اشتعال الصراع بين قادة الميليشيات الانقلابية على «المسروقات»

قيادات حوثية أقامت نقاط تفتيش في الشوارع لابتزاز المارة ونهب ما بحوزتهم

إحدى نقاط التفتيش في الحديدة (غيتي)
إحدى نقاط التفتيش في الحديدة (غيتي)
TT

اشتعال الصراع بين قادة الميليشيات الانقلابية على «المسروقات»

إحدى نقاط التفتيش في الحديدة (غيتي)
إحدى نقاط التفتيش في الحديدة (غيتي)

في ظل الصراع الحوثي المتصاعد على المنهوبات والسيطرة والنفوذ، شنت الميليشيات الحوثية، حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من عناصرها ومشرفيها في ثلاثة أحياء سكنية واقعة في صنعاء العاصمة، عقب نشوب خلافات حادة على أموال ومواد أخرى نهبتها الجماعة من تجار ومواطنين.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر محلية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن مسلحين يتبعون الأمن الوقائي الحوثي (الأمن الداخلي للجماعة) وبتوجيهات من قادة بارزين قاموا على مدى اليومين الماضيين باعتقال أكثر من 17 عنصراً ومشرفاً في أحياء «الثورة والسنينة والجراف» في العاصمة على خلفية نشوب خلافات بين تلك العناصر والمشرفين قادت بعضها إلى اشتباكات بالأيدي ومواجهات بالأسلحة. وفي مربع حي الثورة بصنعاء، تحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية أقدمت على نهب أموال وجنابي ثمينة (خناجر) وأسلحة شخصية من مواطنين بواسطة نقاط تفتيش كانت قد نصبتها في الشوارع بغية ابتزاز المارة ونهب ما بحوزتهم.
وأكدت المصادر أن خلافات كبيرة اندلعت بين خمسة مشرفين حوثيين من «صعدة وعمران وصنعاء» في مديرية الثورة بصنعاء، بعد محاولة مشرفي صعدة الاستفراد بمبلغ مليون ريال سعودي جرى نهبها من أحد التجار بتهمة تهريب العملة إلى جانب منهوبات عينية أخرى تمت سرقتها من مواطنين بعد ابتزازهم. وبحسب المصادر، فإن الشكوى التي قدمها التاجر ومواطنون آخرون تعرضوا لنهب وابتزاز المسلحين الحوثيين ومشرفيهم، فجرت الخلافات بين القيادات الحوثية في المديرية ذاتها؛ كونها كشفت عن قيام أحد المشرفين ويدعى «أبو حمزة» بالعمل لصالحه، لتتصاعد الخلافات إلى قيادات عليا نافذة.
وفي أحياء السنينة والجراف، أشارت المصادر الخاصة إلى تصاعد حدة الخلافات والتوترات بين قادة ومشرفي الجماعة على خلفية جبايات كبيرة كانت قد جمعتها عناصرها من عدد من المحال التجارية والمطاعم والمقاهي وأفران الخبز بذريعة عودة الحياة في صنعاء إلى طبيعتها بعد إيقافها بشكل كلي من قبل الجماعة بحجة جائحة كوفيد - 19.
وطبقاً لما أكدته المصادر، فإن القيادات الحوثية النافذة تحاول بشكل مستمر تبرئة ساحة أتباعها من المشرفين والقيادات الوسطية، وتُحمّل عمليات النهب والابتزاز والسرقة والتعسف والانتهاك التي تطال اليمنيين بصورة متكررة لمجندين صغار من المتحوثين الذين لا ينتمون إلى السلالة الحوثية.
وعلى الصعيد ذاته، وتواصلاً لمسلسل الاقتتال والصراع الحوثي المتصاعد، فقد شهدت العاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرة الميليشيات على مدى الأسبوعين الماضيين العشرات من حملات الاعتقال والاختطاف والتصفية الجسدية بحق عدد من قادة ومشرفي وأتباع الجماعة.
وفيما أقدم القيادي الحوثي أحمد حامد المكنى بـ«أبو محفوظ» وينتمي إلى محافظة صعدة قبل أيام على اختطاف أحد المشرفين الحوثيين ويدعى سليمان الغولي من أحد شوارع صنعاء لأسباب تتعلق بصراع الأجنحة على الإتاوات والنفوذ، أقدمت قيادات حوثية أخرى بعدها بأيام على اختطاف أحد المشرفين التابعين لها في محافظة عمران المكنى بـ«أبو شهيد» من منزله في صنعاء على خلفية ابتزازه وسرقته لملايين الريالات من تجار في صنعاء. وفق ما أفادت به مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».
واعتبرت المصادر أن السبب الحقيقي الذي يقف وراء عملية الاختطاف يعود إلى خلاف نشب بين أطراف حوثية من صعدة وأخرى وعمران حول مبالغ مالية ومواد غذائية متنوعة تم نهبها من تجار ومحال تجارية.
ويأتي تصاعد حدة الخلافات بين الأجنحة والفصائل الانقلابية على المنهوبات، في وقت كشفت فيه تقارير محلية عن قيام الميليشيات، المسنودة من طهران، خلال الفترة القليلة الماضية بعملية تصفية لقائد ميداني بارز تابع لها في مدينة الحديدة.
ونقلت التقارير عن مصادر محلية في الحديدة قولها، إن «الميليشيات قامت بتصفية القيادي الميداني المدعو مسعود ملهي العباسي المكنى بـ(أبو مشير) قائد جبهة مفرق اللاوية في الدريهمي بعد أيام على تداول مقطع فيديو له يظهر فيه صارخا في اتصال هاتفي لقياداته العليا يشكو الجوع والفاقة وإهمال مجموعته المكونة من 30 فرداً».
ومع اتساع رقعة الخلافات داخل أجنحة الميليشيات وبروزها في أشكال مختلفة خصوصاً خلال الأشهر القليلة الماضية، ظهرت أخيراً عائلة الأكاديمي الراحل المقرب من الحوثيين أحمد شرف الدين في بيان مفاجئ يتهم الانقلابيين بالوقوف وراء تصفية قضية والدهم وتعمدهم إيقاف القضية وعدم البت بالمحاكمة. وكان شرف الدين اغتيل في صنعاء برصاص مجهولين في 2014 يرجح أنهم على صلة بأحد أجنحة الجماعة الحوثية، على خلفية بروز الأول في صدارة المشهد على حساب عائلة الحوثي.
وذكر البيان الذي وزعته عائلة شرف الدين أن محكمة تابعة للجماعة الحوثية في صنعاء أصدرت حكماً ضد متهمين باغتيال والدهم، الذي كان ممثلاً عن الجماعة في مؤتمر الحوار الوطني، دون أن تكون الأسرة على علم بهذه المحاكمة التي وصفتها بـأنها «مريبة». وأكدت العائلة أن قضية والدهم قضية رأي عام ولا يجوز التعاطي معها في غرف «مغلقة ومظلمة»، متهمة الميليشيات الحوثية بالتستر على الجناة الحقيقيين ومحاولة تصفية القضية بهكذا محاكمات لا تتوافر فيها أي شفافية أو عدالة.
وبحسب متابعين ومهتمين في صنعاء، تعد الإشارات من عائلة شرف الدين اتهاما صريحا للانقلابيين بالوقوف خلف تصفية والدهم ومحاولة التستر على من يقف خلف اغتياله عن طريق محاكمة سرية وغير مشروعة لا توفر أدنى شروط الشفافية. ويرى المتابعون والمهتمون أن البيان يتضمن إقراراً من طرف مقرب من الانقلاب بهزلية سلسلة أحكام الإعدام التي أصدرتها المحكمة ذاتها بحق مختطفين مدنيين وسياسيين وصحافيين منذ الانقلاب نهاية 2014 والتي تفتقد للمشروعية الدستورية علاوة على كونها أحكاماً صادرة عن جماعة انقلابية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.