حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن جائحة «كوفيد - 19» يمكن أن تفاقم الصعوبات المختلفة والصدمات الاقتصادية والنزاعات الطويلة في المنطقة العربية، بما في ذلك دفع ربع سكانها إلى الفقر. غير أنه لفت إلى أن هذه المنطقة «تنعم بتنوع هائل وإمكانات ضخمة»، يمكن استثمارها لتحويل هذه الأزمة إلى فرصة للبناء على نحو أفضل.
وأورد الأمين العام للمنظمة الدولية هذا التقييم في سياق موجز سياسات جديد حول الوضع في المنطقة العربية في ظل تفشي الفيروس، مقترحاً أربع أولويات تنبغي معالجتها من أجل «إعادة البناء على نحو أفضل»، في منطقة تشهد توترات عديدة وعدة أوجه من عدم المساواة، ما يمكن أن يضاعف عواقب التطورات المأساوية على الاستقرار السياسي والاجتماعي. وإذ توقع أن يسجل اقتصاد المنطقة العربية الذي يرزح تحت انخفاض أسعار النفط انكماشاً يفوق 5 في المائة عام 2020، حذر من أنه في ظل معاناة كثيرين من مكامن الضعف وانعدام المساواة، يمكن أن يدفع ذلك ربع سكان المنطقة العربية إلى الفقر، ما يزعزع الاستقرار. وقال: «ربما تصيب الأضرار فئات أكثر من فئات أخرى - لا سيما النساء والمهاجرين - الذين يمثلون 40 في المائة من القوة العاملة».
وطبقاً للموجز الذي وزع في نيويورك، يعتمد 55 مليون شخص في المنطقة أصلاً على المساعدات الإنسانية للبقاء، بينهم 26 مليوناً من اللاجئين والنازحين الذين يعيشون في مخيّمات وسط ظروف عصيبة، في بلدان مضيفة مثقلة بالتحديات، ما يعرضهم لمزيد من المخاطر. وأضاف غوتيريش: «يعاني اقتصاد المنطقة من صدمات متعددة - من الفيروس، وكذلك من الانخفاض الحاد في أسعار النفط والتحويلات المالية والسياحة»، علماً بأن ضعف المؤسسات العامة يحرم المنطقة من تحقيق كامل طاقاتها. وتعوق المؤسسات الضعيفة أيضاً قدرة بلدان عديدة على التخطيط لمواجهة الأزمات الكبرى والتخفيف من آثارها.
وأورد في الموجز أن «الجائحة كشفت افتقار الاقتصادات العربية إلى التنوع، ما يحول دون نموها وازدهارها. فالبلدان المنتجة للنفط شديدة الاعتماد على أسعار السوق والطلب، وبلدان الدخل المتوسط تجني معظم إيراداتها من التحويلات المالية والسياحة». أما أقل البلدان نمواً وتلك المثقلة بالديون في المنطقة، فكانت ولا تزال تعاني قيوداً شديدة في التصدّي للأزمة، وسوف تستمر هذه القيود في إعاقة جهودها لتحمّل الآثار في الأمد الطويل.
ولاحظ غوتيريش أنه «في منطقة تحفل بالتوترات وأوجه عدم المساواة، ستكون للتطورات المأساوية عواقب بالغة على الاستقرار السياسي والاجتماعي»، مشيراً إلى «ثغرات وتحديات في عمليات إصلاح نظم الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية، كشفت عنها الجائحة»، ما يحول تالياً دون تلبية كل الحاجات، لا سيما للنساء والشباب وذوي الإعاقة وكبار السن وفئات أخرى معرّضة للخطر. وأكد أن الجائحة «فاقمت مكامن الضعف التي تشمل حالات الصراع، وضعف المؤسسات العامة، وافتقار الاقتصادات إلى التنوع، والتغطية غير الكافية لنظم الحماية الاجتماعية، وارتفاع مستويات البطالة وعدم المساواة». وأدت إلى خسارة نحو 17 مليون فرصة عمل يضاف الباحثون عنها إلى 14.3 مليون شخص في حال بطالة في المنطقة قبل الأزمة. وأضاف أنه «مع دفع ملايين من الناس إلى أدنى درجات السلم الاقتصادي، قد يُدفع بربع سكان المنطقة إلى الفقر».
وشدد على أن الأزمة الناتجة عن تفشي الفيروس، أكدت «ضرورة استفادة بلدان المنطقة على نحو أفضل من التكنولوجيات الرقمية والابتكار، بما في ذلك التعلم عن بعد، والابتكار التجاري، وكذلك تحسين إدارة القطاع العام». ولكنه استدرك أن «الجائحة يمكن أن تكون أيضاً فرصة لحل نزاعات طال أمدها ومعالجة نقاط الضعف الهيكلية»، مسلطاً الضوء على أربعة مجالات يجب أخذها في الحسبان من أجل المضي في عملية التعافي والبناء على نحو أفضل: أولاً، اتخاذ تدابير فورية لإبطاء انتشار المرض وإنهاء النزاع، وتلبية الحاجات العاجلة لأكثر الفئات ضعفاً. ثانياً، تكثيف الجهود لمعالجة أوجه عدم المساواة عن طريق الاستثمار في توفير الصحة والتعليم للجميع، والحدود الدنيا للحماية الاجتماعية، والتكنولوجيا. ثالثاً، تعزيز الانتعاش الاقتصادي من خلال إعادة هندسة النموذج الاقتصادي للمنطقة بحيث يكون نموذجاً لصالح اقتصادات خضراء أكثر تنوعاً. رابعاً، إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان، وضمان وجود مجتمع مدني نابض بالحياة ووسائل إعلام حرة، وإنشاء مؤسسات أكثر مساءلة من شأنها أن تزيد من ثقة المواطنين وتعزز العقد الاجتماعي. وإذ أشار إلى قدرات المنطقة العربية على بلوغ هذا الهدف، أكد أنه «يمكن تحويل الأزمة إلى فرصة، ما سيعود بالنفع على المنطقة، وعلى العالم بأسره».
غوتيريش يدعو لتحويل الجائحة فرصة لمستقبل أفضل في المنطقة العربية
غوتيريش يدعو لتحويل الجائحة فرصة لمستقبل أفضل في المنطقة العربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة