لبنان يستجيب لطلب «صندوق النقد» بخطة تشاركية جديدة للإنقاذ

بعد الاعتراض النيابي و«تعثر» صدام الحكومة مع القطاع المالي

فقدت الليرة اللبنانية الكثير من قيمتها مع تدهور الأوضاع الاقتصادية (أ.ف.ب)
فقدت الليرة اللبنانية الكثير من قيمتها مع تدهور الأوضاع الاقتصادية (أ.ف.ب)
TT

لبنان يستجيب لطلب «صندوق النقد» بخطة تشاركية جديدة للإنقاذ

فقدت الليرة اللبنانية الكثير من قيمتها مع تدهور الأوضاع الاقتصادية (أ.ف.ب)
فقدت الليرة اللبنانية الكثير من قيمتها مع تدهور الأوضاع الاقتصادية (أ.ف.ب)

يزدحم الميدان اللبناني بالعديد من الشركات الدولية المتخصصة بالاستشارات المالية والاقتصادية والرقابة المحاسبية والتدقيق المعمق أو الجنائي، والتي تتوزع مهمات تعاقدية أوْلتها لها الحكومة وتتركز نواتها في حسابات البنك المركزي. فيما تحوز المفاوضات «المجمدة حالياً» مع خبراء صندوق الدولي، بهدف الحصول على برنامج تمويل مالي، أولوية موضوعية كونها ستحدد حكماً المسار الإنقاذي ومحطاته لمحاولة انتشال البلاد من أسوأ أزماتها النقدية والمالية على الإطلاق.
ويبدو أن تبلور قناعة حكومية بإعادة النظر بخطتها للتعافي التي أنجزتها بالتعاون مع شركة «لازارد»، والتي دفعت بمجموعة من كبار الموظفين والمستشارين الداعمين إلى الانكفاء أو الاستقالة التي أشهرها مدير عام وزارة المال آلان بيفاني، اعتراضاً على التحول الحاصل في الموقف الرسمي، أملت العودة الوشيكة للشركة الاستشارية الدولية للمعاونة في إعداد خطة معززة بتنسيق جدي مع مكونات القطاع المالي وتحترم شراكة السلطة التشريعية وملاحظاتها. ومن ثم إطلاق مسار مفاوضات موازية مع دائني الدولة بالعملات الأجنبية الحاملين لسندات دين دولية (يوروبوندز) بما يناهز 32 مليار دولار.
ولوحظ أن وزير المال غازي وزني يعمد إلى تعميم أجواء أكثر إيجابية في توصيف علاقة الحكومة مع حاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف، بخلاف حال الصدام الذي ساد لأشهر بين الثلاثي المعني حكماً بآليات المفاوضات وتقدمها مع خبراء صندوق النقد.
ورصد مسؤولون مصرفيون وخبراء تبدلاً نوعياً في الخيارات الحكومية الإنقاذية عقب الخلاصات المغايرة للخطة الأصلية التي توصلت إليها لجنة المال والموازنة، حيث بيّنت عمليات التدقيق «فجوات» واسعة في التقديرات الرسمية للخسائر المالية المجمعة بنحو 241 تريليون ليرة (ما يوازي 69 مليار دولار) وفق السعر الاسترشادي الذي قرره واضعوا الخطة عند 3500 ليرة لكل دولار. بينما يمكن أن تتدنى إلى ثلث هذا الرقم وفقاً للتدقيق العلمي، وبالأخص ما يتصل بالمعايير المحاسبية الخاصة بالبنوك المركزي وبالتقديرات المغلوطة لاحتساب خسائر محفظة التمويل المصرفي للقطاع الخاص والتغاضي عن الضمانات المقابلة، والذي كشفته بوضوح لجنة الرقابة على المصارف. وينطبق الأمر عينه على السندات الدولية.
ويتمدد اختلاف التصورات، حسب المصادر، إلى جوهر الخطة السابقة لجهة عدم صوابية الأرقام ومنهجية «الشطب» الكيفي في استهداف خفض إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي من نحو 49 مليار دولار إلى نحو 24 مليار دولار. وهو ما يخالف التقديرات الموضوعية التي تُجمع على تقلص الناتج إلى نحو 39 مليار دولار. وهو ما يؤدي إلى تباعد صريح في تقدير الحاجات التمويلية الملحّة التي قدرتها الحكومة بما يصل إلى 28 مليار دولار خلال 5 سنوات، فيما قدّرتها المصارف بما يقل عن 10 مليارات دولار.
كما كشفت تحريات اللجنة النيابية عن مقاربات وتوصيفات وتوزيعات للأعباء، لا تتصف بالعدالة في أغلبها، لجهة رمي الأثقال على مصرف لبنان والجهاز المصرفي حصراً وتبرئة الدولة المدينة للطرفين من محفظة ديون عامة تناهز 93 مليار دولار، مما سيفضي حتماً إلى خلل هائل في ميزانية البنك المركزي واقتطاعات كبيرة من مدخرات الأفراد والشركات في المصارف وحجز بلا سقف زمني لما يتبقى من ودائع. فضلاً عن تعريض القطاع المصرفي لهزات عنيفة قد لا تترك سوى النَّزر القليل من كياناته وأصوله البالغة حالياً نحو 200 مليار دولار.
وفي مجال التفاوض مع الدائنين الأجانب الذين يحملون نحو نصف محفظة سندات الدين الدولية، يُرتقب أن تتولى شركة «لازارد» دورها المولجة به سابقاً بعد استدعائها مجدداً إلى لبنان. فتضيف إلى مهمتها الاستشارية للحكومة، موجبات ترتيب مسار جديد يقوم على التواصل الإيجابي مع مجمل الدائنين بالدولار للدولة والخروج من «عشوائية» المزايدات على نسب الحسم التي تبارى بها «المستشارون» وبلغت حدود «العصيان» عبر التنصل التام عن دفع شرائح السندات كافة أصولاً وفوائد مستحقة. ليتبين أن كلفة المخاطر قد تصل إلى عزل لبنان تماماً وتعريض الدولة إلى مقاضاة «مكلفة» أمام المحاكم الأميركية المنصوص على مرجعيتها التحكيمية في صكوك السندات.
ويتوقع وزير المال أن إعادة هيكلة الدين المقوّم بالدولار الأميركي ستؤدي إلى وفورات بين 18 و22 مليار دولار من أصل إجمالي سندات «اليوروبوندز» المُصدرة من الدولة اللبنانية، وذلك حسب نسبة الخصم التي ستُعتمد في الاتفاق النهائي، علماً بأنه يتم حالياً تداول هذه السندات في الأسواق بأسعار تتراوح بين 17 و21% من قيمتها الاسمية. لكن مصادر مصرفية معنية تقدر أن موافقة الدائنين الأجانب على هذه النسب معقدة للغاية، وليس يسيراً إقناع دائن دولي بالخسارة الطوعية بهذا الحجم، ما دامت الدولة تملك أصولاً وافية وتخوض مفاوضات تمويل مع صندوق النقد الدولي.



بعد حظر صفقة الـ15 مليار دولار... «نيبون ستيل» و«يو إس ستيل» تقاضيان إدارة بايدن

لوحة إرشادية عند مدخل منشأة شركة «نيبون ستيل» في كاشيما شمال طوكيو (أ.ف.ب)
لوحة إرشادية عند مدخل منشأة شركة «نيبون ستيل» في كاشيما شمال طوكيو (أ.ف.ب)
TT

بعد حظر صفقة الـ15 مليار دولار... «نيبون ستيل» و«يو إس ستيل» تقاضيان إدارة بايدن

لوحة إرشادية عند مدخل منشأة شركة «نيبون ستيل» في كاشيما شمال طوكيو (أ.ف.ب)
لوحة إرشادية عند مدخل منشأة شركة «نيبون ستيل» في كاشيما شمال طوكيو (أ.ف.ب)

رفعت شركتا «نيبون ستيل» و«يو إس ستيل» دعوى قضائية في المحكمة الفيدرالية، للطعن على قرار إدارة بايدن بحظر صفقة مقترحة تُقدر قيمتها بنحو 15 مليار دولار، كان من المقرر أن تستحوذ بموجبها شركة «نيبون» على شركة «يو إس ستيل» التي تتخذ من بيتسبرغ مقراً لها.

وتزعم الدعوى التي تمّ تقديمها يوم الاثنين في محكمة الاستئناف الأميركية في مقاطعة كولومبيا، أن القرار اتُّخذ لأسباب سياسية، وينتهك الحقوق القانونية للشركات في الحصول على الإجراءات القانونية الواجبة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وجاء في بيان مشترك للشركتين، يوم الاثنين: «منذ بداية العملية، عملت كل من (نيبون ستيل) و(يو إس ستيل) بحسن نية مع جميع الأطراف المعنية لتوضيح كيف ستُسهم الصفقة في تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة بدلاً من تهديده، بما في ذلك تنشيط المجتمعات التي تعتمد على صناعة الصلب الأميركية، وتعزيز سلسلة توريد الصلب لدى الولايات المتحدة، وتقوية صناعة الصلب المحلية الأميركية في مواجهة تهديدات الصين. (نيبون ستيل) هي الشريك الوحيد الذي يمتلك القدرة والاستعداد للاستثمار اللازم».

وكانت «نيبون ستيل» قد تعهّدت باستثمار 2.7 مليار دولار في تجديد عمليات أفران الصهر القديمة لشركة «يو إس ستيل» في غاري بولاية إنديانا، وفي وادي مون بولاية بنسلفانيا. كما التزمت بعدم تقليص الطاقة الإنتاجية في الولايات المتحدة على مدار العقد المقبل من دون الحصول أولاً على موافقة الحكومة الأميركية.

وقررت إدارة بايدن، يوم الجمعة، وقف صفقة الاستحواذ بعد أن فشلت الهيئات التنظيمية الفيدرالية في التوصل إلى قرار بشأن الموافقة عليها، وذلك بسبب قلقه من أن «صناعة الصلب القوية التي تملكها وتشغلها شركات أميركية تمثّل أولوية أساسية للأمن القومي... دون إنتاج الصلب المحلي وعمال الصلب المحليين، تصبح أمتنا أضعف وأقل أمانًا»، كما جاء في بيان بايدن.

وعلى الرغم من تأكيد مسؤولي الإدارة أن هذه الخطوة لا علاقة لها بالعلاقات بين اليابان والولايات المتحدة، فإن هذه هي المرة الأولى التي يُوقف فيها رئيس أميركي اندماجاً بين شركة تابعة لبلاده وأخرى يابانية.

ومن المتوقع أن يغادر بايدن البيت الأبيض في غضون أسابيع قليلة.

ويأتي قرار الرئيس بحظر الصفقة بعد فشل لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS) في التوصل إلى توافق بشأن المخاطر الأمنية المحتملة المرتبطة بالصفقة الشهر الماضي، وأرسلت تقريراً طال انتظاره عن الاندماج إلى بايدن الذي كان أمامه 15 يوماً للتوصل إلى قرار نهائي.