غوتيريش يدعو لتحويل الجائحة فرصة لمستقبل أفضل في المنطقة العربية

غوتيريش لدى مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي في 8 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
غوتيريش لدى مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي في 8 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدعو لتحويل الجائحة فرصة لمستقبل أفضل في المنطقة العربية

غوتيريش لدى مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي في 8 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
غوتيريش لدى مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي في 8 فبراير الماضي (أ.ف.ب)

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن جائحة «كوفيد - 19» يمكن أن تفاقم الصعوبات المختلفة والصدمات الاقتصادية والنزاعات الطويلة في المنطقة العربية، بما في ذلك دفع ربع سكانها إلى الفقر. غير أنه لفت إلى أن هذه المنطقة «تنعم بتنوع هائل وإمكانات ضخمة»، يمكن استثمارها لتحويل هذه الأزمة إلى فرصة للبناء على نحو أفضل.
وأورد الأمين العام للمنظمة الدولية هذا التقييم في سياق موجز سياسات جديد حول الوضع في المنطقة العربية في ظل تفشي الفيروس، مقترحاً أربع أولويات تنبغي معالجتها من أجل «إعادة البناء على نحو أفضل»، في منطقة تشهد توترات عديدة وعدة أوجه من عدم المساواة، ما يمكن أن يضاعف عواقب التطورات المأساوية على الاستقرار السياسي والاجتماعي. وإذ توقع أن يسجل اقتصاد المنطقة العربية الذي يرزح تحت انخفاض أسعار النفط انكماشاً يفوق 5 في المائة عام 2020، حذر من أنه في ظل معاناة كثيرين من مكامن الضعف وانعدام المساواة، يمكن أن يدفع ذلك ربع سكان المنطقة العربية إلى الفقر، ما يزعزع الاستقرار. وقال: «ربما تصيب الأضرار فئات أكثر من فئات أخرى - لا سيما النساء والمهاجرين - الذين يمثلون 40 في المائة من القوة العاملة».
وطبقاً للموجز الذي وزع في نيويورك، يعتمد 55 مليون شخص في المنطقة أصلاً على المساعدات الإنسانية للبقاء، بينهم 26 مليوناً من اللاجئين والنازحين الذين يعيشون في مخيّمات وسط ظروف عصيبة، في بلدان مضيفة مثقلة بالتحديات، ما يعرضهم لمزيد من المخاطر. وأضاف غوتيريش: «يعاني اقتصاد المنطقة من صدمات متعددة - من الفيروس، وكذلك من الانخفاض الحاد في أسعار النفط والتحويلات المالية والسياحة»، علماً بأن ضعف المؤسسات العامة يحرم المنطقة من تحقيق كامل طاقاتها. وتعوق المؤسسات الضعيفة أيضاً قدرة بلدان عديدة على التخطيط لمواجهة الأزمات الكبرى والتخفيف من آثارها.
وأورد في الموجز أن «الجائحة كشفت افتقار الاقتصادات العربية إلى التنوع، ما يحول دون نموها وازدهارها. فالبلدان المنتجة للنفط شديدة الاعتماد على أسعار السوق والطلب، وبلدان الدخل المتوسط تجني معظم إيراداتها من التحويلات المالية والسياحة». أما أقل البلدان نمواً وتلك المثقلة بالديون في المنطقة، فكانت ولا تزال تعاني قيوداً شديدة في التصدّي للأزمة، وسوف تستمر هذه القيود في إعاقة جهودها لتحمّل الآثار في الأمد الطويل.
ولاحظ غوتيريش أنه «في منطقة تحفل بالتوترات وأوجه عدم المساواة، ستكون للتطورات المأساوية عواقب بالغة على الاستقرار السياسي والاجتماعي»، مشيراً إلى «ثغرات وتحديات في عمليات إصلاح نظم الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية، كشفت عنها الجائحة»، ما يحول تالياً دون تلبية كل الحاجات، لا سيما للنساء والشباب وذوي الإعاقة وكبار السن وفئات أخرى معرّضة للخطر. وأكد أن الجائحة «فاقمت مكامن الضعف التي تشمل حالات الصراع، وضعف المؤسسات العامة، وافتقار الاقتصادات إلى التنوع، والتغطية غير الكافية لنظم الحماية الاجتماعية، وارتفاع مستويات البطالة وعدم المساواة». وأدت إلى خسارة نحو 17 مليون فرصة عمل يضاف الباحثون عنها إلى 14.3 مليون شخص في حال بطالة في المنطقة قبل الأزمة. وأضاف أنه «مع دفع ملايين من الناس إلى أدنى درجات السلم الاقتصادي، قد يُدفع بربع سكان المنطقة إلى الفقر».
وشدد على أن الأزمة الناتجة عن تفشي الفيروس، أكدت «ضرورة استفادة بلدان المنطقة على نحو أفضل من التكنولوجيات الرقمية والابتكار، بما في ذلك التعلم عن بعد، والابتكار التجاري، وكذلك تحسين إدارة القطاع العام». ولكنه استدرك أن «الجائحة يمكن أن تكون أيضاً فرصة لحل نزاعات طال أمدها ومعالجة نقاط الضعف الهيكلية»، مسلطاً الضوء على أربعة مجالات يجب أخذها في الحسبان من أجل المضي في عملية التعافي والبناء على نحو أفضل: أولاً، اتخاذ تدابير فورية لإبطاء انتشار المرض وإنهاء النزاع، وتلبية الحاجات العاجلة لأكثر الفئات ضعفاً. ثانياً، تكثيف الجهود لمعالجة أوجه عدم المساواة عن طريق الاستثمار في توفير الصحة والتعليم للجميع، والحدود الدنيا للحماية الاجتماعية، والتكنولوجيا. ثالثاً، تعزيز الانتعاش الاقتصادي من خلال إعادة هندسة النموذج الاقتصادي للمنطقة بحيث يكون نموذجاً لصالح اقتصادات خضراء أكثر تنوعاً. رابعاً، إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان، وضمان وجود مجتمع مدني نابض بالحياة ووسائل إعلام حرة، وإنشاء مؤسسات أكثر مساءلة من شأنها أن تزيد من ثقة المواطنين وتعزز العقد الاجتماعي. وإذ أشار إلى قدرات المنطقة العربية على بلوغ هذا الهدف، أكد أنه «يمكن تحويل الأزمة إلى فرصة، ما سيعود بالنفع على المنطقة، وعلى العالم بأسره».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.