تحذيرات فلسطينية من إطلاق دمشق «رصاصة أخيرة» على مخيم اليرموك

شن اللاجئون الفلسطينيون في سوريا هجوما عنيفا منذ نحو شهر على محافظة دمشق بعد إعلانها المخطط التنظيمي لـ«مخيم اليرموك» جنوب دمشق، معتبرين أنه «مخطط تدميري» «ولن يكون سوى رصاصة الرحمة الأخيرة على اليرموك وأهله إن طُبّق».
وأعلنت محافظة دمشق في 25 يونيو (حزيران) الماضي موافقة مجلسها بالإجماع على المصور التنظيمي للمخيم. وصرح مسؤولو المحافظة بأن 40 في المائة من أهالي المخيم يمكنهم حاليا العودة إلى منازلهم بينما 60 في المائة لا يمكنهم.
ومنذ الإعلان عن المصور التنظيمي، بات الأمر الحديث الأبرز للفلسطينيين النازحين من المخيم إلى مناطق مجاورة له، ويقول لـ«الشرق الأوسط» أحد اللاجئين: «كان واضحا من المماطلة بعودة الأهالي أن هناك شيئا ما كان يدبر والآن أصبح في العلن وهو أن المخيم لن يعود كما كان أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين، ورمزاً لحق العودة».
ووصفت صفحات على موقع «فيسبوك» تعنى بـ«مخيم اليرموك» المخطط التنظيمي بأنه «تدميري»، وكثفت دعواتها للأهالي للاعتراض عليه، وشددت على أنه «طعنة في ظهر أهالي المخيم المغتربين والمهجرين»، بينما كتبت إحدى الصفحات أن المخطط «لن يكون سوى رصاصة الرحمة والأخيرة على اليرموك وأهله إن طُبّق».
وشن في مايو (أيار) 2018، الجيش الحكومي وفصائل فلسطينية موالية، عملية عسكرية عنيفة في المخيم، أنهت سيطرة فصائل معارضة، وتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» على المنطقة، وتسببت في حجم دمار كبير في المخيم.
ويقع «مخيم اليرموك» على بعد أكثر من سبعة كيلومترات جنوب العاصمة، وتبلغ مساحته نحو كيلومترين مربعين، وألحقته محافظة دمشق بها إدارياً خلال الحرب، بعدما كان منذ ستينات القرن الماضي يتمتع بخصوصية إدارية مُنِحت له بقرار رسمي، بأن تديره «لجنة محلية» بشكل مستقل.
وتم وضع اللبنات الأولى لإقامة المخيم عام 1957، عندما كان بقعة صغيرة، قبل أن تتوسع دمشق ويصبح جزءاً أساسياً من مكوناتها الجغرافية والديموغرافية، وأكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان والأردن، ورمزاً لـ«حق العودة». كما غدا يُعرف بـ«عاصمة الشتات الفلسطيني» لكونه يضم 36 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، البالغ عددهم قبل الحرب أكثر من 450 ألف لاجئ.
وفي بدايات القرن العشرين، تسارع التطور العمراني في المخيم، وتحسنت الخدمات بشكل ملحوظ فيه، وتم افتتاح كثير من المراكز والمؤسسات الحكومية والأسواق التجارية، لدرجة أن باتت منطقة حيوية جداً، أكثر من أحياء وسط العاصمة.
وبعد التوسع الكبير الذي طاله، بات «مخيم اليرموك» يقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول هو «المخيم القديم»، ويمتد بين شارعي اليرموك الرئيسي غرباً وفلسطين شرقاً، ومن مدخل المخيم شمالاً وحتى شارع المدارس جنوباً منتصف المخيم، والثاني منطقة «غرب اليرموك» وتمتد من شارع اليرموك الرئيسي شرقاً وحتى شارع الثلاثين غرباً، ومن مدخل المخيم شمالاً وحتى سوق السيارات جنوباً، وأما القسم الثالث فيسمى منطقة «التقدم» وتمتد من سوق السيارات شمالاً وحتى مقبرة الشهداء جنوباً، ومن منطقة دوار فلسطين شرقاً وحتى حدود المخيم المحاذية للحجر الأسود غرباً.
ووفق الصور المتداولة للمصور التنظيمي الجديد فقد تم تقسيم المخيم إلى ثلاث مناطق الأولى تشمل المناطق الأكثر تضرراً، وتبلغ مساحتها (93.2) هكتار وهي التي سيطالها التنظيم، والثانية تشمل المناطق الأقل تضرراً، وتبلغ مساحتها (47.8) هكتار، والثالثة تشمل المناطق التي بها أضرار طفيفة وتبلغ مساحتها (79.2) هكتار.
ويلاحظ من الصور أن المنطقة المستهدفة بالتنظيم تمتد من منتصف شارع اليرموك الرئيسي شمالا وحتى شارع سوق السيارات جنوبا وغربا من شارع الثلاثين وحتى شارع فلسطين شرقا الحدود الإدارية للمخيم مع حي التضامن، مع توسيع شارع اليرموك الرئيسي ليصبح عرضه 40 مترا بعد أن كان نحو 20 مترا.
وما حل بـ«مخيم اليرموك» خلال سنوات الحرب، تسبب في نكبة لسكانه، تجاوزت في مآسيها نكبة عام 1948 ونكسة 1967؛ حيث قُتِل وأُصِيب المئات، ونزح أغلب سكانه الذين كان يبلغ عددهم ما بين 500 و600 ألف نسمة، من بينهم أكثر من 160 ألف لاجئ فلسطيني.
وأكد الاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين في سوريا في بيان أن المخطط التنظيمي الجديد الذي طرحته محافظة دمشق للمخيم يفتقر للمهنية وعدم الوضوح والعشوائية، وشدد على أن 80 في المائة من منازل المخيم قابلة للسكن مع صيانة بسيطة لها، وأن 20 في المائة تضررت بشكل كبير ويمكن تدعيم بعضها وإيجاد حلول هندسية لعدم هدمها. وأوضح الاتحاد أن للمخيم مخططاً تنظيمياً مصادقاً عليه عام 2004، ثم أعيدت المصادقة عليه عام 2013. وشدد على ضرورة عودة أهالي المخيم باعتباره شاهداً على دماء آلاف الشهداء، مناشداً الجهات المسؤولة فتح الطريق للعودة إلى المخيم.
من جهتها، دعت «حماس» الثلاثاء إلى إعادة إعمار مخيم اليرموك في سوريا وتثبيت اللاجئين الفلسطينيين فيه، مشددة على رفض أي محاولة لتغيير طابع المخيم.