سباق أدوية «كوفيد ـ 19»... «ديكساميثازون» يتصدر

دراسة جديدة تثبت إنقاذه حياة ثلث المرضى

جدارية لتكريم الكادر الطبي في أحد شوارع ميلانو (أ.ب)
جدارية لتكريم الكادر الطبي في أحد شوارع ميلانو (أ.ب)
TT

سباق أدوية «كوفيد ـ 19»... «ديكساميثازون» يتصدر

جدارية لتكريم الكادر الطبي في أحد شوارع ميلانو (أ.ب)
جدارية لتكريم الكادر الطبي في أحد شوارع ميلانو (أ.ب)

في الوقت الذي توالت فيه أدلة ترجح عدم فاعلية دواء «هيدروكسي كلوركين» كعلاج لمرض (كوفيد - 19) الذي يسببه فيروس «كورونا المستجد»، كان دواء «ديكساميثازون» على النقيض، يكسب أرضا جديدة كل يوم. وبعد نحو يوم من دراسة وجهت ضربة قاضية لدواء «هيدروكسي كلوركين»، المعروف باسم «دواء ترمب»، لترويج الرئيس الأميركي لاستخدامه في أكثر من مناسبة، أظهرت دراسة جديدة فاعلية دواء «ديكساميثازون».
وقبل نحو شهر أعلنت منظمة الصحة العالمية، وقف إجراء اختبارات على عقار «هيدروكسي كلوروكين» ضمن تجربة دولية تشرف عليها، وقالت إن النتائج الأخيرة للدواء تظهر أنه لا يحد من الوفيات في الحالات ذات الأعراض الشديدة، وجاء قرار منظمة الصحة العالمية بعد جدل كبير ومستمر حول هذا الدواء. وتلقى الدواء ضربة قاضية، بعد أن أظهرت دراسة أميركية أنه غير فعال أيضا مع مرضى الأعراض البسيطة، والذين لا يحتاجون لدعم تنفسي.
وخلال دراسة أعدها باحثون من جامعة مينسيوتا الأميركية، نشرتها دورية «حوليات الطب الباطني» يوم 16 يوليو (تموز) الحالي، فإن 24 في المائة من مرضى الأعراض الخفيفة الذين تناولوا «هيدروكسي كلوروكين»، كانت لديهم أعراض المرض في غضون أكثر من أسبوعين، وظهرت الأعراض لدى 30 في المائة من المرضى الذين تناولوا علاجا وهميا خلال الفترة ذاتها، وهو ما يعني أنه لا يوجد فرق ملموس. وبعد يوم واحد من صدور نتائج هذه الدراسة، حملت دراسة نشرتها دورية «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين» مزيدا من التأكيد على فاعلية دواء «ديكساميثازون».
وسبق أن أظهرت نتائج تجربة أولية على هذا الدواء تم الإعلان عنها في يونيو (حزيران) الماضي، فاعليته في علاج الحالات التي تعاني من مضاعفات تنفسية شديدة، بسبب مرض (كوفيد - 19)، وأكدت نتائج التجارب الجديدة الموسعة التي نشرتها «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين» فوائد هذا الدواء.
وديكساميثازون هو علاج ستيرويدي يُستخدم منذ عام 1960 للحد من الالتهاب في مجموعة أمراض من بينها الاضطرابات الالتهابية وبعض أنواع السرطان، وأدرجته منظمة الصحة العالمية ضمن القائمة النموذجية للأدوية الأساسية منذ عام 1977. وهو حالياً غير محمي ببراءة الاختراع ومتوفر بتكلفة ميسورة في معظم البلدان.
وأكدت نتائج الدراسة الجديدة أنه يمكن أن ينقذ حياة ما يصل إلى ثلث المرضى في المستشفى الذين يعانون من مضاعفات تنفسية شديدة، ولم يكن هناك «تأثير واضح» على المرضى الذين لم يتلقوا الدعم التنفسي.
وخلال التجربة التي أجريت بالدراسة، تم تحديد 2104 مرضى بشكل عشوائي لتلقي 6 ملغ من ديكساميثازون عن طريق الفم أو الوريد مرة واحدة يومياً لمدة تصل إلى 10 أيام، بينما تم تعيين 4321 مريضاً لتلقي الرعاية المعتادة.
وكان 16 في المائة يتلقون تهوية ميكانيكية غازية، و60 في المائة كانوا يتلقون الأكسجين فقط، و24 في المائة لم يتلقوا أياً منهما.
وبشكل عام، توفي 482 مريضاً (22.9 في المائة) في مجموعة ديكساميثازون، و1110 مرضى (25.7 في المائة) في مجموعة الرعاية المعتادة في غضون 28 يوماً، وكانت نسبة الوفيات بين المرضى الذين يتلقون التهوية الميكانيكية الغازية 29.3 في المائة لأولئك الذين أعطوا ديكساميثازون، مقارنة مع 41.4 في المائة من أولئك الذين يتلقون الرعاية المعتادة.
وفي أولئك الذين تلقوا الأكسجين دون تهوية ميكانيكية غازية، كان معدل الوفيات 23.3 في المائة في مجموعة ديكساميثازون، مقارنة مع 26.2 في المائة لمن تلقوا رعاية معتادة.
يقول بيتر هوربي، أستاذ الأمراض المعدية الناشئة بجامعة أكسفورد، وأحد كبار الباحثين بالتجربة في تقرير نشره موقع «ميد سكيب» أول من أمس: «فائدة البقاء على قيد الحياة واضحة وكبيرة في المرضى الذين يعالجون بالأكسجين، لذا يجب أن يصبح الديكساميثازون الآن علاجا لهؤلاء المرضى».
وفي افتتاحية العدد الأخير من مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين» التي نشرت الدراسة، قال دكتور كليفورد لين والدكتور أنتوني فوسي من المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية إن النتائج قدمت «وضوحاً في مجال الجدل العلاجي وربما ستؤدي إلى إنقاذ العديد من الأرواح». قالوا إنه «أثناء الفاشية، عندما كان الناس يموتون، كان هناك إغراء بأن جميع العلاجات يجب أن (تُمنح فرصة)، ولكن مع المزيد من الدراسات يتضح الفارق بين الأدوية المختلفة».
وكانت منظمة الصحة العالمية أعطت دعما مبكرا للدواء بعد صدور النتائج الأولية للتجارب التي أجريت عليه، وأصدرت بيانا عبرت فيه عن ترحيبها بهذه النتائج.
وقالت في البيان الذي نشرته على موقعها الإلكتروني يوم 16 يونيو، إن نتائج التجربة السريرية الأولية الواردة من المملكة المتحدة، تُظهر أن الديكساميثازون يمكن أن ينقذ حياة مرضى كوفيد - 19 ذوي الحالات الحرجة. ورغم هذه النتائج الإيجابية فإن القصة لم تنته بعد والأمر لا يزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات، كما يقول الدكتور خالد محمدي، أستاذ الميكروبيولوجي بجامعة أسيوط (جنوب مصر). الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كانت نتائج (هيدروكسي كلوركين) مشجعة في البداية على استخدامه، ثم توالت الانتقادات لهذا الدواء، لذلك فإن إعطاء مزيد من الثقة لدواء الديكساميثازون يتطلب المزيد من الدراسات». وتابع «يجب إجراء أكثر من دراسة في أكثر من بلد، وعدم الاكتفاء بالدراسة التي أجريت على 2104 مرضى لإصدار حكم قاطع على الدواء».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».