الولايات المتحدة تتهم روسيا بإرسال المرتزقة والسلاح إلى ليبيا

صورة من الأقمار الصناعية وزعتها «أفريكوم» أمس لشحنات أسلحة قالت إن روسيا نقلتها إلى «مرتزقتها» في ليبيا (أ.ف.ب)
صورة من الأقمار الصناعية وزعتها «أفريكوم» أمس لشحنات أسلحة قالت إن روسيا نقلتها إلى «مرتزقتها» في ليبيا (أ.ف.ب)
TT

الولايات المتحدة تتهم روسيا بإرسال المرتزقة والسلاح إلى ليبيا

صورة من الأقمار الصناعية وزعتها «أفريكوم» أمس لشحنات أسلحة قالت إن روسيا نقلتها إلى «مرتزقتها» في ليبيا (أ.ف.ب)
صورة من الأقمار الصناعية وزعتها «أفريكوم» أمس لشحنات أسلحة قالت إن روسيا نقلتها إلى «مرتزقتها» في ليبيا (أ.ف.ب)

أصدرت القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) صوراً التقطت بالأقمار الصناعية لشاحنات ومركبات مدرعة روسية مقاومة للألغام، وأسلحة روسية لميليشيات مرتزقة «فاغنر»، وهي تنتشر بصورة واضحة في ليبيا، وبصفة خاصة في مدينة سرت. واتهمت وزارة الدفاع الأميركية، أمس، روسيا بإرسال مجموعة واسعة من الأسلحة إلى ليبيا، بما في ذلك طائرات مقاتلة، وصواريخ الدفاع الجوي، ومعدات كشف الألغام الأرضية، والسيارات المدرعة، لتوفيرها إلى مجموعة «فاغنر» المدعومة من موسكو، بما يعد انتهاكاً لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.
وفي حين قال البنتاغون إن الصور تظهر طائرات شحن روسية، من بينها طائرات «IL-78»، وطائرات مقاتلة، ومركبات إطلاق صواريخ «SA-22»، في محيط مطار الخادم، شرق مدينة بنغازي، قال مدير العمليات في القيادة الأميركية الأفريقية، الجنرال برادفورد جيرينج، إن الصور دليل على أن موسكو تعزز وجودها في ليبيا عبر مساندة الجنرال خليفة حفتر، في مواجهة قوات حكومة الوفاق الوطني. ووثقت «أفريكوم» وجود على الأقل 14 طائرة مقاتلة من طراز «Mid-29»، وطراز «Su-24»، إضافة إلى عمليات زرع ألغام أرضية في مناطق حول العاصمة طرابلس.
وقال بيان القيادة الأميركية إن أنشطة روسيا تنتهك قرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة في ليبيا، بما يؤجج الصراع والقتال المستمر بين الأطراف المتنازعة في ليبيا.
ويقول محللون إن غياب استراتيجية أميركية واضحة في ليبيا تسبب في زيادة تعميق المواجهات الدولية الخطرة في ليبيا، بما ينذر بحرب بالوكالة، وتهديد للمصالح الاقتصادية والأمنية الأميركية، كما يسمح لروسيا بتوسيع نفوذها في منطقة البحر المتوسط، مبرزين أن وقوف واشنطن على هامش الصراع يوضح حالة عدم اليقين حول الجانب الذي تدعمه واشنطن. وخلال الشهور الماضية، أطلقت الخارجية الأميركية تصريحات متوازنة، حرصت فيها على دعوة كل الأطراف إلى وقف الصراع، وأبدت مساندة لحكومة الوفاق الوطني، بصفتها الحكومة المعترف بها دولياً، إلا أن الرئيس ترمب أبدى موقفاً متناقضاً مع توجهات الخارجية، معلناً دعمه للجنرال خليفة حفتر وقواته. وفي غضون ذلك، يدق بعض العسكريين الأميركيين ناقوس الخطر بشأن عمليات النشر العسكري الروسي الجديد الذي قد يهدد الأصول البحرية الأميركية في البحر المتوسط، فيما يقول محللون إن مطالبة واشنطن بالالتزام بقرار حظر الأسلحة ربما يكون قلل من قدرة الولايات المتحدة على تشكيل مستقبل ليبيا، حيث لا تعد الحرب في ليبيا من أولويات السياسة الخارجية الأميركية، إذ يركز البيت الأبيض بشكل كبير على الصين وإيران.
وبعد مشاركة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما في جهود حلف شمال الأطلسي التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس معمر القذافي عام 2011، حددت إدارة ترمب استراتيجيتها في منطقة شمال أفريقيا من خلال عدسة مكافحة الإرهاب، وحثت الدول الأوروبية على أخذ زمام المبادرة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم