السيسي يلتقي أهالي سيناء ورفح.. ويشيد بتضحياتهم

كلف رئيس الوزراء تلبية مطالبهم.. ووجه بالاهتمام بأسر الشهداء

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أهالي سيناء ورفح أمس (تصوير: فادي فارس)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أهالي سيناء ورفح أمس (تصوير: فادي فارس)
TT

السيسي يلتقي أهالي سيناء ورفح.. ويشيد بتضحياتهم

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أهالي سيناء ورفح أمس (تصوير: فادي فارس)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أهالي سيناء ورفح أمس (تصوير: فادي فارس)

أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع أهالي سيناء بوطنيتهم المعهودة، وما بذلوه من جهود وما قدموه من تضحيات من أجل الوطن، مثنيا على استمرار عطائهم وتضحياتهم.
وأشار السيسي إلى أن الجهود، التي تبذلها الدولة لتنمية سيناء، مستحقة لأهالي المنطقة، مؤكدا على أن تحقيق الأمن والاستقرار يعد عاملا محوريا لتنمية سيناء، وأضاف أنه من هذا المنطلق صدر القرار الخاص بإعادة توطين أهالي الشريط الحدودي، والذي أعقبه الإعلان عن تأسيس مدينة رفح الجديدة.
وذكر الرئيس أن التصور المقترح هو إنشاء تجمعات سكنية على الطراز البدوي الملائم للبيئة الصحراوية، بحيث يتم تخصيص تجمع سكني متكامل لكل قبيلة من قبائل سيناء، وذلك للحفاظ على خصوصية العادات والتقاليد المرعية من قبل أهالي سيناء، فضلا عن تزويد هذه التجمعات السكنية بالأنشطة الزراعية والصناعية والحرفية التقليدية، التي تدر عائدا على أهالي سيناء، وتسهم في توفير فرص العمل للشباب.
وأضاف السيسي أن هناك الكثير من المشروعات التنموية والعمرانية الجاري تنفيذها لأهالي سيناء، ومن بينها تطوير ميناء العريش ليسهم في إنعاش حركة التجارة والترويج للمنتجات التقليدية السيناوية، وإنشاء مدينة الإسماعيلية الجديدة شرق قناة السويس، والمقرر الانتهاء منها في أغسطس (آب) 2015، وتشييد 1200 وحدة سكنية في العريش، ونحو 5 آلاف وحدة سكنية في جنوب سيناء، بالإضافة إلى مشروعات إنشاء المزارع السمكية، وتطوير بحيرة البردويل لتستعيد مكانتها الدولية كأحد أنقى مصادر إنتاج الأسماك على مستوى العالم.
وقد لاقى التصور، المقترح لإنشاء مدينة رفح الجديدة، استحسانا كبيرا من قبل شيوخ وعواقل سيناء، الذين أكدوا على أن هذا التصور يراعي خصوصية الحياة البدوية التي اعتادوا عليها، ويحقق الكثير من الأهداف التنموية التي يطمحون إليها، كما قدموا الشكر للرئيس، لحرصه على الاستماع إلى تصوراتهم في هذا الشأن. وقد أكد السيد الرئيس، في هذا الصدد، أنه كان لزاما أن يتم ذلك ليشعر أهالي سيناء بالراحة والاطمئنان في مدينتهم الجديدة، مشيرا إلى أنه ستجري متابعة وتنفيذ المشروع، وإسناد جزء كبير من أعمال بنائه وتشييده إلى المقاولين من أبناء سيناء لضمان تشغيل أكبر عدد ممكن من شبان المنطقة في هذا المشروع.
وتخفيفا على أهالي سيناء ومساعدتهم على كسب رزقهم والقيام بأعمالهم، أعلن الرئيس عن خفض عدد ساعات حظر التجول بمقدار 3 ساعات، بحيث تبدأ من السابعة مساء حتى السادسة صباحا، بدلاً من أن تبدأ من الخامسة مساء حتى السابعة صباحا. وأضاف الرئيس أنه، في إطار تيسير حركة التنقل لأبناء سيناء، سيتم الانتهاء من حفر الأنفاق أسفل قناة السويس الجديدة في أسرع وقت ممكن، حيث وجه بتقليص الفترة الزمنية المقترحة لإتمام حفر وبناء تلك الأنفاق، كما وجَّه بزيادة عدد الزوارق الصغيرة (المعديات) التي يعتمد عليها أبناء سيناء للتنقل من وإلى شبه الجزيرة، وذلك عن طريق تشغيل معديتين إضافيتين. وقد أوضح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، أن شيوخ وعواقل سيناء قدموا الكثير من المقترحات، كما عبروا عن بعض شواغلهم الاقتصادية والتنموية والأمنية في سيناء. واستجابة لتلك المطالب والرؤى، وجَّه الرئيس بتشكيل لجنة من عواقل وشيوخ القبائل لتحديد التفاصيل التي يرغبون في إدخالها على مشروع مدينة رفح الجديدة، كما وجه بالاهتمام بأسر شهداء سيناء، وتوفير احتياجاتهم الغذائية والطبية.
وأشار الرئيس إلى أنه سيتم إسناد عمليات حفر الآبار والتشييد والبناء لمقاولين وشركات مملوكة لأبناء سيناء، بهدف توفير فرص العمل للشباب السيناوي، فضلا عن توجيه الرئيس بالنظر في عدد من الموضوعات، التي شملت ضم مستشفى العريش لجامعة قناة السويس، حيث أوضح رئيس مجلس الوزراء أنه تم الانتهاء من أعمال تطوير مبنى المستشفى، وقال إنه يجري التنسيق مع الدكتور وزير الصحة لتسلمه مبدئيا، إلى حين استكمال تزويده بالأجهزة والمعدات الطبية، بالإضافة إلى دراسة إمكانية حصول أهالي جنوب سيناء على العلاج المجاني بمستشفى شرم الشيخ الدولي، وإنشاء قناة تلفزيونية خاصة بسيناء، فضلا عن إنشاء مدارس للتعليم الفني المتوسط للفتيات في وسط سيناء لمساعدتهن على الحصول على قسط أكبر من التعليم.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.