السراج يتجاهل التوتر في «المتوسط»... ويصر على تنفيذ تفاهماته مع تركيا

الفرنسي برناد ليفي يحرج حكومة «الوفاق» بكشف تفاصيل زيارته المثيرة للجدل

صورة نشرها ليفي عبر «تويتر» لزيارته المثيرة للجدل إلى ترهونة
صورة نشرها ليفي عبر «تويتر» لزيارته المثيرة للجدل إلى ترهونة
TT

السراج يتجاهل التوتر في «المتوسط»... ويصر على تنفيذ تفاهماته مع تركيا

صورة نشرها ليفي عبر «تويتر» لزيارته المثيرة للجدل إلى ترهونة
صورة نشرها ليفي عبر «تويتر» لزيارته المثيرة للجدل إلى ترهونة

في تحدٍ للتوتر الذي سببته اتفاقياته مع تركيا في البحر المتوسط، أبدى فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية إصراراً على تطوير العلاقات مع تركيا التي اعترف أمس رئيسها رجب طيب إردوغان للمرة الأولى علانية بتورط جهاز مخابراته في ليبيا. وادعى إردوغان أن ما وصفه بالدعم المعلوماتي الذي وفره جهاز الاستخبارات التركية غير قواعد اللعبة في ليبيا، وأسهم في وقف تقدم المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، الذي وصفه بالانقلابي.
وبدوره، قال السراج إنه تم خلال اجتماعه بإردوغان، مساء أول من أمس، بمدينة إسطنبول، متابعة تنفيذ مذكرتي التفاهم المثيرتين للجدل التي أبرمهما معه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بشأن التعاون الأمني، وتحديد مجالات الصلاحية البحرية في البحر المتوسط، دون ذكر أي تفاصيل.
وأوضح أنهما أكدا «ضرورة الحل السياسي للأزمة الليبية في إطار قرارات الأمم المتحدة ومخرجات مؤتمر برلين»، مشيراً إلى أن المحادثات شملت ملف التعاون الاقتصادي، وعودة الشركات التركية لاستكمال أعمالها المتوقفة في ليبيا، وآليات التعاون في مجال الاستثمار.
وفي المقابل، عد العميد خالد المحجوب، مدير التوجيه المعنوي في الجيش الوطني، أن السراج حل في إسطنبول لتلقى تعليمات من إردوغان، مضيفاً أن الاتفاقيات بين حكومة الوفاق وتركيا كافة تفتقر إلى الشرعية. كما لفت إلى إن ميليشيات هذه الحكومة لا يمكنها أن تستمر في طرابلس من دون حماية تركيا.
وبعدما اتهم تركيا بالإشراف على نقل مزيد من المرتزقة والتعزيزات إلى جبهتي سرت والجفرة، أكد المحجوب، في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، جاهزية قوات الجيش الوطني لصد أي هجوم من الميليشيات والمرتزقة المدعومين من تركيا.
ولكن العميد الهادي دراه، الناطق باسم غرفة تحرير سرت الجفرة التابعة لحكومة الوفاق، قال إن قواتها التي تأمل في دخول مدينة سرت سلمياً، وعدم تعريضها للتدمير للمرة الثالثة، ما زالت في تمركزاتها في انتظار أن يسفر الحل السياسي عن تسوية ما، لافتاً إلى أن قوات الوفاق التي قال إنها مستعدة لاقتحام مدينة سرت تنتظر التعليمات من السراج.
وترددت معلومات عن تعرض قاعدة الوطية الجوية التي تخضع لسيطرة حكومة الوفاق لضربة جوية مساء أول من أمس، نفذتها طائرات مجهولة الهوية، لكن الجيش الوطني لم يعلق عليها، كما التزمت حكومة الوفاق الصمت حيالها.
إلى ذلك، وخلافاً لادعاءات بتعرضه لإطلاق نار حال دون إتمامه زيارة كانت مقررة إلى مدينة ترهونة، أكد السياسي الفرنسي برنارد ليفي زيارته للمدينة، بدعوى أنه في مهمة صحافية. كما نشر صوراً للزيارة، يظهر خلالها برفقة مسلحين تابعين لداخلية حكومة الوفاق. وقال ليفي الذي يقدم نفسه بصفته فيلسوفاً، عبر موقع «تويتر»: «هؤلاء هم الشرطة الليبية الحقيقية التي تحمي الصحافة الحرة، تختلف كثيراً عن البلطجية الذين حاولوا منع قافلتي في طريق عودتي إلى مصراتة».
وادعى أنه زار مدينة ترهونة للتحقيق في مقابر جماعية عثر عليها في المدينة بعد مغادرة قوات الجيش الوطني، في نفي لتأكيد مجموعات موالية لحكومة الوفاق أنها منعت موكب ليفي من دخول ترهونة، الواقعة على بعد 65 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس. وأظهرت لقطات تلفزيونية إطلاق مسلحين تابعين للحكومة النار لإجبار ليفي على المغادرة، بينما نقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة الوفاق عنه أنه جاء إلى ليبيا بصفته «صحافياً» من أجل إعداد تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.
وتنصل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من الزيارة، وقال عبر بيان لمكتبه الإعلامي إنه لا علاقة له ولا علم بها، ولم يتم التنسيق معه بشأنها، معلناً عن اتخاذه إجراءات للتحقيق في خلفية هذه الزيارة لمعرفة الحقائق والتفاصيل المحيطة بها كافة. وأكد اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يدان بالتورط مشاركاً أو متواطئاً في هذا الفعل الذي يعد خروجاً على الشرعية وقوانين الدولة، مشيراً إلى أنه أصدر تعليماته المشددة للأجهزة والإدارات والمنافذ كافة بالالتزام الكامل بالقانون وقراراته لمنع تكرار أي خروقات مستقبلاً.
ونفى مجلس مصراتة البلدي علاقته بزيارة ليفي إلى مصراتة، وقال إنه لا وجود لأي تنسيق معه بالخصوص. وبدوره، عد فتحي باش أغا، وزير داخلية حكومة الوفاق، الذي كان يفترض أن يجتمع مع ليفي، وفقاً لجدول الزيارة الذي تضمن أيضاً لقاءات لليفي مع كثير من المسؤولين والنواب المحليين في مصراتة، أن «زيارة شخصية صحافية دون دعوة رسمية من الحكومة لا تحمل أي مدلول سياسي يمثلها».
وكان ليفي الذي ساهم بشكل كبير في القرار الفرنسي بالتدخل في ليبيا ضد العقيد الراحل معمر القذافي في 2011 قد وصل، بحسب مصادر محلية، على متن طائرة خاصة إلى مطار مصراتة التي تبعد نحو 200 كيلومتر غرب طرابلس. وبعد دعمه لمقاتلي المعارضة في عام 2011، تحول هنري ليفي إلى شخصية غير مرغوب فيها لدى كثير من الليبيين، ولا سيما بسبب دعوته إلى تدخل دولي، بقيادة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».