نشر صور طعامك عبر مواقع التواصل قد يكون ضاراً

مخاوف من ضغط المقارنة والبحث عن المثالية والمعلومات الخاطئة

سيدتان تلتقطان صوراً لطعامهما (أرشيفية - رويترز)
سيدتان تلتقطان صوراً لطعامهما (أرشيفية - رويترز)
TT

نشر صور طعامك عبر مواقع التواصل قد يكون ضاراً

سيدتان تلتقطان صوراً لطعامهما (أرشيفية - رويترز)
سيدتان تلتقطان صوراً لطعامهما (أرشيفية - رويترز)

ذكر تقرير صحافي أن تصوير الطعام ونشره عبر الإنترنت أحد أكثر الأنشطة شيوعاً في الشبكة العنكبويتة في الآونة الأخيرة، ورغم ذلك، فإن صور الطعام أحياناً تجعلنا نعاني.
وأشارت صحيفة «ميرور» البريطانية أن التقاط صور للطعام قد يدفع البعض لاقتناء كاميرا بخصائص معينة. وسلط التقرير الضوء على أن وسائل التواصل الاجتماعي غيرت من طريقة تناولنا للطعام، إذ تغير ما نختار أن نأكله من صنوف الطعام وكيف نأكله، ولماذا نختار الأطعمة التي نتناولها.
وساهمت مواقع التواصل في المزيد من الأفكار المتطرفة حول الطعام، وأدى إلى انفجار المعلومات الخاطئة، وأصبحت هناك طرق سهلة للحكم على بعضنا بعضاً، وأضاف ضغطاً إضافياً ليدفعنا للبحث عن المثالية.
لكن أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي فتحت سبلاً جديدة لإلهامنا لوصفات جديدة، ومشاركة الخبرات الصحية وسط مجتمعات مهتمة بالطعام.
والحقيقة هي أن التكنولوجيا الحديثة أثرت على طعامنا بطرق إيجابية وسلبية. يمكن أن يجعلنا نشعر بعدم الرضا أحياناً، وفي أحيان أخرى نشعر بأن الوصفات عبر الإنترنت تثري حياتنا.
وأشار التقرير أن هناك العديد من الأسباب لالتقاطنا لصور الطعام ومشاركتها عبر مواقع التواصل، فصنع شيء بأنفسنا هو مصدر فخر، أو نريد تسجيل حدث أو مناسبة اجتماعية، أو ربما يكون الطعام جميلاً أو غير عادي أو مختلفاً.
وغالباً ما نلتقط صوراً للطعام لأننا نريد تتبع ما نأكله، ويبدو أن 23 في المائة من مستخدمي «إنستغرام» يصورون طعامهم من أجل نشرها عبر الموقع أو كتابة ملاحظات يومية عن الطعام.
ويمكن لمشاركة الطعام عبر مواقع التواصل أن تقرب الأشخاص من بعضهم بعضاً بنفس الطريقة التي تفعلها مشاركة الوجبة عبر طاولة. فعندما نشارك الطعام على وسائل التواصل الاجتماعي، ندعو الآخرين للمشاركة في تجربتنا. من خلال النشر عن طعامنا على وسائل التواصل الاجتماعي، فإننا لا نأكل بمفردنا أبداً.

*فخ المقارنة
بالطبع عالم الطعام على الإنترنت ليس كله جميلاً، فإن مشاركة صور طعامك تستدعي الأحكام والمقارنات، بل وأحياناً الخجل والعار، فصور الطعام تجعل حياتنا تبدو مثيرة عندما تتم مشاركة هذه الأطعمة الجميلة وتنتشر.
ويذكر التقرير أن صور الطعام تجعل البعض يعاني من ظاهرة «فومو» أو «الخوف من الفقدان»، والتي تعني أن الإنترنت مليء بالأشياء التي لم نجربها بعد، وننسى أحياناً أن ما نراه هو ربما تجربة أحد المؤثرين «إنفلونسرز» وهو ليس دائماً الحقيقة الكاملة، فبعض المطاعم تتعاون معهم، حيث تقدم لهم وجبات ومنتجات مجانية مقابل الترويج وعرض منتجاتهم.

*الشكل مقابل المذاق
وشجع صعود المؤثرين ووسائل التواصل الاجتماعي المطاعم على صنع طعام جميل الشكل ويحصل على الإعجابات، ولكنه لا يرضي الذوق دائماً.
وعندما يصبح طبق معين له ضجة كبيرة في «إنستغرام»، ينتج عنه أناس يصطفون في الشارع للحصول عليه، فمثلاً يُعد «يوني كورن فاربتشينو» من ستاربكس مثالاً كلاسيكياً لشيء يبدو شكله جيداً دون أن يكون مذاقه جيد، فحسب «ميرور»، فإن هناك الكثيرين الذين لم يرُق لهم المنتج بعد تذوقه، ولم يمنع هذا من مشاركة الناس صورهم للمنتج عبر الإنترنت.

* خارج السياق
وفي حين أن العديد من الطهاة والمطاعم يحبون التقاط العملاء الصور ومشاركتها عبر الإنترنت، فإن البعض الآخر أقل حرصاً. إذ منع كبار الطهاة مثل ديفيد تشانغ الحائز على نجمة ميشلان في نيويورك رواد الطعام من التقاط صور للطعام، في حين أن مطعم «ذا فات دك» في بركشاير، لديه سياسة عدم الوميض، في إشارة لهدم خروج فلاش لتصوير الطعام، كما أن مجموعة من الطهاة الفرنسيين، أحدهم حاصل على ثلاث نجوم ميشلان، قد هددوا بحظر الكاميرات والهواتف المحمولة من مطاعمهم بالكامل.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.