رئيس الجزائر يتعهد استعادة «أموال العصابة» من الخارج

الرئيس عبد المجيد تبّون تعهد استرجاع «أموال العصابة» (رويترز)
الرئيس عبد المجيد تبّون تعهد استرجاع «أموال العصابة» (رويترز)
TT

رئيس الجزائر يتعهد استعادة «أموال العصابة» من الخارج

الرئيس عبد المجيد تبّون تعهد استرجاع «أموال العصابة» (رويترز)
الرئيس عبد المجيد تبّون تعهد استرجاع «أموال العصابة» (رويترز)

تعهد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون باستعادة الأموال التي هرّبها إلى الخارج مسؤولون حكوميون في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وأكد أنه سيبدأ بمصادرة الأملاك والأموال التي حصلوا عليها في الداخل، في إشارة ضمناً إلى رئيسين للوزراء وعدة وزراء سابقين، ورجال أعمال، أدانهم القضاء بأحكام سجن.
وكان تبون يتحدث ليل الأحد بمقر الرئاسة، بمناسبة مقابلة أجراها مع صحيفتين وبثها التلفزيون الحكومي، فقد ذكر أنه «يملك الطريقة التي سأستعيد بها الأموال المهرّبة، وأترقب تسلّم بعض المعطيات (للبدء في الترتيبات) وفي كل الأحوال يجب أن تعود أموالنا، وسنبدأ باستعادة ما هو موجود هنا». ويفهم من حديثه عن «معطيات» ينتظر تسلمها، الإجراءات القانونية المتبعة لمخاطبة الحكومات التي توجد بها ودائع مسؤولين مدانين وآخرين مطلوبين لدى القضاء، لاجئين في بلدان أجنبية. وتعرف القضية بـ«أموال العصابة في الخارج».
ولا تعرف قيمة الأموال التي تم تحويلها إلى الخارج ولا مكانها، كما لا تعرف قيمة المال المحصل عليه بطريقة غير مشروعة في الداخل. والشائع في الإعلام المحلي أن مجموعة من المسؤولين المقربين من بوتفليقة ممن أدانهم القضاء بأحكام ثقيلة في الأشهر الماضية، هم المعنيون بـ«المال الذي تعرض للنهب». وعلى رأس هؤلاء، كما يبدو، رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال والعديد من الوزراء، من بينهم وزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب المقيم بالخارج، بالإضافة إلى مديري المخابرات السابقين محمد مدين وبشير طرطاق، والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق (الثلاثة في سجن عسكري).
وكان تبّون قد ذكر خلال حملة انتخابات الرئاسة التي جرت نهاية العام الماضي، أن لديه «خطة لاستعادة الأموال المهربة». وقال في مؤتمر صحافي، بعد انتخابه، إنه لن يكشف عنها «خشية أن يفاجأ بخطة مضادة تفسد مشروعه». وشكك معارضوه في مدى جدّية تعهداته بهذا الخصوص.
وكشف تبون، في موضوع التقارب الجاري مغ فرنسا في الفترة الأخيرة، أنه اختار مستشاره ومدير «مؤسسة الأرشيف الوطني»، عبد المجيد شيخي، ليمثل الجزائر في «مشروع الاشتغال على الذاكرة»، بالتعاون مع المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا كممثل للحكومة الفرنسية. وقال تبون بهذا الخصوص مخاطبا فرنسا بطريقة مباشرة: «نريد استعادة ذاكرتنا وأرشيفنا الخاص بالثورة، وأن نعترف بجرائم الاستعمار وأن نتعامل فيما بيننا ندا لند ومصلحة تقابلها مصلحة، ولكن لن يأخذوا منا فلساً ليس فيه إلا مصلحتهم، هذا الأمر انتهى. ولن نعطيهم شيئا ليس فيه منفعة لنا». وأضاف «اتفقت مع الرئيس إيمانويل ماكرون على أن نتعامل بهدوء مع قضية الذاكرة، وصراحة أبدى لي استعداداً لحل هذه المشكلة». ولم يذكر أي من المسؤولين الجزائريين ماذا تريد بلادهم من فرنسا في «ملف الذاكرة»، كما لم يسمع أي مسؤول فرنسي يخوض فيما يمكن أن يقدموه للجزائر، في هذه القضية.
وهاجم الرئيس تبون في حديثه الصحافي ليل الأحد «أصحاب المال الفاسد الذين يدفعون مالاً بغرض تنظيم مظاهرات على أمل زرع الفوضى في البلاد»، من دون توضيح من يقصد. ويحيل هذا الهجوم إلى خطاب يردده المسؤولون، منذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019. مفاده أن قطاعاً من المتظاهرين يخرج إلى الشارع مقابل أموال تدفعها لهم أطراف داخلية، متواطئة مع الخارج، بهدف ضرب استقرار البلاد.
واشتكى الرئيس الجزائري من «قوى» ترفض، بحسب ما قال، التغيير الذي يريد إحداثه لطي صفحة حكم بوتفليقة (1999 ـ 2019)، وقال إن «لديه إرادة سياسية لتغيير جذري، لكن لا يمكن تحقيقه إلا بمساعدة المواطن». ورفض فكرة إنشاء حزب يدافع عن برنامجه، مشيراً إلى أنه «ينتمي لكل الأحزاب وكل المجتمع المدني». ومعروف أنه كان عضواً في «اللجنة المركزية» لحزب «جبهة التحرير الوطني»، الذي كان يقوده بوتفليقة. وقبل شهرين، تسلم قيادة الحزب أمين عام جديد، صرّح بأنه يدعم سياسة الرئيس تبون. وجاء ردّ من الرئاسة مباشرة، يعلن أن تبون «ليس له أي انتماء حزبي».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.