«الجيش الوطني» يتهم تركيا بمواصلة جلب «المرتزقة» إلى ليبيا

ميليشيات موالية لحكومة {الوفاق} تواصل التحشيد لمعركة سرت بدعم تركي (أ.ف.ب)
ميليشيات موالية لحكومة {الوفاق} تواصل التحشيد لمعركة سرت بدعم تركي (أ.ف.ب)
TT

«الجيش الوطني» يتهم تركيا بمواصلة جلب «المرتزقة» إلى ليبيا

ميليشيات موالية لحكومة {الوفاق} تواصل التحشيد لمعركة سرت بدعم تركي (أ.ف.ب)
ميليشيات موالية لحكومة {الوفاق} تواصل التحشيد لمعركة سرت بدعم تركي (أ.ف.ب)

جددت قوات حكومة «الوفاق» الليبية، برئاسة فائز السراج، استعدادها لاقتحام مدينة سرت التي يسيطر عليها «الجيش الوطني»، في وقت اتهم فيه المتحدث باسمه، اللواء أحمد المسماري، تركيا بمواصلة إرسال مزيد من «المرتزقة السوريين» الموالين لها للقتال ضمن قوات «الوفاق».
وتزامنت هذه التطورات مع زيارة مفاجئة بدأها أمس المفكر الفرنسي اليهودي الشهير، برنار هنري ليفي، الذي كان من أوائل المؤيدين للتدخل الأجنبي في ليبيا إلى مدينة مصراتة (غرب). لكن مصادر في حكومة السراج نفت علمها بذلك، وقالت إنها ترفض وجوده في البلاد، وتعهدت بـ«ملاحقة المتورطين في هذه الزيارة».
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر حكومي أن «الوفاق» لم تمنح إذناً بالهبوط لطائرة ليفي، مؤكداً رفض السلطات العسكرية والأمنية في طرابلس وترهونة دخول ليفي إلى مناطقهم. كما هدد مسلحون في ميليشيات تابعة لحكومة «الوفاق» باستخدام القوة لمنع دخول ليفي إلى مناطق خاضعة لسيطرتهم، حيث أعلنت «القوة المشتركة» إرسال رتل مسلح لمنافذ وحدود ترهونة لمنعه من الدخول، وقالت إنها «ستطرده ومرافقيه بالقوة إذا اقترب من الحدود الإداريـة للمدينة».
وفي سياق ذلك، أعلن مجلس مصراتة البلدي أن أعيانه رفضوا مقابلة ليفي، وطلبوا منه على الفور مغادرة المدينة التي قال عميدها مصطفى كرواد إنه «لا يتشرف بلقائه»، ونفى علمه بالزيارة، وتساءل: «من يكون برنارد ليفي، وأي صفة يحملها؟».
لكن جدولاً مفترضاً للزيارة نشرته وسائل إعلام محلية، كشف في المقابل عن ترتيبات مسبقة لعقد محادثات رسمية بين ليفي وبعض كبار مسؤولي حكومة «الوفاق»، وقادة ميليشياتها المسلحة، أبرزهم فتحي باشاغا الذي يتولى منصب وزير الداخلية بالحكومة.
وبدورها، نفت قيادة «الجيش الوطني»، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، وجود أي زيارة لليفي إلى مقرها في الرجمة (شرق) «لا اليوم ولا مستقبلاً»، على حد تعبيرها، وأوضحت أنها علمت بزيارته إلى مصراتة فقط عبر وسائل الإعلام المحلية.
وظهر ليفي فجأة في موكب أمني داخل مصراتة، وسط تكهنات بأنه يقوم بوساطة بين الحكومة الفرنسية والميليشيات المسلحة، الموالية لحكومة السراج في مصراتة، التي تعد قواتها الضاربة في مواجهة «الجيش الوطني».
ومن جانبه، وزع «الجيش الوطني»، مساء أول من أمس، لقطات مصورة تظهر «مرتزقة» على متن إحدى طائرات شركة الخطوط الأفريقية الليبية، لافتاً إلى أن تركيا تنقل دفعات جديدة من «المرتزقة السوريين» إلى مصراتة، وذلك في تحدٍ صارخ للمطالب الدولية للتهدئة ووقف النار.
وبعدما عد أن ما تقوم به أنقرة يعد خرقاً للقرارات العربية والدولية التي تمنع نقل «المرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى ليبيا»، قال المسماري إن تركيا «تدعم الإرهاب والجريمة في ليبيا، وتعمل على تحقيق أحلامها في السيطرة على إقليم ليبيا الجغرافي، وعلى مقدراتها وثرواتها... العالم يتفرج وتركيا تتمدد».
وبموازاة ذلك، قال العقيد محمد قنونو، الناطق باسم قوات حكومة «الوفاق»، إنها ما زالت مصممة على تنفيذ عملية عسكرية، والتقدم صوب مدينة سرت الواقعة تحت سيطرة قوات «الجيش الوطني... وفي انتظار تعليمات السراج»، رئيس حكومة الوفاق، بصفته «القائد الأعلى» للجيش.
وبعدما أشاد بقوات «الوفاق» في محاور غرب سرت، أكد استمرار عملياتها العسكرية لتحرير البلاد من العصابات كافة و«الجماعات الإرهابية»، وأضاف موضحاً: «نحن من يحدد الخطوط الحمراء، وما هي، وحكومة (الوفاق) هي الحكومة الشرعية في ليبيا».
وعلى صعيد متصل، بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي المستجدات الإقليمية، وفي مقدمتها الشأن الليبي، حسبما أفادت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية أمس. وذكرت رئاسة دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، في بيان، أن الجانبين اتفقا على مواصلة الحوار من أجل الحل السياسي في ليبيا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».