جوليد رئيس مؤقت للحكومة الصومالية

بعد إقالة خيري المفاجئة

جوليد (من تويتر)
جوليد (من تويتر)
TT

جوليد رئيس مؤقت للحكومة الصومالية

جوليد (من تويتر)
جوليد (من تويتر)

عين الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، نائب رئيس الوزراء مهدي خضر جوليد رئيساً لحكومة تصريف الأعمال، خلفاً لحسن علي خيري الذي فقدت حكومته ثقة البرلمان. وقال فرماجو، في بيان مساء أول من أمس، إن جوليد الذي عمل حتى تعيينه نائباً لرئيس الوزراء سيواصل مهام الإدارة بصفة مؤقتة.
وعد أن «التغييرات الجديدة تتماشى مع التزام الحكومة بإجراء انتخابات شاملة ذات مصداقية، في الوقت المناسب، لتحقيق التطلعات الديمقراطية للشعب الصومالي».
وطبقاً للبيان، بدأ جوليد، ووفقاً للدستور المؤقت، العمل بصفته الجديدة حتى ترشيح رئيس وزراء دائم يواصل مسيرة إعادة بناء الصومال، تماشياً مع رؤية الحكومة وتوقعات الصوماليين، لافتاً إلى أن المرسوم الرئاسي يعمل على «مبدأ بناء الدولة، وتسريع الأنشطة الحكومية حتى يعين فرماجو رئيس الوزراء الدائم»، على حد تعبيره.
وبدوره، أعلن جوليد ترحيبه بتولي المنصب، وتعهد بالعمل بأقصى قدر من النزاهة والاحتراف، وعد أن مصلحة الصومال الوطنية في القلب، وفي جميع الإجراءات، مضيفا: «سنواصل التقدم بالعمل معاً من أجل مستقبل أفضل».
وكان فرماجو قد أعلن موافقته على قرار البرلمان سحب الثقة من الحكومة التي يترأسها منذ 3 سنوات حسن علي خيري، بعد تصويت بسحب الثقة من حكومته. وأفاد بيان صادر عن مكتبه أنه صادق على قرار البرلمان، حفاظاً على وحدة الهيئات الدستورية في البلاد، خاصة في الوضع الراهن.
وأعلن رئيس البرلمان الصومالي، محمد شيخ عبد الرحمن مرسل، سحب الثقة من الحكومة، في جلسة بالعاصمة مقديشو، شارك فيها 178 عضواً من أصل 275، وصوت خلالها 170 لصالح القرار، بينما رفض 8 أعضاء هذا المقترح.
وعزا مرسل في مؤتمر صحافي عقب الجلسة سبب حجب الثقة إلى «فشلها (الحكومة) في إيصال البلاد إلى إجراء انتخابات شعبية في موعدها، وعدم إجراء تصويت شعبي على الدستور المؤقت، إلى جانب عدم تمكنها من منح شرعية للأحزاب السياسية للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
وكان فرماجو قد عين خيري (52 عاماً) رئيساً للوزراء في شهر فبراير (شباط) من عام 2017، علماً بأن ولاية البرلمان الحالي، بمجلسيه الشعب والشيوخ، تنتهى قبل مطلع العام المقبل.
وتنص المادة الثالثة عشرة من قانون الانتخابات الجديد على أن تبدأ الانتخابات التشريعية قبل شهر من انتهاء ولاية البرلمان، أما الرئاسية فهي مقررة في فبراير (شباط) 2021.
وبرز تفاقم الصراع على السلطة بين خيرى وفرماجو على السطح مؤخراً، بعدما احتدم الخلاف حول ما إذا كانت هذه الانتخابات ستجرى في موعدها، حيث كان خيرى يصر على المضي قدماً في إجرائها، في حين كان فرماجو يفضل تأجيلها.
وكانت الانتخابات تجرى في الصومال خلال العقد الماضي من خلال مندوبين، مثل الوجهاء وزعماء القبائل، بسبب انعدام الأمن نتيجة تهديدات مسلحي حركة الشباب المتشددة في معظم المناطق.
وتبنت البلاد في 2016 نظام انتخابات غير مباشر، يشارك فيه نحو 14 ألف مندوب قبلي لاختيار النواب، ونظمت آخر انتخابات ديمقراطية حقاً في الصومال قبل نحو نصف قرن، عام 1969.
ومن جانبه، اتهم وزير الأمن الداخلي محمد أبو بكر إسلو، وهو حليف رئيسي لخيري، رئيس مجلس الشعب والرئيس الصومالي بالتآمر لإزاحة رئيس الوزراء لتمديد فترات بقائهما في السلطة.
وقال إسلو «هذا يوم أسود»، ووصف هذه الخطوة بأنها غير دستورية، في ظل ضرورة إجراء الانتخابات كل 4 سنوات.
وتهدف الصومال إلى تنظيم انتخابات عبر الاقتراع العام بداية 2021، وهو تحدٍ بالنظر إلى الأوضاع الأمنية المتردية، حيث وعد فرماجو بإجراء «انتخابات مرضية»، طبقاً للمواعيد المقررة، لكن منتدى الأحزاب الوطنية، وهو تجمع المعارضة الرئيسي، شكك في ذلك، وقال إن «الرئيس يؤجج الفوضى السياسية التي سيكون من الصعب التعامل معها»، محذراً «من أي محاولة تستهدف تمديد فترة الرئاسة».
وبقي علي خيري الذي كان من قبل مديراً تنفيذياً في شركة نفطية بريطانية فترة مطولة نسبياً في رئاسة الحكومة، في بلد كثيراً ما قيدت فيه التوترات رأس سلطة عمل الحكومة في الأعوام الأخيرة.
ورجع خيري عام 2017 إلى المشهد السياسي بعد عودته من الخارج، علماً بأنه ينتمي إلى قبيلة هوية، في حين ينحدر فرماجو من قبيلة دارود، ويعكس ذلك التوازن التقليدي على رأس السلطة التنفيذية في الصومال.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.