عادت أرقام الإصابات الجديدة إلى الارتفاع في إسبانيا لليوم الرابع على التوالي، فيما تستعدّ السلطات الصحية لمواجهة «موجة جديدة محتملة جداً للوباء مطلع الخريف»، كما جاء على لسان رئيس اللجنة العلمية المشرفة على إدارة الجائحة فرناندو سيمون، وذلك بعد أن تكاثرت بؤر الانتشار وعمّت معظم المناطق على أبواب شهر أغسطس (آب) الذي يتوقّع الخبراء أن يمهّد لارتفاع كبير في الإصابات بعد نهاية العطلة الصيفية.
ويقول المسؤولون في وزارة الصحة إن الميدان الجديد للمعركة ضد الوباء انتقل إلى المراكز الصحية التي تقدّم العناية الأولية، والتي تتحمّل اليوم العبء الأساسي الذي كانت تتحمله المستشفيات الكبرى إبّان المرحلة الأولى. وتستقبل هذه المراكز منذ أسابيع أعداداً متزايدة من المصابين الشباب الذين تتراوح إصاباتهم بين المتوسطة والخطرة، في الوقت الذي انخفض فيه عدد الأطباء والاختصاصيين الذين طلبت منهم السلطات الصحية استنفاد إجازاتهم خلال فترة الصيف استعداداً لفصل الخريف، حيث ينتظر أن تعود الإصابات إلى الارتفاع مع احتمال ازدياد الضغط على المستشفيات أيضا بسبب من انتشار الفيروسات الموسمية الأخرى.
وتفيد البيانات الواردة من السلطات الإقليمية إلى وزارة الصحة، بأنه بعد شهرين من الانحسار، عادت الإصابات إلى الارتفاع بشكل مضطرد في معظم الأقاليم لتتجاوز الألف يوميّاً، وأن أكثر من نصف هذه الإصابات يستدعي العلاج في المستشفيات. ويقول الخبراء إن معدّل السريان يحمل على الاعتقاد بأن الإصابات قد تعود إلى الارتفاع بسرعة كما حصل خلال فترات الذروة سابقاً.
وما يثير قلق الخبراء بشكل خاص، إضافة إلى انتشار الإصابات الجديدة في معظم الأقاليم الكبرى وفي طليعتها كاتالونيا ومدريد، أن الأرقام تشير إلى أن الفيروس لم يعد ينتشر فرديّاً فحسب، بل انتقل إلى مرحلة الانتشار الجماعي في عدة مناطق. ولا تستبعد السلطات الصحية اللجوء إلى تدابير عزل جزئية قبل نهاية هذا الشهر في بعض المناطق، خاصة أن الشهر المقبل سيشهد المزيد من اللقاءات العائلية والاجتماعية إضافة إلى تنقّل كثيف للعمالة الموسمية.
وكانت وزارة الصحة قد انتقدت بعض السلطات الإقليمية لعدم التزامها المعايير المطلوبة لبرامج متابعة المصابين واتصالاتهم، الأمر الذي أدى إلى ظهور بؤر إصابات كثيفة تهدد الآن بتفشّي الإصابات على نطاق واسع في أكثر من عشر مناطق.
وتقول الأخصائية في الوبائيات هيلينا ليخيدو من معهد الطب الاستوائي في لندن والمستشارة لدى وزارة الصحة الإسبانية، إن السلطات الإقليمية لم تقم بواجبها استعداداً لمرحلة رفع تدابير العزل، وإن ذلك «ستكون له عواقب وخيمة على الصحة والاقتصاد». كما وجّهت ليخيدو أيضاً اللوم إلى السلطات المركزية لأنها سمحت للعديد من الأقاليم بالانتقال من مرحلة إلى أخرى خلال رفع تدابير العزل، من غير أن تكون الأجهزة الصحية في هذه الأقاليم جاهزة لمواجهة مرحلة ثانية محتملة من الوباء أو حتى ظهور بؤر جديدة.
ورغم أن الأرقام في حد ذاتها ليست سبباً مباشرا للقلق في الوقت الراهن، كما يقول أحد الخبراء، فإن تجربة شهر مارس (آذار) المنصرم تدلّ على أن الوباء يمكن أن ينتقل إلى مرحلة الانتشار الواسع والكثيف في فترة لا تتجاوز عشرة أيام، وما زالت هناك أقاليم عديدة غير جاهزة لمثل هذا السيناريو. ومن المنتظر أن تعلن الحكومة الإقليمية في كاتالونيا حظراً شاملاً لأنشطة الملاهي الليلية اعتباراً من نهاية هذا الأسبوع بعد أن تأكّد ظهور العديد من البؤر الجديدة فيها، وبعد أن اعترفت إدارة الشرطة بأنها عجزت عن فرض احترام قواعد التباعد والوقاية في هذه الأماكن، خاصة على الشباب، وناشدت السلطات السياسية اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً. وكانت السلطات الصحية الإقليمية قد أفادت بتسجيل 721 إصابة جديدة مصدرها التجمعات الليلية.
وكانت السلطات الصحية في مقاطعة مرسية السياحية على شاطئ المتوسط قد أعلنت العودة إلى تدابير المرحلة الأولى التي تلت قرار رفع العزل، بعد أن ظهرت أمس ثلاث بؤر جديدة في محلة «توتانا» التي تكثر فيها المنتجعات وسجّل ما يزيد على 600 إصابة. وتواجه الحكومة الإسبانية ضغوطاً متزايدة من القطاعات الاقتصادية المتضررة التي لم تحصل بعد على المساعدات المالية الموعودة، والتي تشكو من عدم قدرتها على تحمّل تداعيات الأزمة واضطرارها لإعلان إفلاسها أو تسريح عمّالها في الأسابيع القليلة المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى أن المساعدات المالية التي تقرر أن تحصل عليها إسبانيا من صندوق الإنقاذ الأوروبي من تداعيات جائحة «كوفيد - 19» والمقدّرة بحوالي 140 مليار يورو، لن تصل إلى الخزينة الإسبانية قبل منتصف العام المقبل.
إسبانيا تستعدّ للموجة الثانية بتعبئة شاملة
إسبانيا تستعدّ للموجة الثانية بتعبئة شاملة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة