مع تصاعد الصعوبات التي يواجهها الرئيس دونالد ترمب في عقد مهرجاناته الانتخابية بعد رفض العديد من الولايات السماح بها تخوّفاً من تفشي جائحة «كوفيد-19» فيها، عمد الرئيس الثلاثاء إلى استعادة منبر البيت الأبيض بحجة إعطاء إفادة يومية عن التفشي. وهو يأمل الآن باستغلال هذه الإفادة كتعويض عن مهرجاناته، الأمر الذي اعتبر منذ البداية خرقاً للتقاليد الرئاسية التي تمنع الرئيس من استخدام منبر البيت الأبيض في حملته الانتخابية.
من جهة ذات صلة، واجه الحزب الجمهوري بسبب التفشي مشكلة في تنظيم انعقاد مؤتمره الوطني الكبير قبل الانتخابات، المقرّر في أغسطس (آب) المقبل في مدينة تشارلوت بولاية نورث كارولينا المحوَرية, وبالفعل، فكّر الرئيس ترمب بنقل المؤتمر إلى مدينة جاكسونفيل في ولاية فلوريدا، وذلك إثر رفض روي كوبر، حاكم نورث كارولينا الديمقراطي، السماح بالحشود الجماهيرية الكبيرة بسبب المخاوف الصحية من تفشي الجائحة في ولايته. غير أنه أعلن بالأمس صرفه النظر عن ذلك، لأن الظروف الصحية العامة لن تسمح في مطلق الأحوال بتنظيم مؤتمر جماهيري ضخم.
وللعلم، فإن مدينة جاكسونفيل هي مسقط رأس الحاكم دي سانتيس، التي تشهد ارتفاعا قياسياً أيضاً في عدد الإصابات. وهذا الواقع ألقى بشكوك كبيرة على إمكانية السماح بالحشود الجماهيرية. وحقاً، ربطت السلطات الصحية ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس بالمهرجان الانتخابي الأول الذي اجراه ترمب في مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما في 17 يونيو الماضي، وكذلك ارتفاع عدد الإصابات في ولاية ساوث داكوتا بعد المهرجان الانتخابي لترمب أيضا أمام مَعلَم جبل راشمور (حيث نحتت رؤوس أربعة رؤساء في الصخر) في 3 يوليو (تموز) بمناسبة يوم الاستقلال.
مصير المؤتمر الوطني
حتى الآن لم يقرر الجمهوريون مصير مؤتمرهم الوطني، لكن كثرة من مسؤولي الحزب يعربون صراحةً عن قلقهم من انعكاسات هذا التخبط في معالجة انتشار الجائحة على الحملة الانتخابية، بينما يحرصون مع ترمب على مواصلة فتح الاقتصاد للنهوض به مجدداً، وسط الآزمة الاقتصادية التي سببها في سوق العمل وارتفاع البطالة، وتعطل الإنتاج. وغنيٌ عن القول إن الحزبين الجمهوري والديمقراطي يراهنان دوما على دور الاقتصاد، في استمالة الناخبين الاميركيين المستقلين، الذين ستحسم أصواتهم نتيجة المعركة.
معلومات عن جاكسونفيل
مع أن جاكسونفيل ليست عاصمة ولاية فلوريدا، تعتبر هذه المدينة الواقعة في اقصى شمال شرقي الولاية، إحدى أهم مدنها وأكثرها اكتظاظا بالسكان. أضف إلى ذلك، أن جاكسونفيل – كما سبقت الإشارة – هي مسقط رأس حاكم فلوريدا رون دي سانتيس ومعقله السياسي والانتخابي، ولهذا فكّر الرئيس ترمب بأن يُعقد فيها المؤتمر العام للحزب الجمهوري الذي سيعلن فيه رسميا تسمية ترمب مرشحه للانتخابات مع نائبه مايك بنس، وهذا قبل صرفه النظر عن الفكرة.
المدينة واحدة من بين أجمل 6 مدن كمناطق جذب سياحية في الولاية التي تستقبل أكثر من 100 مليون سائح سنوياً. وهذه المدن الست هي أورلاندو، التي تحتضن أكبر منتزهات ديزني في العالم ومدينة الترفيه الأولى في الولايات المتحدة، وتامبا وبينساكولا وفلوريدا كيز، ومدينة ميامي، التي هي مع ضواحيها أكبر وأهم مركز اقتصادي في الولاية، حيث يتحدث نحو 70 % من سكانها اللاتينية. وفي الواقع تعتبر الجالية اللاتينية في فلوريدا التي يشكل الكوبيون غالبيتها، من أكبر الداعمين للحزب الجمهوري. ويرد أفرادها البحبوحة النسبية التي عاشوها في كوبا قبل سيطرة كاسترو على الجزيرة، إلى الاستثمارات والأموال الأميركية في المشاريع الاقتصادية والسياحية والتجارية، ومواقف الجمهوريين التاريخية المتشددة من نظام كاسترو اليساري.
هذا، ودائما ما تحظى المهرجانات الانتخابية في ميامي بأهمية خاصة، لأن اتجاهات التصويت في المدينة التي تحتضن مع ضواحيها الكتلة السكانية الأكبر في فلوريدا، غالبا ما تشير إلى هوية المرشح الذي سيفوز بالولاية، ما قد يكسبه بطاقة الدخول إلى البيت الأبيض او تجديد ولايته الرئاسية كما يأمل ترمب هذا العام.
من جانبها، تتميز جاكسونفيل بشواطئها الجميلة، وتشكل مع مقاطعتها دوفال أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في شمال الولاية. وتوجد فيها القلعة الاسبانية الشهيرة، التي بناها المستعمرون الاسبان الأوائل قبل أكثر من 230 سنة. وهي تحتل المرتبة 13 بالنسبة للولايات المتحدة، وهي إدارياً مركز المقاطعة. ويقدر اليوم عدد سكان جاكسونفيل وضواحيها بنحو 900 ألف نسمة، وتقع بالقرب من نهر سانت جونز الذي يتدفق من الشمال نحو المحيط الأطلسي.
أسست المدينة عام 1791 باسم «كاوفورد». وعام 1822 غيّر اسمها إلى جاكسونفيل نسبة إلى الجنرال اندرو جاكسون، اول حاكم لفلوريدا وسابع رئيس للولايات المتحدة. وهي على صعيد رقعتها الجغرافية تعد من أكبر مدن الولايات المتحدة من حيث المساحة التي تبلغ نحو 2300 كلم مربع وتغطي كامل المقاطعة تقريباً. ثم أن فيها واحدة من أكبر وأهم القواعد المدنية والعسكرية الأميركية، وثالث أكبر ميناء بحري، والعديد من المراكز والمؤسسات التجارية والاقتصادية وشركات التأمين والصناعات.