حزب «القوات» يصعّد ضد عون ويقترح قانوناً للتعيينات في الوظائف العليا

بعد موافقة «المجلس الدستوري» على طعن رئيس الجمهورية بالقانون السابق

TT

حزب «القوات» يصعّد ضد عون ويقترح قانوناً للتعيينات في الوظائف العليا

بدأ نواب حزب «القوات اللبنانية» بتحضير اقتراح قانون معجل مكرر سيتم تقديمه في أول جلسة تشريعية في مجلس النواب، يتضمن آلية جديدة للتعيينات الإدارية في وظائف الفئة الأولى، بعد طعن الرئيس اللبناني ميشال عون، بالقانون الذي أُقر في البرلمان قبل شهرين، ومصادقة المجلس الدستوري على هذا الطعن.
وأبطل المجلس الدستوري يوم الأربعاء الماضي، آلية التعيينات التي أقرها البرلمان اللبناني في الجلسة التشريعية الأخيرة التي عُقدت في قصر الأونيسكو في 27 مايو (أيار) الماضي، بناءً على مراجعة الرئيس عون، لأسباب متعلقة «بمخالفته الدستور». ولم يتوقف السجال السياسي منذ ذلك الوقت، وسط اتهامات لـ«التيار الوطني الحر» الذي خالف تصويت الأغلبية النيابية مع القانون، بالسعي للإبقاء على آلية التعيينات قائمة «بما يكرس المحاصصة والزبائنية في الإدارة»، حسبما يقول حزب «القوات اللبنانية».
وردّ المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أمس، على الانتقادات، قائلاً إن رئيس الجمهورية، «عندما امتنع عن توقيع القانون وقرر مراجعة المجلس الدستوري طالباً إبطاله، إنما كان على ثقة بأن في بعض مواده ما يخالف الدستور»، وهو ما دفعه للاحتكام إلى المجلس الدستوري. وقال إن «قرار المجلس الدستوري إبطال القانون أتى ليحسم أي نقاش في الموضوع، دستورياً كان أو سياسياً».
واتهمت رئاسة الجمهورية المعترضين على قرار المجلس الدستوري بأنهم «يُظهرون قصوراً في فهم الدستور اللبناني أو يتجاهلون عمداً ما ينص عليه من مواد لا سيما تلك التي تتعلق بمسؤوليات المجلس الدستوري، بهدف تسييس القرار الذي صدر، مما يستوجب تنبيه هؤلاء إلى أنهم من خلال مواقفهم إنما يطعنون بدور المؤسسة الدستورية».
وقالت إن الحملات السياسية والإعلامية التي يشنها المعترضون على إبطال القانون «هي حملات تثير علامات استفهام كثيرة حول أسبابها والغاية من استمرارها، خصوصاً أن قرارات المجلس الدستوري نهائية وغير قابلة لأي نوع من أنواع المراجعة القانونية وملزمة لجميع السلطات».
ورأت الرئاسة أن «عدم إقرار آلية التعيينات لا يعني مطلقاً أن الذين سيتم تعيينهم في المراكز الإدارية الشاغرة، لن يكونوا من أصحاب الكفاية والخبرة والمعرفة، بل على العكس فإن هذه المواصفات هي من الثوابت في اختيار الموظفين في الفئة الأولى في الإدارة».
غير أن حزب «القوات»، في المقابل، ذكّر بأن القانون أنجز في لجنة الإدارة والعدل البرلمانية، وصوّت عليه أكثرية النواب، ويرى أن الهدف الأساسي من الطعن «يتمثل في التلطي بالدستور من أجل الاستمرار بسياسة وضع اليد على الإدارة من دون الفصل بين الإدارة والسياسة»، حسبما تقول مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط»، وتضيف أن «حشو الإدارة بالأزلام والمحاسيب يعطيهم منفعة سياسية وانتخابية». وقالت إن «العهد ضرب الدولة بالمفهوم الدستوري منذ شهرين حتى الآن بضربتين قاصمتين، أولاهما رفض الرئيس عون توقيع التشكيلات القضائية، وثانيتهما إبطال قانون آلية التعيينات». وقالت المصادر إن «الحرص على الدستور وعدم المخالفات يبدأ بالسهر على تطبيقه ووضع حد للمخالفة الأولى والأساسية التي تتمثل في ازدواجية السلاح على الأراضي اللبنانية» في إشارةٍ إلى سلاح «حزب الله».
ويرى «التيار الوطني الحر» أن هناك مخالفة في القانون تتمثل في سحب حق الوزير المختص بترشيح أسماء للمواقع الشاغرة في الفئة الأولى، ووضعها في عهدة مجلس الخدمة المدنية الذي قد يعتمد نَفَساً سياسياً في الترشيحات، ولا ضمانة لئلا يكون مسيساً بترشيحاته.
لكن اقتراح قانون آلية التعيينات، يكلف 3 جهات بوضع أسماء واختبارها هي: «مجلس الخدمة المدنية» ووزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية والوزير المختص، بحيث تكون هناك آلية واضحة لكيفية استيفاء الترشيحات للشروط ويخضع المرشحون لاختبارات خطية وشفهية، ولا تنحصر الآلية بوضع الوزير المختص سيراً ذاتية للمرشحين ويقدمها لمجلس الوزراء لاختيار شخصيات من ضمنها. وتقول مصادر «القوات» إن استحالة أن تكون الأطراف الثلاثة متفقة على اسم واحد أو اثنين، يلغي ضيق الخيارات أو الاتفاق عليها وراء الكواليس قبل إحضار الأسماء وسيرهم الذاتية إلى مجلس الوزراء.
ولم يتوقف «القوات» عن السعي لإقرار قانون آلية التعيينات عند إبطاله، إذ أخذت كتلة «الجمهورية القوية» بملاحظات المجلس الدستوري «من أجل سد الثغرات التي يتحجج بها البعض»، وأجرت تعديلات على القانون المطعون به لإعداد اقتراح قانون معجل مكرر، سيتم تقديمه إلى المجلس النيابي في أول جلسة تشريعية يُتوقع أن تكون في الخريف المقبل.
ولهذا السبب، يجول ممثلون عن «القوات» على الكتل النيابية المؤيدة لآلية التعيينات بغرض عرض المشروع الجديد عليها، وبدأت يوم الخميس الماضي بعرضه على رئيس البرلمان نبيه بري، وستستكمل جولاتها هذا الأسبوع على باقي الكتل السياسية. وتقول مصادر «القوات»: «إننا لن نسكت وسنذهب إلى النهاية لإقرار قانون لآلية التعيينات».
وفي المقابل، استغرب عضو تكتل «لبنان القوي» (الذي يضم نواب «التيار الوطني الحر») النائب آدي معلوف «الحديث المستمر عن المحاصصة في كل التعيينات التي تحصل»، وقال: «لا يمكن منع دخول أصحاب الكفايات إلى الدولة بسبب انتماءاتهم السياسية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».