»

مشاة وسط العاصمة الصينية بكين يمرون أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ف.ب)
مشاة وسط العاصمة الصينية بكين يمرون أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ف.ب)
TT

«حمى المضاربة» على الأسهم الصينية تشتعل رغم «مخاوف ترمب»

مشاة وسط العاصمة الصينية بكين يمرون أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ف.ب)
مشاة وسط العاصمة الصينية بكين يمرون أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ف.ب)

تشتعل حمى المضاربة في الأسهم الصينية وتلفت انتباه بعض الصناديق العالمية، التي تعتقد أن حركة الأموال المحلية تستحق المتابعة في قطاعات السوق المحمية من الرسوم الجمركية، ومن المرجح أن تستفيد من التعافي الاقتصادي في نهاية المطاف.

وأطلقت سلسلة من تعهدات التحفيز الاقتصادي من جانب الصين في سبتمبر (أيلول) الماضي العنان لأكبر ارتفاع في «أسهم هونغ كونغ» خلال نحو 30 عاماً، وأرسلت أسهم البر الرئيسي إلى أعلى مستوياتها في عامين.

ولكن الافتقار اللاحق إلى الإنفاق الضخم خفف من النشوة، حيث سحب كثير من المستثمرين الكبار أموالهم بدلاً من انتظار انتعاش يتطلب صبراً أطول، خصوصاً مع تعيين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، «صقوراً» معارضين للصين في الإدارات العليا بالولايات المتحدة.

ومع ذلك، في حين تراجعت «أسهم هونغ كونغ»، فقد غيرت الأسهم في البر الرئيسي مسارها، وسلطت الأموال المتدفقة من حسابات توفير الأسر الضوء على أعلى جيوب الأسواق سخونة.

وقال لو ديلونغ، وهو مستثمر تجزئة في شمال شرقي الصين، إنه يمتلك مليوني يوان (275 ألف دولار) في الأسهم، وإنه حقق ربحاً بنسبة 40 في المائة منذ أواخر سبتمبر الماضي، وأضاف: «ستتدفق الأموال على أي أسهم تحت دائرة الضوء المضاربية». ويراهن ولو على مكاسب أسهم التكنولوجيا، حيث تعمل الصين على عزلها عن القيود الأميركية المحتملة، بشراء «مجموعة سور الصين العظيم» للتكنولوجيا وشركة «فيجنوكس» للتكنولوجيا الموردة لشركة «هواوي»، والتي تضاعفت أسهمها منذ أواخر سبتمبر الماضي. وقال: «بالنسبة إلى أسهم التكنولوجيا، لا يمكن إثبات فشل الابتكار في المراحل المبكرة، وبالتالي خلق مجال للمضاربة».

وقد دفعت التجارة المضاربية التمويل الهامشي المستحق، أو الأموال المقترضة من سماسرة البورصة لشراء الأسهم، إلى أعلى مستوى في 9 سنوات عند 1.85 تريليون يوان (256 مليار دولار)، وفقاً لمزود البيانات «داتايز».

وبلغ متوسط ​​الحجم اليومي لـ«مؤشر شنغهاي المركب» 2.5 مرة لمتوسط 10 سنوات، خلال الشهرين الماضيين، وتشير تحركات الأسعار إلى مزيد من الزيادات.

وارتفع مؤشر «بي إس إي 50» للشركات الناشئة المدرجة في بكين بنسبة 112 في المائة منذ أواخر سبتمبر الماضي، مقارنة بالمكسب الذي جاء بنسبة 12 في المائة والمتبقي لـ«مؤشر شنغهاي المركب» بعد ارتفاعه المذهل.

وقالت لي باي، مؤسسة «مركز إدارة الاستثمار» في «شنغهاي بانكسيا»، برسالة إلى المستثمرين: «لا يزال المضاربون والمستثمرون الأفراد الذين لا يهتمون بالأساسيات في حالة حمى شرائية».

وزادت لي صافي حصتها من الأسهم إلى أعلى مستوى في 9 أشهر عند نحو 50 في المائة خلال سبتمبر الماضي، وتركز على شركات البناء المملوكة للدولة وقطاع العقارات، الذي انهار في السنوات الأخيرة وبدأ يجذب الرهانات على التعافي.

وتمتد الحماسة إلى المشتقات المالية، مع ارتفاع خيارات الرهانات على ارتفاع الأسعار أيضاً، وفقاً لديفيد وي، المدير العام لشركة «شينزن شينغيوان إنفستمنت كونسلتينغ كو» التي تساعد المستثمرين على شراء مثل هذه المنتجات من شركات الوساطة.

ويتناقض هذا التراكم مع البيع الأجنبي. ولم تعد الصين تنشر بيانات التدفقات في البر الرئيسي خلال الوقت الفعلي، لكن الإحصاءات الصادرة عن «غولدمان ساكس» أظهرت تدفقات خارجية بقيمة 16.9 مليار دولار على مدى الأسابيع الأربعة الماضية مع تذبذب الأسهم القيادية وارتفاع خطر التعريفات الجمركية.

وفي هونغ كونغ، التي تجتذب كثيراً من الأجانب حيث لا توجد ضوابط لرأس المال، يشير انخفاض بنسبة 15 في المائة بـ«مؤشر هانغ سينغ» من أعلى مستويات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أيضاً إلى حركة البيع الكثيفة.

وقال جورج إفستاثوبولوس، مدير المحفظة في «فيديليتي إنترناشيونال»، في إشارة إلى الأسهم بالبر الرئيسي، والقطاع الذي تفوق بسهولة على الأسهم القيادية: «لقد تحولنا إلى سوق الأسهم من الفئة (أ)، وبشكل خاص إلى سوق الأسهم متوسطة القيمة. ومن ناحية أخرى، لا تتمتع الأسهم من الفئة (أ) بحساسية كبيرة تجاه أسعار الفائدة الأميركية، وبدلاً من ذلك فهي أكثر ميلاً إلى السيولة المحلية في الصين وإلى التحفيز المالي».

وأيد استراتيجيو البنوك الاستثمارية الحركة على نطاق واسع، حيث فضلت: «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» و«إتش إس بي سي» الأسهم في البر الرئيسي، وذلك في مذكرات بحثية معمقة نُشرت خلال الأيام الأخيرة، مستشهدة بالتعرض للتحفيز واتجاهات الاستثمار المحلية.

وكتب استراتيجيو «إتش إس بي سي»، بقيادة هيرالد فان دير ليندي، في مذكرة يوم الثلاثاء: «في البر الرئيسي للصين، يوجد أكثر من 20 تريليون دولار في الودائع المصرفية، وهذا ضعف القيمة السوقية لسوق الأسهم من الفئة (أ)... ويخصَّص بعض هذه الأموال تدريجياً للأسهم».

ويرى المستثمرون الأجانب والمحليون أن إحدى عواقب تصاعد التوترات التجارية هي التحول إلى الاكتفاء الذاتي في الصين، وقد اشتروا شركات تصنيع الرقائق على وجه الخصوص تحسباً لكسبهم إيرادات كانت لتتدفق إلى الخارج في السابق.

ووجد استطلاع أجراه «بنك أوف أميركا» في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي لمديري صناديق الاستثمار بآسيا، أن 8 في المائة فقط من 120 مشاركاً إقليمياً عدّوا أنفسهم «مُعَرّضين بالكامل»، مع توازن الباقين بين الصعود والهبوط، ونحو الثلث راضون عن انتظار مزيد من الدعم.

وقال مايكل براون، مدير الاستثمار في «مارتن كوري»، وهي جزء من «فرنكلين تمبلتون»، وهي شركة إدارة صناديق مختصة في الأسهم تدير نحو 100 مليون دولار من صناديق الاستثمار في آسيا: «أنا متأكد من أنه ستكون هناك حزمة أو حزمتان تحفيزيتان أخريان في الصين»، متابعاً أن «تجارة الأسهم في الصين قد تكون الأمر الذي سيفاجئ الجميع».