البصرة تهدد بالفيدرالية ردا على حرمانها من أموال النفط

مجلس المحافظة: استحقاقنا يبلغ 360 مليون دولار شهريا ولن نتنازل عنه

البصرة أكبر منتج للبترول في العراق وتعاني من الإهمال («الشرق الأوسط»)
البصرة أكبر منتج للبترول في العراق وتعاني من الإهمال («الشرق الأوسط»)
TT

البصرة تهدد بالفيدرالية ردا على حرمانها من أموال النفط

البصرة أكبر منتج للبترول في العراق وتعاني من الإهمال («الشرق الأوسط»)
البصرة أكبر منتج للبترول في العراق وتعاني من الإهمال («الشرق الأوسط»)

بعد أيام قليلة من وصول مسودة قانون الموازنة الاتحادية العراقية لعام 2014 إلى مجلس النواب ورفض اعتماد مبلغ خمسة دولارات عن كل برميل نفط للمحافظات المنتجة، هدد عدد من المسؤولين في محافظة البصرة بإعلان محافظتهم إقليما ودعوة المواطنين للخروج بمظاهرات ردا على حرمانهم من تلك الأموال.
وفي الوقت الذي أكد فيه نائب في البرلمان العراقي عن محافظة البصرة أن هناك أكثر من 120 نائبا لن يصوتوا على الموازنة في حال تعذر إدراج أموال المحافظات المنتجة للنفط فيها، بيّن مسؤول محلي في البصرة أن استحقاق المحافظة يبلغ أكثر من 360 مليون دولار شهريا ولن يجري التنازل عنها حتى لو تطلب الأمر الخروج بمظاهرات وإعلان المحافظة إقليما.
وقال عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة البصرة جواد البزوني لـ«الشرق الأوسط»، إن «قانون المحافظات المعدل نص بشكل واضح على استحقاق مبلغ خمسة دولارات عن كل برميل مستخرج من النفط للمحافظات المنتجة له»، مبينا أن «القانون أعلن في جريدة (الوقائع) العراقية ولا يجوز للحكومة عدم العمل به».
وأضاف أن «مسودة قانون الموازنة التي وصلت إلى مجلس النواب العراقي لم تحتو على خمسة دولارات لتلك المحافظات وإنما دولار واحد فقط، وهذه مخالفة كبيرة». وتابع أن «هناك أكثر من 120 نائبا لمحافظات وسط وجنوب العراق وكتل التحالف الكردستاني والمواطن ومتحدون ترفض هذا الشيء وستجري مقاطعة الجلسات ولن نصوت على الموازنة، إذ لن يكون هناك نصاب قانوني لعقد الجلسات». واشار إلى أن «هناك طريقا آخر إذا مررت الموازنة بصيغتها الحالية سيكون باللجوء إلى المحكمة الاتحادية العليا للطعن عليها لوجود مخالفات دستورية ضمنها».
من جهته، قال نائب رئيس مجلس محافظة البصرة وليد كيطان، إن «البصرة وضعت خطتها لموازنة عام 2014 على أساس وجود مبلغ خمسة دولارات والذي يعطينا استحقاقا ماليا قدرة 360 مليون دولار شهريا».
وأضاف أن «هناك الكثير من المشروعات العملاقة التي تعتزم الحكومة المحلية تنفيذها في عام 2014 منها عدد من الطرق الحولية والمجسرات العملاقة و50 وحدة سكنية ومشروعات بنى تحتية ستصطدم بالموازنة القليلة في حال إقرارها بالدولار الواحد للمحافظات المنتجة للنفط».
واشار إلى أن «مجلس محافظة البصرة يدعو إلى عقد مؤتمر للمحافظات المنتجة للنفط لأخذ دورها في المطالبة باستحقاقها واتخاذ موقف لمواجهة الحكومة المركزية والتحاور معها بشأن احتساب واردات البترودولار وتشكيل لجنة لاتخاذ القرارات المناسبة وفق الدستور».
وتابع أن «البصرة لديها الكثير من الخيارات في حال تعذر الاستجابة لمطالبها ومنها إعادة طلب إعلان المحافظة إقليما، فضلا عن استعداد المواطنين إلى الخروج بمظاهرات شعبية حاشدة والتفكير بشكل جدي بقطع إمدادات النفط إلى بغداد».
من جهة أخرى, هدد عدد من شيوخ العشائر ووجهاء محافظة البصرة بالزحف نحو المنطقة الخضراء والخروج بمظاهرات كبيرة ووقف إمدادات النفط في حال تعذر استجابة حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لمطالب أهل البصرة وإقرار الدولارات الخمسة ضمن موازنة العام الحالي.
وقال الشيخ سلام العيداني، أحد شيوخ عشائر البصرة، إن «عددا كبيرا من شيوخ محافظة البصرة ووجهائها ومنظمات مجتمع مدني وناشطين سيزحفون إلى المنطقة الخضراء في بغداد وسيقودون مظاهرات واعتصامات قد تؤدي إلى وقف صادرات النفط العراقي في حال إصرار الحكومة المركزية على عدم إقرار الدولارات الخمسة ضمن حصة المحافظة من البترودولار في الموازنة».
وتابع أن «الحكومة بخست حق أهل البصرة ولن نسمح بهذا الشيء، وتلك الأموال هي حق لمدينتنا وليس منّة من أحد علينا».
وكان مجلس الوزراء العراقي قد صوت في 15 يناير (كانون الثاني) الحالي بالموافقة على مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية 2014، وإحالته إلى مجلس النواب استنادا إلى أحكام المادتين «61-البند أولا و80-البند ثانيا» من الدستور.
يذكر أن مجلس النواب العراقي صوت في منتصف عام 2013 على التعديل الثاني للقانون الخاص بصلاحيات المحافظات غير المنتظمة بإقليم، الذي يتضمن صلاحيات واسعة للمحافظات في المجالين الاقتصادي والخدمي، منها زيادة مبالغ البترودولار من دولار إلى خمسة دولارات عن كل برميل نفط خام مستخرج أو مكرر في مصافي المحافظة، وعن كل 150 مترا مكعبا من الغاز الطبيعي المنتج، إلى ميزانية تلك المحافظة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.