«الجيش الليبي» يستعرض قواته الجوية في محيط سرت

دعوات أممية وغربية للعودة إلى طاولة المفاوضات

ميليشيات موالية لـ{الوفاق} في منطقة أبو قرين شرق مصراتة (إ.ب.أ)
ميليشيات موالية لـ{الوفاق} في منطقة أبو قرين شرق مصراتة (إ.ب.أ)
TT

«الجيش الليبي» يستعرض قواته الجوية في محيط سرت

ميليشيات موالية لـ{الوفاق} في منطقة أبو قرين شرق مصراتة (إ.ب.أ)
ميليشيات موالية لـ{الوفاق} في منطقة أبو قرين شرق مصراتة (إ.ب.أ)

وسط دعوات أممية وغربية واتصالات مكثفة للعودة مجددا إلى طاولة المفاوضات في ليبيا، نفذت أمس طائرات مقاتلة، تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، عملية استعراض مفاجئة لقدراتها الجوية في محيط مدينة سرت الاستراتيجبة (وسط)، التي تقع على بعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس.
وقال خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، لدى قيامه بزيارة ميدانية لإحدى وحدات الجيش الليبي، موجها كلامه لتركيا وقطر و«المرتزقة» والميليشيات إن «أكبر خطأ ارتكبوه هو التفكير في غزو ليبيا، ومحاولة احتلالها»، مضيفاً: «هذا التلاحم هو ما يزعج الإرهاب، وهو ما يقض مضاجع (الإخوان)، وبالتالي فإن النصر قادم إن شاء الله».
في غضون ذلك، يواصل المجتمع الدولي جهوده لخفض حدة التوتر حول مدينة سرت، بهدف استئناف العملية السياسية، التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، حيث اعتبر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنه «لا يوجد حل عسكري للوضع الحالي في ليبيا»، وأن الحل الوحيد لهذا الصراع «هو حل سياسي متفاوض عليه».
وقال دوجاريك في مؤتمر صحافي نشر الموقع الإلكتروني الرسمي للمنظمة الدولية تفاصيله أول من أمس: «الرسالة التي يريد الأمين العام توجيهها إلى مصر وبقية الأطراف الأخرى هي أنه لا يوجد حل عسكري للوضع الحالي في ليبيا، وأن الحل الوحيد هو حل سياسي متفاوض عليه»، مضيفا «هذا بالضبط هو ما تبلغه ستيفاني ويليامز، الرئيسة المؤقتة للبعثة الأممية إلى ليبيا، في اتصالاتها مع كافة الأطراف المعنية بالصراع».
لكن خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة «الوفاق»، وأحد أبرز قيادات تنظيم «الإخوان» في ليبيا، قال في المقابل إنه أبلغ ويليامز أول من أمس، بما وصفه بثوابت المجلس، وعلى رأسها عدم الجلوس مع حفتر في أي حوار، وأن أي قرارات تصدر عن الحوار «يجب أن تتوافق مع الاتفاق السياسي المبرم نهاية عام 2015 في مدينة الصخيرات المغربية».
وتزامنت هذه التصريحات مع دعوة الاتحاد الأوروبي إلى توقف تأجيج اللاعبين الإقليميين للصراع الليبي، واعتبر أن التهديدات باللجوء إلى التدخل العسكري خطيرة، وتزيد من تفاقم المواجهة المباشرة بين الأطراف الليبية، وستؤدي إلى مزيد من التصعيد.
وشدد الاتحاد الأوروبي في بيان على أن الاستجابة الوحيدة المسؤولة لمصلحة ليبيا والليبيين، والمنطقة بأسرها «هي زيادة الجهود الجماعية نحو حل سياسي تفاوضي. وقد اتخذنا جميعاً التزامات قوية في إطار عملية برلين، بقيادة الأمم المتحدة، بشأن ليبيا. وقد حان الوقت لترجمتها إلى إجراءات ملموسة، ووقف التدخل الأجنبي في ليبيا».
وتعهد الاتحاد الأوروبي بأن يستمر في التواصل مع جميع أصحاب المصلحة الدوليين والإقليميين والليبيين لتشجيعهم على العودة إلى روح التوافق حول مخرجات برلين، وإلى المفاوضات السياسية التي ينبغي أن تمهد الطريق لانتقال بقيادة ليبية، باعتباره الخيار الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام للشعب الليبي.
من جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال اتصاليّن هاتفيين مع نظيريه الفرنسي جان إيف لودريان، والألمانى هايكو ماس، أمس، على الموقف المصري من الأوضاع في ليبيا، وشدد على الأولوية التي يوليها الجانب المصري للعمل على وقف إطلاق النار، وللتوصل إلى حل سياسي تفاوضي ليبي - ليبي، مشيراً إلى أن (إعلان القاهرة)، «الذي يأتي مكملاً لمسار برلين، يهدف لتعزيز فرص تحقيق مثل هذا الحل الذي يحافظ على الدولة الوطنية الليبية ووحدة أراضيها، ويسمح بمواصلة جهود القضاء على الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة، حتى ينعم الشعب الليبي الشقيق بالأمن والاستقرار».
وقال بيان للناطق باسم وزارة الخارجية المصرية إن شكري أكد أيضا على أن النجاح في التوصل للحل السياسي المنشود «يقتضي التصدي بحزم لانتشار التنظيمات المتطرفة في الأراضي الليبية، والتدخلات الخارجية على نحو لا يهدد المصالح المصرية فحسب، وإنما يمس أمن الدول المطلة على البحر المتوسط، بل والاستقرار الإقليمي والدولي بشكل عام».
إلى ذلك، دعت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة «الوفاق»، عناصرها أمس إلى حضور اجتماع في ضاحية جنزور بطرابلس، بهدف تدشين وتفعيل جهاز «الحرس الوطني».
ويستهدف الجهاز الجديد، عبر إحياء فكرة «الحرس الوطني» للمرة الخامسة على التوالي، دمج الميليشيات، أو ما تسميها حكومة «الوفاق» بالقوات المساندة لها في مؤسسات الدولة الرسمية، والمشاركة في حماية منافذ البلاد ومنشآتها النفطية.
في سياق ذلك، هدد فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، في تغريدة له عبر موقع «تويتر» بملاحقة الدول الداعمة للمشير حفتر، بعدما حملها «مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.