الجزائر تطالب بلجيكا بتوضيحات بعد مقتل أحد رعاياها على «طريقة جورج فلويد»

والدته اتهمت الشرطة بـ«التعدي عليه واستعمال العنف»

TT

الجزائر تطالب بلجيكا بتوضيحات بعد مقتل أحد رعاياها على «طريقة جورج فلويد»

أبدت الجزائر قلقاً بالغاً من وفاة أحد رعاياها في بلجيكا، اختناقاً على ما يبدو، بعد اعتقال عنيف على أيدي شرطة مدينة أنفرز؛ حيث يقيم مع والدته. وتشبه الحادثة، بحسب مشاهد صورت لحظة الاعتقال، ظروف وفاة الأميركي جورج فلويد في مايو (أيار) الماضي.
وقالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان نشر أمس، إنها «تسهر عن طريق ممثليتها الدبلوماسية والقنصلية ببلجيكا على تسليط الضوء، بخصوص ملف وفاة المواطن الجزائري قادري عبد الرحمن رضا، المدعو (أكرم)، بمدينة أنفرز يوم 19 من يوليو (تموز) الجاري، وكشف كل الملابسات المحيطة بهذه الوفاة».
وأوضح البيان أن السلطات «على اتصال دائم ومستمر بعائلة الفقيد، وبالسلطات الإدارية والشرطية والقضائية البلجيكية»، مشيراً إلى أن «ملف المواطن الجزائري، المتوفى في ظروف يجري الكشف عنها، يحظى باهتمام بالغ ومتابعة عن كثب، من طرف السلطات العليا في الجزائر. وقد تم إسداء تعليمات إلى سفارتنا وقنصليتنا العامة ببروكسل، قصد تقديم كامل المساعدة والدعم اللازمين لعائلة الفقيد، ومرافقتها في هذه المحنة الأليمة».
وأكد البيان أن «مصالحنا الخارجية تبقى مجندة لمتابعة تطورات هذا الملف، ومسار التحريات والتحقيقات الجارية لاستجلاء كل ظروف الحادثة» التي أثارت ردود فعل ساخطة في بلجيكا، وخصوصاً في أوساط المهاجرين الجزائريين، وعدَّها الكثير «عنصرية»، و«ممارسات تعكس كره الأجنبي».
يشار إلى أن قادري لا يملك الجنسية البلجيكية، وهو مقيم مع والدته في هذا البلد منذ سنوات. وأظهرت صور نشرتها صحف محلية شرطياً وهو جاثم على ظهر أكرم (29 سنة) الذي كان مستلقياً على الأرض ومحاطاً برجال أمن.
وصرح سفير الجزائر لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي، عمار بلعاني، الاثنين الماضي، لوسائل إعلام محلية، بأن «هناك معطيات وعناصر (في القضية) ينبغي توضيحها. وفي الوقت الحالي لا يمكن الخوض في تدخل رجال الأمن (لاعتقال قادري)، ولا في ملابسات اعتقال الشاب بدقة»؛ مؤكداً أن «الفيديوهات بما فيها التي جرى بثها في شبكة التواصل الاجتماعي، ونتائج تشريح الجثة، ستسمح بزوال الضبابية التي تحيط بهذه القضية المحزنة. أتمنى ذلك». وأكد أن سفارة الجزائر «تتابع عن كثب تطورات الملف».
وأوقفت الشرطة البلجيكية الأربعاء الماضي مراهقاً جزائرياً يبلغ من العمر 16 سنة، دعا إلى مظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجاً على مقتل «أكرم». وكان نشطاء جزائريون قد أطلقوا عريضة ووسماً بعنوان «العدالة لأكرم»، طالبوا من خلاله بـ«معرفة الحقيقة ومعاقبة المذنبين». وكان مكتب المدعي العام في مدينة أنتويرب البلجيكية التي تنتمي إليها مدينة أنفرز إدارياً، قد أعلن عن فتح تحقيق في الحادثة.
ونقلت وسائل إعلام بلجيكية عن المتحدث باسم الشرطة، سفين لوميرت، بأن الشاب قادري توقف فجأة عن مقاومة الشرطة، وهو ما استدعى الاستنجاد بسيارة إسعاف، نقلته إلى مستشفى المدينة؛ لكنه فارق الحياة إثر سكتة قلبية. وقالت الشرطة إن الشاب «تناول مخدرات وضعها في كأسه، عندما كان يجلس في مقهى بمنطقة محطة القطارات المركزية في منطقة أنفرز»، وذكرت أنه «كان يتهجم على المارة، استناداً لشهود عيان».
في المقابل، قالت والدة الضحية زليخة زيتوني، لفضائية «الشروق» الجزائرية الخاصة، إن إدارة المستشفى أخبرتها أن سبب الوفاة يعود إلى معاناة ابنها من مرض الصرع؛ لكنها نفت ذلك بشدة، وقالت: «ابني كان بصحة جيدة عندما التقيته السبت الماضي، أي قبل يوم من الحادثة». واتهمت الوالدة الشرطة البلجيكية بـ«التعدي على ابنها باستعمال العنف»، وقالت: «وفاة ابني غامضة، وقد اتصلت بمحامٍ بلجيكي، كما قالت السفارة الجزائرية إنها تنتظر نتائج التشريح».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.