سنوات السينما: Accatone (1961)

فرانكو شيتي في «أكاتوني»
فرانكو شيتي في «أكاتوني»
TT

سنوات السينما: Accatone (1961)

فرانكو شيتي في «أكاتوني»
فرانكو شيتي في «أكاتوني»

Accatone (1961)
(جيد)
في قاع الحياة

في عام 1955 نشر المخرج الإيطالي بيير باولو بازوليني روايته الأولى «صبيان الحياة» (Ragazzi di vita) وبعد أربع سنوات نشر روايته الثانية «حياة عنيفة» (Una Vita violenta). كلتا الروايتين تعكسان شظف حياة الفتيان في إيطاليا بعد الحرب والتفافهم حول ما يُسمّى بالجرائم الصغيرة (احتيال، تجارة جنسية، سرقات فردية) في محاولتهم البقاء أحياء في فترة قاسية من حياة الطبقة الإيطالية الفقيرة.
هذا الاهتمام بتلك الحكايات وأفرادها هو موضوع أفلامه الأولى و«أكاتوني» هو أولها. حكاية الشاب فيتوريو أكاتوني كاتالدي (فرانكو شيتي) و«أكاتوني» تعني بالإيطالية شحّاذ لكنها أيضاً الاسم الطاغي على فيتوريو المتزوّج من امرأة ولديه ولد منها لكنه منقطع عنهما. هو قوّاد لامرأة أخرى اسمها مادالينا (سيلفنا كورسيني) لكن عندما يُلقي البوليس القبض عليها ويودعها السجن لعام، يصبح عاطلاً عن العمل. يلتقي لاحقاً امرأة أخرى (فرانكا بازوت) ويتماثل أمامه الاختيار بين أن يبقى بعيداً عن عمله السابق أو لا.
يصوّر بازوليني الفيلم بأسلوب متقشّف. الميزانية المحدودة التي أتيحت له تناسب الواقع الذي يقوم بتصويره بلا ألوان. شوارع ترابية في الضواحي. بيوت فقيرة وفتيان هائمون. بازوليني نفسه جاء من هذا العالم ومن تلك الطبقة لذلك كان طبيعياً له أن يعمد إلى تصويرها في أفلامه في ذلك الحين، محاولاً حث المشاهدين على فتح أعينهم على واقع قد لا يعوه.
في الوقت ذاته، أسس بازوليني لأسلوب عمل منتم للواقعية الإيطالية إنما مختلف عنها بملامح شعرية وسرد لا يكترث كثيراً لإيقاع الحكاية التقليدي. للأسف، لا يحمل العمل العمق الذي يطلبه المرء من فيلم يريد فحص الحياة الماثلة أمامه. ربما لأن بازوليني لم يكن ذا خبرة بعد في حث نفسه على طرح ما هو أكثر من واقعية الصورة. هذا لم يمنع من أن الفيلم مثّل بداية مهمّة واحتل مكانته الكلاسيكية حتى الآن. كذلك لا يمنع أن الفيلم ينجح في مساره الخاص وهو المسار ذاته الذي عمد بازوليني إليه في الستينات قبل أن يبدأ بالتنويع صوب أفلام ذات إنتاجات أكبر ومواضيع مبتعدة عن الواقع المرصود هنا.
صوّر بازوليني بعض المشاهد وعرضها على فديريكو فيلليني لمساعدته إيجاد التمويل. لكن فيلليني لم يُعجب بما شاهده ولم يكن يعتقد أن الممثل المختار للدور (فرانكو شيتي) يستطيع حمل الفيلم ولا أن وجهة الفيلم الواقعية ما زالت مناسبة في الستينات. الذي أنقذ المشروع هو المخرج مورو بولونيني الذي شاهد صوراً فوتوغرافية من تلك المشاهد واتصل بمنتجه ألبرتو بينيني ودفعه لإنتاج الفيلم.
يعكس بازوليني في «أكاتوني» كل ما يريد عكسه من برودة عاطفية حيال واقع قاسٍ وشخصيات بلا طموحات. لكنه يمنح الصوت لعب مستوى آخر منفصل إذ يستعين بموسيقى باخ لكي تصاحب مشاهد معينة من الفيلم. جماليتها على نقيض من الواقع المرسوم مما يبعث على المزيد من الاهتمام بما حاول المخرج تحقيقه بنجاح معتدل.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».