اهتمام عراقي بـ«علاقة متوازنة»... وتركيز إيراني على زيادة التبادل التجاري

الكاظمي يشدد في طهران على «عدم التدخل»... وخامنئي يكرر الدعوة إلى {طرد الأميركيين}

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستقبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في طهران أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يستقبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

اهتمام عراقي بـ«علاقة متوازنة»... وتركيز إيراني على زيادة التبادل التجاري

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستقبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في طهران أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يستقبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في طهران أمس (أ.ف.ب)

بدأ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أمس مباحثاته في طهران مع كبار المسؤولين الإيرانيين يتقدمهم المرشد علي خامنئي والرئيس حسن روحاني الذي عامل ضيفه العراقي من حيث بروتوكول الاستقبال بمستوى رئيس دولة، حين حرص أن تجرى مراسم استقبال رسمية للكاظمي وهو ما يحصل للمرة الأولى برغم أن كل رؤساء الوزراء العراقيين السابقين بعد عام 2003 ما عدا إياد علاوي، كان يجري استقبالهم رسميا من قبل نائب الرئيس الإيراني برغم علاقات بعضهم المتميزة مع إيران مثل إبراهيم الجعفري ونوري المالكي.
وكان مقررا أن تكون الرياض أول من أمس المحطة الأولى في جولة الكاظمي الخارجية لكن دخول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز المستشفى لإجراء فحوصات، أملى إرجاء الزيارة باتفاق مع بغداد إلى ما بعد خروج الملك سلمان من المستشفى لإعطائها المكانة التي تستحقها.
ويصطحب الكاظمي معه إلى طهران وفدا وزاريا كبيرا معظم أعضائه ممن كانوا في المملكة العربية السعودية، حيث تم توقيع عدة مذكرات تفاهم واتفاقيات.
ميزة أخرى خصت طهران الكاظمي بها إذ أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بغداد الأحد الماضي أن خامنئي وبسبب جائحة «كورونا» لم يستقبل منذ 5 أشهر أي مسؤول إيراني ما عدا الرئيس حسن روحاني لكنه سوف يستقبل الكاظمي، وسيكون مع الكاظمي وزير عراقي واحد هو نائب رئيس الوزراء وزير المالية علي عبد الأمير علاوي.
وقال «المرشد» علي خامنئي لدى استقباله الكاظمي، أمس، إن «إيران لن تتدخل في علاقات العراق وأميركا»، مضيفاً: «نتوقع من الأصدقاء العراقيين معرفة أميركا وأن يعلموا أن حضورهم في أي بلد هو مصدر الفساد والخراب والدمار».
ومع ذلك، عدّ خامنئي النظرة الأميركية للعراق «النقطة المقابلة» للنظرة الإيرانية، مضيفا أنها «عدو بكل ما للكلمة من معنى، لا تريد عراقا مستقلا وقويا بحكومة منتخبة بأصوات الأكثرية». وأضاف خامنئي «لا يهم أميركا من يكون رئيس الوزراء العراقي إنها تريد حكومة مثل حكومة بول بريمر في بداية سقوط صدام». وكرر خامنئي دعوات سابقة لطرد القوات الأميركية من العراق عندما قال «نتوقع متابعة قرار الحكومة والأمة والبرلمان العراقي لطرد الأميركيين». وأضاف «لن ننسى اغتيال الجنرال (قاسم) سليماني وسنوجه ضربة مماثلة للأميركيين»، حسب موقع خامنئي الرسمي.
وذكر خامنئي أن مقتل سليماني والمسؤول في {الحشد} العراقي أبو مهدي المهندس كان «نتيجة الحضور الأميركي» وقال مخاطبا الكاظمي: «إنهم قتلوا ضيفكم في بيتكم واعترفوا صراحة (...) هذا ليس موضوعا صغيرا». وأضاف «يجب متابعة طرد الأميركيين لأن وجودهم يزعزع الأمن».
ودفع خامنئي باتجاه نفي سعي طهران للتدخل في الشؤون العراقية وقال: «لم ولن نريد التدخل في شؤون العراق». وقال «من المؤكد أن تعارض إيران أي شيء يضعف الحكومة العراقية».
وبدا واضحا أن جدول الأولويات بين الطرفين يختلف بشأن أهداف زيارة الكاظمي بين رغبة إيرانية في رفع مستوى التبادل التجاري ورغبة العراق في خلق موازنة في علاقاته الخارجية طبقا لمصلحته الوطنية.
ففي مؤتمر صحافي مشترك عقده مع روحاني، قال الكاظمي إن الشعب العراقي «محب وتواق للعلاقات مع إيران وفق مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية».
بدوره، أشاد روحاني بحركة التجارة بين البلدين، خلال هذه الفترة، لافتا إلى أن مباحثاته مع الكاظمي شملت هذا الجانب، مجددا دعوات سابقة لبلاده لرفع مستوى التبادل التجاري مع العراق إلى 20 مليار دولار سنويا. وأشار روحاني إلى إبرام اتفاقيات بين طهران وبغداد خلال فترة رئيس الوزراء العراقي السابق، عادل عبد المهدي لتجريف شط العرب وإقامة سكة حديد بين حدود الشلامجة والبصرة.
وأضاف روحاني «ناقشنا في مباحثات اليوم القضايا المتعلقة باستقرار المنطقة والدور الذي يمكن للعراق أن يلعبه باعتباره بلدا عربيا قويا في المنطقة».
وبالعودة إلى الاهتمام الإيراني بالشق الاقتصادي للزيارة، قال رئيس غرفة التجارة المشتركة بين إيران والعراق الإيرانية، يحيى آل إسحاق، إن المباحثات سوف تشمل ديون إيران على العراق المتعلقة بالطاقة والكهرباء. ومن بين ما أعلنه المسؤول الإيراني طبقا لوكالة الأنباء الرسمية الإيرانية أن المباحثات سوف «تهيئ الأرضية والتخطيط لرفع التبادل التجاري لبلوغه 20 مليار دولار». وفي السياق نفسه، نقلت مواقع إيرانية عن السفير الإيراني في بغداد، إيرج مسجدي، أن بلاده تريد رفع حجم التبادل التجاري مع العراق إلى 20 مليار دولار خلال خمس سنوات. يذكر أن حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران يبلغ حاليا بين 8 إلى 10 مليارات دولار لتحتل إيران المرتبة الثانية بعد تركيا التي يتراوح حجم التبادل التجاري بينها وبين العراق بين 10 إلى 12 مليار دولار.
مسؤول إيراني آخر، وهو مدير الشؤون الدولية في البنك المركزي الإيراني، أعلن من جانبه وعلى هامش زيارة الكاظمي عن قرب التوصل إلى اتفاق بخصوص العملة الأجنبية بين إيران والعراق. وقال حميد قنبري الذي رافق وزير الخارجية محمد جواد ظريف في زيارته إلى بغداد بهدف إجراء مفاوضات مصرفية مع الجانب العراقي إن المفاوضات كانت مفيدة وبناءة بين الجانبين، وستبلغ المرحلة النهائية في زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى طهران التي تأمل تدفق نقد أجنبي ملحوظ على السوق ليصل إلى عدة مليارات من الدولارات من شأنه تغطية جزء كبير من طلب العملة وغيرها.
وفيما يبدو جدول الأولويات الإيرانية اقتصاديا بسبب ما تعانيه من تدهور خطير لعملتها الوطنية (التومان) فإن جدول الأولويات العراقية يذهب بعيدا في الجانب السياسي لجهة أن يلعب العراق دورا متوازنا في المنطقة وألا يبقى ساحة لتصفية الحسابات بين واشنطن وطهران. الخبراء العراقيون المتابعون للشأن السياسي لديهم رؤيتهم في هذه الزيارة والجولة الإقليمية والدولية للكاظمي، وما يمكن أن تترتب عليها من تداعيات سياسية في المستقبل. وفي هذا السياق يقول الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الزيارة لها عدة أبعاد منها أن الكاظمي يريد أن يثبت أن العراق يريد أن يكون منصة للتوازن في علاقاته الخارجية على أساس السيادة والمصالح المشتركة، كما أن لها بعدا آخر وهو أن الكاظمي ينطلق باتجاه تدعيم فكرة أنه رجل التوازنات الصعبة بالإضافة إلى وجود أبعاد سياسية مختلفة لجهة استمرار التعاون بين بغداد وطهران». وأضاف الشمري أن «هذه الزيارة لها أبعاد داخلية، حيث يحاول الكاظمي أن يثبت مبدأ أنه ليس بالضد من إيران، لا سيما أن هناك جهات سياسية، وخصوصا الفصائل المسلحة، تحاول أن تدفع بفكرة أن الكاظمي يمكن أن يكون بالضد من إيران».
وحول ما إذا كان سيلعب الكاظمي دور الوساطة يقول الشمري إن «الكاظمي لا يريد أن يكون راكبا مجانيا ولن يكتفي مثلما فعل سلفه عادل عبد المهدي حين حول العراق إلى دولة جسرية لنقل الرسائل لكنه فشل حينذاك، غير أن الكاظمي الآن يحظى بمقبولية من العواصم المعنية، وبالتالي فإن الكاظمي سوف ينتقل من دائرة نقل الرسائل إلى دائرة تقريب وجهات النظر».



فيدان بحث مع وفد من «حماس» جهود وقف النار والمصالحة الفلسطينية

اجتماع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع وفد حركة «حماس» في إسطنبول مساء الجمعة (الخارجية التركية)
اجتماع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع وفد حركة «حماس» في إسطنبول مساء الجمعة (الخارجية التركية)
TT

فيدان بحث مع وفد من «حماس» جهود وقف النار والمصالحة الفلسطينية

اجتماع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع وفد حركة «حماس» في إسطنبول مساء الجمعة (الخارجية التركية)
اجتماع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع وفد حركة «حماس» في إسطنبول مساء الجمعة (الخارجية التركية)

أكدت تركيا أنها ستواصل بذلَ جهودها لمعاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني من الحكومة الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتنياهو، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، بخاصة في قطاع غزة.

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إنه بحث مع وفد مجلس الشورى وأعضاء المكتب السياسي لحركة «حماس» سبل إيصال مزيد من المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين في غزة، والقيام بجهود للاستنفار الدولي بهذا الصدد.

وأكد فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في إسطنبول، السبت، أن جهود تركيا على الصعيد الدبلوماسي ستستمر لوقف الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان والمجازر التي ترتكب ضد المدنيين. وحذر من خطط إسرائيل لتوسيع نطاق الحرب في المنطقة، داعياً إلى عدم الاستهانة بها أو التقليل منها.

وشدد على أن هذا التوتر قد يحمل تداعيات خطيرة على الصعيد العالمي، وأشار إلى أن حجم المساعدات الإنسانية المتوجهة إلى غزة انخفض بشكل كبير بسبب الحصار الإسرائيلي، ما تسبب في معاناة ملايين النازحين الذين يعانون من الجوع نتيجة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول السبت (الخارجية التركية)

كان فيدان بحث مع وفد مجلس الشوري وأعضاء المكتب السياسي لحركة «حماس» برئاسة محمد درويش، رئيس المجلس، خلال لقاء في إسطنبول، مساء الجمعة، آخر تطورات المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بقطاع غزة يمهد لتبادل الأسرى مع إسرائيل.

وذكر البيان أن فيدان تناول خلال اللقاء مع وفد «حماس» الوضع الإنساني في المنطقة، خصوصاً في شمال غزة، وأكد أن تركيا ستستخدم جميع إمكاناتها الدبلوماسية لتحريك المجتمع الدولي تجاه الكارثة الإنسانية التي تشهدها غزة.

وتناول اللقاء أيضاً المصالحة الفلسطينية، إذ أعرب فيدان عن تقديره للاجتماع الذي عقد قبل أيام في القاهرة برعاية مصرية، قائلاً: «نرى المصالحة الداخلية الفلسطينية مهمة واستراتيجية للغاية».

وخلال الاجتماع، قدم فيدان تعازيه لمسؤولي «حماس» في مقتل رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار، إثر هجوم إسرائيلي بقطاع غزة.

في السياق ذاته، تعهدت تركيا بمواصلة العمل من أجل ضمان معاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في الحكومة الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتنياهو.

وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان رداً على تصريح لوزير خارجية إسرائيل، يسرائيل كاتس، ضد تركيا: «سوف نواصل العمل لضمان حصول المسؤولين عن هذه الإبادة الجماعية على العقوبات التي يستحقونها».

ونشرت الوزارة صورةً تتضمن نماذج من الممارسات والمجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين الأبرياء، قائلة: «نماذج من ممارسات مرتكب الإبادة الجماعية نتنياهو وعضو حكومته كاتس، الذي تلطخت يداه بدماء الفلسطينيين الأبرياء».

بدورها، دعت منصة التعاون الإقليمي لجنوب القوقاز (3+3) إلى وقف فوري لإطلاق النار في منطقة الشرق الأوسط، وإنهاء جميع الهجمات، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية.

اجتماع منصة دول التعاون الإقليمي لجنوب القواز في إسطنبول الجمعة (الخارجية التركية)

وقالت المنصة، في بيان مشترك صدر في ختام الاجتماع الثالث لها في إسطنبول، الجمعة، برعاية وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ومشاركة وزراء خارجية روسيا، سيرغي لافروف، وأذربيجان، جيحون بيراموف، وأرمينيا، أرارات ميرزويان، وإيران، عباس عراقجي، إن الوزراء تبادلوا وجهات النظر بشأن التوتر المتصاعد بالشرق الأوسط وأدانوا بشدة الانتهاكات الجسيمة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي الإنساني التي يمكن أن تعرض السلام والأمن الإقليميين للخطر.

وأضاف البيان أن الوزراء دعوا إلى ضرورة احترام القانون الدولي، وإعلان وقف فوري لإطلاق النار لإنهاء جميع الهجمات والظلم، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق للمتضررين من هذا الوضع.