بنوك لبنانية تنفذ «انسحاباً ناعماً» من السوق العراقية

مسؤول لـ «الشرق الأوسط»: الجدوى أولوية للانتشار الخارجي

بنوك لبنانية تنفذ «انسحابا ناعما» من السوق العراقية
بنوك لبنانية تنفذ «انسحابا ناعما» من السوق العراقية
TT

بنوك لبنانية تنفذ «انسحاباً ناعماً» من السوق العراقية

بنوك لبنانية تنفذ «انسحابا ناعما» من السوق العراقية
بنوك لبنانية تنفذ «انسحابا ناعما» من السوق العراقية

تتفشى تداعيات أزمة السيولة بالعملات الأجنبية في لبنان بشكل متسارع، لتنتقل من السوق الأصلية للجهاز المصرفي اللبناني إلى شبكة انتشاره الخارجي، التي تتعرض لضغوط متزايدة جراء تعذر الاستجابة التلقائية لمتطلبات زيادة الرساميل التي تفرضها بنوك مركزية في بعض بلدان الوجود المصرفي، وتقلص القدرات التنافسية للوحدات التابعة في أسواق خارجية، وإعادة هيكلة الخيارات الاستراتيجية للتركيز على «الأكثر جدوى» في تقليص الانتشار أو تعزيزه، وذلك تبعاً للأزمات المالية والنقدية التي تضرب لبنان ومؤسسات القطاع الخاص فيه.
ويبدو أن وجود المصارف المملوكة بغالبية أسهمها لمصارف لبنانية، وعددها 10 في السوق العراقية، دخل مخاضاً صعباً بعيد خفض تصنيف القطاع المصرفي المحلي طبقاً لخفض التصنيف السيادي الأقرب إلى درجة «التعثر»، وصعوبة الاستجابة للتدابير المستجدة التي فرضها البنك المركزي العراقي، لا سيما لجهة التوافق مع الحد الأدنى المطلوب للموجودات في نهاية العام المقبل، وعدم السماح بتحويل الأرباح المحققة لثلاثة أعوام متتالية، فضلاً عن تدني العوائد المحققة قياساً بالاستثمار الموظف.
ويأتي هذا التطور اللافت بمنزلة التغيير النوعي والقوي الثاني الذي تتلقاه شبكة الانتشار الخارجي للبنوك اللبنانية؛ إذ سبقه إقدام إدارات البنوك «اضطرارياً» على التقليص الطوعي لأعمال البنوك السبعة التابعة لها في السوق السورية وعزل ميزانياتها عن البيانات المجمعة لأسباب مختلفة تماماً تتصل بالأزمة السورية والعقوبات الأميركية المتتالية، وآخرها بدء تطبيق «قانون قيصر» الذي يلاحق الأفراد والشركات الذين يجرون معاملات تجارية ومالية مع «النظام السوري».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مصرفين لبنانيين تابعين في السوق العراقية، على الأقل، وهما مجموعتا «فرنسبنك» و«الاعتماد اللبناني»، أبلغا رسمياً البنك المركزي العراقي بنيتهما الانسحاب مع التقيد التام بالقواعد المعتمدة التي تضمن حفظ كامل الحقوق للعملاء. بينما تواصل إدارات 5 مصارف فحص الخيارات، مع ترجيح اتخاذ قرارات مشابهة، خصوصاً في ظل التقييمات غير المشجعة للجدوى لقاء ضخ أموال خاصة جديدة. بينما ستحتفظ 3 مصارف بوحداتها التابعة لأنها تستوفي أساساً الشروط العراقية المطلوبة.
وأكد مرجع مصرفي معني لـ«الشرق الأوسط» أن أغلب إدارات البنوك تعمد إلى إعادة هيكلة وجودها الخارجي، بما يتلاءم مع الجدوى والربحية وليس بسبب تعذر الاستجابة لمقتضيات زيادة الرساميل. ويقع في هذا السياق قرار «بنك الاعتماد اللبناني» بالتركيز على توسيع انتشاره في أفريقيا من خلال مصرفه «بنك الاعتماد الدولي» المستقل في السنغال، والحائز رخصة من البنك المركزي لدول غرب أفريقيا BCEAO، تتيح تأسيس بنوك تابعة في 8 دول تتشارك في سلطة نقدية موحدة. إضافة إلى توجه البنوك لتعزيز عمليات الفروع التابعة في قبرص.
وفهم من المصادر المصرفية أن عملية الانسحاب لن تعني التصفية، إنما ستتم عبر بيع مباشر للبنوك اللبنانية الراغبة بالاستمرار في السوق العراقية. وقد تأكدت معلومات عن إنجاز اتفاقية تتعلق بواحد من المصرفين، ويرتقب إنجاز الثانية بشكل مشابه. بينما يرجح انضمام لاحق للخيار عينه من قبل المصارف التي تعتزم وقف نشاطها، بحسبان أن أصول كل منها حول 100 مليون دولار ومن الصعب عليها رفعها إلى 210 ملايين دولار بنهاية 2021 وفق المطلوب. وبالتالي يمكن بيع محافظها إلى مصارف عراقية أو لصالح المصارف الثلاثة أو الأربعة اللبنانية التي ستقرر الاستمرار من أصل 10 مرخصة وعاملة في السوق العراقية.
وكان البنك المركزي العراقي فرض استيفاء الوحدات المصرفية الوافدة مجموعة معايير جديدة؛ من بينها أن يكون حجم ميزانية الفرع التابع موازياً لقيمة رأسمال المصرف العراقي البالغ 250 مليار دينار عراقي؛ أي ما يعادل 210 ملايين دولار أميركي، في مهلة أقصاها نهاية العام المقبل. وسمح بأن تكون نسبة 20 في المائة من رأسمال الوحدة المصرفية خارج العراق. لكن البنك اشترط أن يتم إيداعها في مصارف ذات تصنيف ائتماني من درجة «B» فما فوق، فضلاً عن منع تحويل الأرباح المحققة لسنوات 2019 و2020 و2021.
وتضم لائحة البنوك اللبنانية في العراق، بالترتيب حسب إجمالي الأصول المحدثة، مصارف: «بيروت والبلاد العربية»، و«بيبلوس»، و«عودة»، و«ميد (البحر المتوسط)»، و«بلوم (لبنان والمهجر)»، و«مياب (الشرق الأوسط وأفريقيا)»، و«آي بي إل (إنتركونتيننتال بنك)»، و«فرنسبنك»، و«الاعتماد اللبناني» و«اللبناني الفرنسي». ويبلغ إجمالي الأصول المجمعة لهذه البنوك نحو 1.9 مليار دولار، كما هي في نهاية الفصل الأول من العام الحالي؛ أي نحو 0.9 من إجمالي الميزانية المجمعة للمصارف اللبنانية.



نمو طلبات تأشيرات «شنغن» في السعودية بنسبة 23 % هذا العام

يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)
يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)
TT

نمو طلبات تأشيرات «شنغن» في السعودية بنسبة 23 % هذا العام

يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)
يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)

مع تنامي حركة السفر والسياحة، ورغم التحديات التي تواجه انطلاق الأعمال والمشروعات المحلية والإقليمية والدولية، فإن شركة «في إف إس غلوبال» كشفت عن أن الطلب على تأشيرات «شنغن» في السعودية شهد نمواً ملحوظاً بنسبة 23 في المائة هذا العام. وتستعد الشركة أيضاً لمساعدة الحكومات في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن عملية تقديم طلبات التأشيرة.

وقال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «في إف إس غلوبال»، زوبين كاركاريا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أدرنا إجراءات التأشيرة لبرنامج رواد السياحة (Trailblazers) التابع لوزارة السياحة السعودية، الذي يهدف إلى إرسال 100 ألف طالب إلى أوروبا؛ للتدريب في مجالات السياحة والسفر».

وأضاف كاركاريا: «تهدف استراتيجيتنا إلى توفير قيمة طويلة الأمد للأطراف المعنية جميعاً، بما في ذلك الحكومة السعودية والمواطنون السعوديون، مما يسهم في تحقيق رؤية المملكة نحو خلق اقتصاد متنوع ومستدام، من خلال تطبيق بعض حلولنا الحديثة لأعمالنا في المملكة».

وأضاف كاركاريا: «تعدّ السعودية سوقاً رئيسيةً لأعمال (في إف إس غلوبال)، لذا قمنا بتوسيع حضورنا وعروضنا في المملكة على مر السنين من خلال شراكات استراتيجية؛ لتسهيل تقديم خدمات التأشيرة للمسافرين؛ مثل اتفاقيتنا الأخيرة مع غرف التجارة وصندوق الاستثمارات العامة وأرامكو».

وتابع كاركاريا: «تلتزم (في إف إس غلوبال) بشكل صارم باتفاقات مستوى الخدمة مع عملائها من الحكومات، حيث تدير المهام غير القضائية، والإدارية المتعلقة بطلبات التأشيرة وجوازات السفر والخدمات القنصلية».

وأضاف: «مع تنامي السفر الدولي في بعض الأسواق الناشئة الكبيرة، برزت الحاجة إلى خدمات متخصصة تلبي احتياجات الحكومات ومقدمي طلبات التأشيرة حول العالم. هذا الأمر دفعنا لابتكار نهج يحقق فائدة مشتركة للطرفين، حيث نتولى بموجبه الإجراءات الإدارية كافة، اللازمة لتقديم التأشيرات».

ووفقاً لكاركاريا، فإن «في إف إس غلوبال» تتمتع بشراكة طويلة الأمد مع العملاء من الحكومات في منطقة الاتحاد الأوروبي، وتعمل بشكل وثيق معهم في البلدان التي نعمل فيها لتقديم خدمات طلبات التأشيرة. ولفت إلى الزيادة المستمرة في الطلب على السفر الدولي، والحصول على التأشيرات بشكل تصاعدي.

المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «في إف إس غلوبال» زوبين كاركاريا (الشرق الأوسط)

تجاوز التحديات

وقال كاركاريا: «كان التحدي الأوَّلي خلال أعوام جائحة (كوفيد - 19)، التي أثرت بشكل مباشر على قطاعات السفر والقطاعات المرتبطة به، هو التعامل مع بيئة الأعمال المتقلبة. لقد أدركنا في وقت مبكر جداً خطورة الأزمة، وأيضاً الفرصة لتحويل عملياتنا وتطوير مؤسستنا لمواجهة المستقبل».

وأضاف: «على سبيل المثال، بحلول أبريل (نيسان) 2020، تم إغلاق 3196 مركزاً لتقديم طلبات التأشيرة بشكل مؤقت من أصل شبكتنا العالمية البالغ عددها 3384 مركزاً؛ استجابةً للأزمة العالمية».

واستدرك قائلاً: «لكن في غضون 7 أشهر فقط، استأنفنا العمليات في 1600 مركز لتقديم طلبات التأشيرة، وهو ما يمثل أكثر من نصف شبكتنا العالمية، مما مكّننا من تقديم خدماتنا لأكثر من 50 عميلاً من الحكومات عبر 129 دولة. وقد تم ذلك مع تطبيق تدابير وإجراءات الصحة والسلامة الجديدة لضمان سلامة الموظفين والمتقدمين للحصول على التأشيرة».

وأضاف: «على الرغم من أن موجة التعافي في سوق السفر عالمياً بدأت في عام 2021، فإن الظروف ظلت شديدة التقلب حتى نهاية عام 2022. ومع ذلك، فإن التدابير التحويلية التي اتخذناها في عام 2020 ساعدتنا بشكل كبير على إدارة هذا التقلب العالي، مما وضعنا في مكانة قوية جداً لتحقيق التعافي القوي الذي شهدناه منذ عام 2023».

دعم أعمال الحكومات

وقال كاركاريا: «على مدى السنوات الـ23 الماضية، لعبنا دوراً حاسماً في تمكين الحكومات المتعاملة معنا من إدارة النمو المتسارع في طلبات التأشير بطريقة فعالة من حيث التكلفة، وآمنة للغاية».

وتابع: «قمنا أيضاً بتطوير حلول مبتكرة موجهة نحو الحكومات المتعاملة معنا، مثل (LIDProTM)، التي تتيح لهم معالجة طلبات التأشيرة من مواقع متعددة عبر مركز مركزي إلكتروني». وأشار إلى أن «في إف إس غلوبال» تمثل الشريك المعتمد لـ67 عميلاً من الحكومات، في ظل انتشار الشركة في 151 دولة.

تطوير خدمات التأشيرة بالسعودية

وقال كاركاريا: «ندعم السفر إلى المملكة من خلال تقديم خدمات التأشيرات السعودية منذ عام 2023. ومن خلال شراكتنا مع الشركة السعودية لحلول التأشيرات والسفر، نقوم بتشغيل وإدارة مراكز خدمة التأشيرات السعودية في 45 دولة حول العالم».

ووفقاً لكاركاريا، فإن «في إف إس غلوبال» تتمتع بشراكة قوية مع الحكومة السعودية؛ حيث تعمل بشكل وثيق مع السلطات لضمان الامتثال لجميع القوانين والمبادئ والإرشادات التوجيهية المحلية. وعبّر عن تطلعه لتوسيع شبكة العمليات في جميع أنحاء المملكة من خلال إنشاء مواقع عمل دائمة ومؤقتة.

وأضاف: «نحن ملتزمون بدعم خطط المملكة الطموحة في تطوير ونمو السياحة، من خلال توسيع خدمة التأشيرة السعودية بالشراكة مع شركة التأشيرة السعودية وحلول السفر. كما أننا بصدد تعيين مديري علاقات للجهات الحكومية والخاصة الرئيسية».

وقال كاركاريا إن «السعودية أطلقت أخيراً التأشيرة التعليمية بهدف الارتقاء بقطاع التعليم، من خلال دعم المؤسسات التعليمية الدولية لإنشاء فروع على الأراضي السعودية وجذب الطلاب الدوليين للدراسة والإقامة في المملكة».

وأضاف أن «في إف إس غلوبال»، ضمن قطاعها التعليمي، «ستساعد المؤسسات الدولية على إنشاء فروع لها في المملكة. كما نساعد الطلاب السعوديين المحتملين على متابعة مسيرتهم المهنية في مختلف الجامعات الدولية، من خلال خدمات الإرشاد المهني والتوظيف».

وبحسب كاركاريا، أنشأت شركة «في إف إس غلوبال» عمليات مركز تقديم طلبات التأشيرة الخاص بها في السعودية في عام 2005؛ حيث قدمت خدمات التأشيرة وجوازات السفر نيابة عن 31 حكومة من خلال شبكة تضم 95 مركز تقديم طلبات التأشيرة.

وتنتشر شركة «في إف إس غلوبال»، في 14 موقعاً، بما في ذلك الرياض، وجدة، والخبر، وأبها، وحائل، والجبيل، ومكة، وجازان، والقصيم، والخرج، وتبوك، والمدينة المنورة، ونجران، والجوف.

مواكبة التكنولوجيا

قسم من الموظفات في مركز تأشيرات الرياض يُظهر تمكين عمل المرأة بوصفه هدفاً استراتيجياً (الشرق الأوسط)

وقال كاركاريا: «نحن نرى إمكانات هائلة في الذكاء الاصطناعي لتسريع وتحسين إجراءات تقديم طلبات التأشيرة، وتعكس شراكتنا مع (معهد الذكاء الاصطناعي المسؤول) التزامنا القوي بتوظيف هذه التكنولوجيا بشكل موثوق وأخلاقي، مع تطبيق أعلى معايير الأمان».

وأضاف: «الأمر الأهم هو أننا ملتزمون باستخدام الذكاء الاصطناعي وفقاً للوائح والإجراءات التي تطبقها الحكومات في البلدان التي نعمل معها. ونحن على استعداد لمساعدة عملائنا من الحكومات على دمج الذكاء الاصطناعي في عملية تقديم طلبات التأشيرة».