غرينبلات: على إسرائيل تخصيص أراضٍ للدولة الفلسطينية قبل الضم

مواجهات مستمرة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
مواجهات مستمرة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

غرينبلات: على إسرائيل تخصيص أراضٍ للدولة الفلسطينية قبل الضم

مواجهات مستمرة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
مواجهات مستمرة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

قال المبعوث الأميركي السابق إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن الحكومة الإسرائيلية إذا أرادت أن تنفذ مشروع الضم، بناءً على خطة «صفقة القرن»، فعليها تخصيص «أراضٍ لدولة فلسطينية مستقبلية». وأضاف غرينبلات، الذي شارك في وضع الخطة الأميركية للسلام، إن مسار السلام سيشكل تحدياً كبيراً في الشهور القليلة المقبلة، معبراً عن ثقته بأن الحكومة الإسرائيلية عندما تطبق الخطة، فستفعل ذلك بالتنسيق مع الإدارة الأميركية.
وتعزز تصريحات غرينبلات فكرة أن الخلاف مع الإدارة الأميركية على مسألة الضم عطّل العملية التي كانت مقررة بداية هذا الشهر. وتريد الولايات المتحدة أن تكون العملية جزءاً من مفاوضات شاملة تضمن تطبيق خطة «صفقة القرن»، بشكل كامل، لكن الفلسطينيين يرفضون الضم، كما يرفضون الخطة الأميركية. واقترح الفلسطينيون العودة للمفاوضات في ظل الرباعية الدولية بديلاً لمواجهة محتملة إذا ضمت إسرائيل أجزاء من الضفة، وأيضاً بديلاً لـ«صفقة القرن».
كانت السلطة سلمت الرباعية الدولية (الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا، والولايات المتحدة) رسالة قالت فيها «نحن مستعدون لقيام دولتنا محدودة التسلح، وذات الشرطة القوية لفرض احترام القانون والنظام. نحن مستعدون للقبول بوجود طرف ثالث مفوض (من الأمم المتحدة) من أجل ضمان احترام اتفاق السلام فيما يتعلق بالأمن والحدود»، ويتضمن النص إشارة إلى حلف شمال الأطلسي لـ«قيادة القوات الدولية».
ويقترح النص تعديلات طفيفة على الحدود على أن يتم إبرام اتفاق ثنائي بشأنها، «على أساس حدود 1967». وتعمل دول عربية وأوروبية، إلى جانب روسيا والصين والأمم المتحدة، على إنجاح خطة لإعادة المفاوضات بين الجانبين، لكن الفلسطينيين يتهمون إسرائيل بتنفيذ مزيد من المخططات الاستيطانية على الأرض لصالح تنفيذ عملية الضم.
وقال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير، أمس، إن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي لا يتوقف، وهو يتنقل من محافظة إلى أخرى في الضفة الغربية، غير أن بؤرة تركيزه في الفترة الأخيرة تتخذ من مناطق الأغوار الفلسطينية ومن محافظتي بيت لحم والقدس هدفاً لها، حيث تنشط منظمات الاستيطان، ويجري تسجيل الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها باسم هذه المنظمات أو باسم ما يسمى «الصندوق القومي اليهودي».
وأوضح تقرير نشر أمس أن محافظة بيت لحم شهدت الأسبوع الفائت هجمة استيطانية، حيث أعلن ما يسمى بـ«الصندوق القومي الإسرائيلي» الانتهاء من إجراءات تسجيل وضم 526 دونماً، لصالح «مجمع غوش عتصيون» الاستيطاني، إضافة إلى استيلاء سلطات الاحتلال على «700 دونم زراعي تقع في منطقة العقبان في محيط جبل الفرديس، لصالح إقامة حديقة (هيرودون)»، فيما تتعرض المنطقة الشرقية لمحافظة بيت لحم منذ فترة إلى هجمة استيطانية من خلال مواصلة الآليات الإسرائيلية تجريف مساحات من أراضي المواطنين في قرية كيسان لصالح توسيع حدود مستوطنة «إيبي هناحل» المقامة على أراضي القرية. كما تم نصب عدد من البيوت المتنقلة (كرفانات) قرب القرية على مساحة 50 دونم، ضم مخططاً استيطانياً يخدم مستوطنتين مقامتين على جزء من الأراضي، الأمر الذي يهدد بتهجير مواطني القرية البالغ عددهم نحو 800 نسمة. وتابع التقرير: «في إطار تنفيذ المخطط الاستيطاني الذي أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في فبراير (شباط) الماضي، الذي يقضي ببناء 5200 وحدة استيطانية جديدة، منها 220 ستقام في مستوطنة (هارحوماه) على أراضي جبل أبو غنيم، إضافة إلى 3000 وحدة في مستوطنة (جفعات همتوس)، تم كشف النقاب عن مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة في مناطق مختلفة من محافظة القدس المحتلة، وتسويق 1700 وحدة استيطانية في مستوطنة (جفعات همطوس)، فضلاً عن تسويق مشروع سكني جديد في مستوطنة (نوف تسيون)، القائمة على أراضي جبل المكبر جنوب شرقي البلدة القديمة في القدس المحتلة. ويتضمن المشروع 216 وحدة سكنية جديدة».
واتهم التقرير، إسرائيل، بمواصلة مشاريعها، حيث تعمل بلدية القدس على إقامة دولاب ضخم في متنزه «أرمون هنتسيف» (قصر المندوب السامي) الذي سيطل على البلدة القديمة، وينضم إلى مجموعة الإغراءات السياحية الأخرى المخطط لإقامتها في منطقة الحوض التاريخي للقدس، منها القطار المعلق إلى «حائط المبكى»، و«الأوميغا»، وجسر معلق، ومنشأة للتزلج.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم