«أشباح حرب التجارة» تحوم حول الأسواق العالمية في أسبوع صعب

«أشباح حرب التجارة» تحوم حول الأسواق العالمية في أسبوع صعب
TT

«أشباح حرب التجارة» تحوم حول الأسواق العالمية في أسبوع صعب

«أشباح حرب التجارة» تحوم حول الأسواق العالمية في أسبوع صعب

مُنيت الأسهم الآسيوية، الجمعة، بخسائر على خلفية تصاعد التوتر في العلاقات الصينية الأميركية، بينما أجج تقرير عن الوظائف الأميركية - جاء أسوأ من التوقعات - وتأخر محادثات بشأن إجراءات تحفيز في واشنطن، المخاوف إزاء انتعاش الاقتصاد.
وجاءت تلك الخسائر في نهاية أسبوع آخر صعب للأسواق التي أظهرت مؤشرات تذبذب، بعد أشهر من التحسن منذ تدهورها في مارس (آذار). وأظهرت إحصاءات تدفقات أسبوعية للصناديق من بنك «أوف أميركا» الجمعة، أن مديري الأموال خصصوا 40.9 مليار دولار لأدوات السيولة، في أكبر دخول للتدفقات منذ الثامن من مايو (أيار)، و24.5 مليار دولار للسندات المصنفة عند درجة «جديرة بالاستثمار» في ثالث أكبر دخول للتدفقات لتلك الفئة على الإطلاق.
كما ضخ المستثمرون مزيداً من المال في الذهب على الأخص، بينما أظهرت التدفقات الأسبوعية ثاني أكبر دخول لها إلى المعدن الأصفر على الإطلاق؛ لكن الأسهم سجلت عمليات استرداد بقيمة 3.8 مليار دولار. وسجلت بورصتا شنغهاي وهونغ كونغ هبوطاً في أسعار الأسهم، بينما تعرضت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم لانتكاسة جديدة، مع إصدار الصين أوامر بإغلاق القنصلية الأميركية في شينغدو؛ رداً على إغلاق الولايات المتحدة البعثة الدبلوماسية الصينية في هيوستن في وقت سابق. وتضاف هذه الانتكاسة إلى ملف يشمل قضايا هونغ كونغ وفيروس «كورونا» المستجد و«هواوي»، والتي أدت إلى تدهور العلاقات بين العملاقين ووصولها إلى درجة الأزمة. والخميس، صعَّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من حدة نبرته، ودعا «الدول الحرة» لدحر تهديد ما وصفه بـ«الطغيان الجديد» من الصين، وقال إن الرئيس الصيني شي جينبينغ «تابع مخلص لآيديولوجية شمولية مفلسة».
لكن بينما أثارت الخطوة قلق المستثمرين، قال الدبلوماسي الصيني السابق وانغ ييوي، إن الوضع لم يكن سيئاً بالدرجة المتوقعة. وقال لوكالة «بلومبرغ نيوز»: «من غير الممكن القيام بخطوة متساوية تماماً؛ لكن اختيار شينغدو يظهر أن الصين تريد تقليل الضرر بالعلاقات الثنائية»، وأضاف أن «العمليات التي تجرى من شينغدو ليست أكثر عمليات البعثات الأميركية في الصين أهمية، مقارنة بشنغهاي مثلاً».
وقبل ذلك كانت أسواق «وول ستريت» قد سجلت خسائر عقب صدور أرقام أظهرت أن 1.4 مليون أميركي قدموا طلبات إعانة بطالة الأسبوع الماضي، في أول ارتفاع أسبوعي منذ بدء الأزمة.
وجاءت الأرقام في وقت اضطر فيه عديد من الولايات الأميركية لإعادة فرض تدابير إغلاق بعد وقت قصير على إعادة فتحها. وأمرت السلطات في بعض تلك الولايات بإغلاق الحانات والمطاعم وأنشطة تجارية أخرى مهمة للاقتصاد. وشكلت العودة لتلك التدابير ضربة كبيرة للمستثمرين الذين عبروا عن تفاؤل إزاء انتعاش الاقتصاد الأميركي، بعد تدهور في وقت سابق هذا العام.
وقال الخبير لدى مركز «أكسي كورب» للخدمات المالية، ستيفن إينس، إنه «على الرغم من توافق البيانات مع معايير الفصل، فمن الصعب على المستثمرين تجاهل الإحساس الدائم بالتناقض المتمثل في العدد الكلي للأشخاص الذين يطلبون إعانات». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «لكن ذلك يؤكد أيضاً ما اعتقدناه جميعاً، وهو أن مزيداً من التشاؤم يلوح في الأفق، بينما إعادة فرض تدابير إغلاق في الولايات الأميركية الأكثر اكتظاظاً تدحض الفرضية القائلة بأن الاقتصاد ينتعش بقوة».
وخسر مؤشرا «داو جونز» و«ستاندرد أند بورز 500» أكثر من واحد في المائة، بينما تراجع «ناسداك» الذي كان يسجل أرقاماً قياسية مؤخراً بأكثر من 2 في المائة.
وفي آسيا، تراجعت بورصة هونغ كونغ 2.2 في المائة، وخسرت شنغهاي 3.9 في المائة، بينما انخفضت بورصات سيدني وسنغافورة وجاكرتا وبانكوك بأكثر من واحد في المائة.
وفي أوروبا، تراجعت بورصة لندن 1.7 في المائة، وبورصتا باريس وفرانكفورت بنحو 2 في المائة، رغم بيانات أظهرت تسجيل قطاع بيع التجزئة في بريطانيا ارتفاعاً بنسبة 14 في المائة في يونيو (حزيران)، بينما حققت الأنشطة التجارية في منطقة اليورو أقوى نمو لها في عامين. ورأى خبراء الاقتصاد أن البيانات الضعيفة يمكن أن تحث النواب الأميركيين على الدفع بإجراءات تحفيز جديدة، في وقت يقترب فيه وقف العمل بخطة إنعاش بتريليونات الدولارات؛ لكن الأعضاء الجمهوريين والبيت الأبيض لم يتمكنوا من الاتفاق على خطة بتريليون دولار، بينما لا يزال الطرفان على خلاف بشأن إعانة بطالة أسبوعية قدرها 600 دولار، يستفيد منها 30 مليون شخص، ولكن من المتوقع أن تنتهي مهلة العمل بها في عطلة نهاية الأسبوع الحالي.
وحتى مع إقرار الخطة، سيخوضون مناقشات شاقة مع الديمقراطيين الذين أعدوا من جانبهم خطة بقيمة 3.5 تريليون دولار، وكل هذا بينما تقترب عطلة شهر أغسطس (آب) المقبل. وقال إينس إن «تحول مشروع قانون التحفيز الأميركي الجديد إلى حالة من الانقسام السياسي في وقت تبدو فيه نذر كارثة اقتصادية، أمر يتجاوز الفهم».
وأضاف أن «الكونغرس يفكر في تمديد العمل بإعانات البطالة الإضافية حتى نهاية العام؛ لكن اقتطاع المبلغ في وقت تتعين فيه زيادة المستفيدين منه أمر مشين».
أما الذهب فواصل ارتفاعه ليقترب من 1900 دولار، للمرة الأولى منذ أواخر 2011، وسط شكوك إزاء انتعاش الاقتصاد والتوترات الجيوسياسية والتسهيلات النقدية للاحتياطي الفدرالي التي أضعفت الدولار.


مقالات ذات صلة

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

الاقتصاد قطع شطرنج ذهبية معروضة في كشك المجوهرات خلال النسخة الـ17 من معرض الهند الدولي للمجوهرات (إ.ب.أ)

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

ارتفعت أسعار الذهب الثلاثاء بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب المتعاملين لما ستكون عليه خطط الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي المنتخب التي ستكون أقل حدة من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم بالعالم استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية ذات العجلتين من إنتاج شركة «فوكسكون» (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تحقق إيرادات قياسية في الربع الرابع بفضل الذكاء الاصطناعي

تفوقت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات التعاقدية في العالم، على التوقعات لتحقق أعلى إيراداتها على الإطلاق في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن - سنغافورة )
خاص سقوط جدار برلين كَسر القواعد التي كانت تنظّم التنافس بين القوى القديمة (غيتي)

خاص فشل القوة وثلاثة إخفاقات عالمية

هُزمت الولايات المتحدة في الصومال والعراق، ثم في أفغانستان، وسرعان ما ظهرت الصين بوصفها المستفيد الأكبر من العولمة، التي كانت تُحرر نفسها من المجال الأميركي.

برتراند بادي

الانتخابات الرئاسية اللبنانية تحفز سندات اليوروبوندز لتحقيق مكاسب قياسية

رجل يعدّ أوراق الدولار الأميركي داخل محل صرافة في بيروت (رويترز)
رجل يعدّ أوراق الدولار الأميركي داخل محل صرافة في بيروت (رويترز)
TT

الانتخابات الرئاسية اللبنانية تحفز سندات اليوروبوندز لتحقيق مكاسب قياسية

رجل يعدّ أوراق الدولار الأميركي داخل محل صرافة في بيروت (رويترز)
رجل يعدّ أوراق الدولار الأميركي داخل محل صرافة في بيروت (رويترز)

مع ترقب لبنان الرسمي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تتوجَّه الأنظار بشكل متزايد نحو سوق سندات اليوروبوندز، التي تُعدّ من أبرز المؤشرات التي تراقبها الأسواق والمستثمرون لقياس آفاق الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد. ويزداد الاهتمام بهذه السندات في ضوء التوقعات التي تشير إلى أن انتخاب رئيس جديد قد يكون له تأثير مباشر في تحسين الوضع المالي والنقدي للبنان، مما يسهم في تقليص المخاطر المرتبطة بالدين العام ويحفِّز تدفقات الاستثمار.

ويوم الأربعاء، شهدت السندات السيادية الدولارية للبنان ارتفاعاً لليوم الخامس على التوالي، مدعومة بتفاؤل المستثمرين بانتخاب رئيس للجمهورية. وقد دفع هذا الارتفاع السندات لتحقيق زيادة تصل إلى 15 في المائة في الأيام الأولى من عام 2025، لتكون بذلك الأعلى بين نظيراتها في الأسواق الناشئة.

وتشير هذه التطورات إلى عائد بلغ 114 في المائة لحاملي السندات العام الماضي، وهو أيضاً الأضخم ضمن فئة الأصول.

وفي مذكرة له يوم الأربعاء، قال فاروق سوسة، المحلل في «غولدمان ساكس»، إن الانتخابات قد تمثل «خطوة أولى حاسمة نحو معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية العاجلة التي تواجهها البلاد». وأضاف: «نحن متفائلون بحذر بأن التصويت قد يسفر عن اختيار مرشح ناجح، مما يسهم في إنهاء الفراغ الرئاسي».

يشار إلى أن لبنان يعاني من أزمة اقتصادية ومالية خانقة منذ تخلفه عن سداد ديونه في عام 2020؛ ما أدى إلى تفاقم التحديات السياسية والاجتماعية في البلاد. ومع استمرار حالة الجمود السياسي، تبرز أهمية انتخاب إدارة جديدة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية، لا سيما تلك المرتبطة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يمكن أن يفتح الباب أمام مليارات الدولارات لدعم عملية إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي. يأتي ذلك أيضاً في ظل معاناة القطاع المصرفي المتضرر بشدة، وغياب أي تقدم في إعادة هيكلة الدين العام أو توحيد القطاع المصرفي، مما يجعل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية ضرورة ملحّة لاستعادة ثقة المستثمرين والمجتمع الدولي.