مباحثات مصرية ـ أميركية لتدارس جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة

اتصالات مكثفة لاستئناف أعمال السفارة البريطانية والكندية بالقاهرة

مباحثات مصرية ـ أميركية لتدارس جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة
TT

مباحثات مصرية ـ أميركية لتدارس جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة

مباحثات مصرية ـ أميركية لتدارس جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة

أجريت في القاهرة، أمس، مباحثات عسكرية مصرية - أميركية رفيعة المستوى، بين وزير الدفاع المصري الفريق أول صدقي صبحي، والفريق أول لويد أوستن، قائد القيادة المركزية الأميركية، تناولت سبل التعاون العسكري بين البلدين، وجهود مكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.
والتقى وزير الدفاع المصري أوستن والوفد المرافق له، الذي يزور القاهرة حاليا، وقال بيان للمتحدث العسكري إن اللقاء تناول تطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة، ومناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وسبل دعم آفاق التعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين في عدد من المجالات، بما يحقق المصالح المشتركة في القضاء على الإرهاب، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
من جهة أخرى، قالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك اتصالات مكثفة تجري لاستئناف سفارتي بريطانيا وكندا بالقاهرة أعمالهما، وذلك عقب إغلاقهما لدواعٍ أمنية، وفقا لبيانات صدرت عنهما قبل أيام. ونفى مصدر دبلوماسي مصري رفيع لـ«الشرق الأوسط» أمس أن يكون غلق بعض الدول الغربية لمقار سفارتها بالقاهرة قبل أيام ناجما عن ضغوط غربية مورست على مصر، مؤكدا أن القرار يعود لاعتبارات أمنية احترازية فقط، وأنه من حق تلك الدول أن تتخذها، رافضا وجود أي اعتبارات سياسية.
وكانت السفارة البريطانية في القاهرة قد علقت قبل يومين خدماتها لأسباب أمنية دون إعطاء توضيحات، مؤكدة أنها «ستتعامل مع السلطات المصرية لإعادة فتح مكاتبها واستئناف أعمالها بالكامل في أقرب فرصة ممكنة». كما أعلنت السفارة الكندية المجاورة لها، أول من أمس، غلق أبوابها وتعليق خدماتها حتى إشعار آخر لأسباب أمنية أيضا. وفي بيان أصدرته أمس، جددت السفارة البريطانية تأكيدها على غلق مقرها بالقاهرة لأسباب أمنية، وأكدت أنها «تعمل على وضع بعض التدابير البسيطة والعملية المتعلقة بأمن مبنى السفارة قبل استئناف الخدمات العامة بشكل كامل». وذكرت السفارة أن الحكومة البريطانية تعمل بشراكة وثيقة مع نظيرتها المصرية لتطوير هذه التدابير، وتقديم حلول تتناسب مع سكان المنطقة، مشيدة بالتعاون الوثيق والمستمر لتحقيق هذا الأمر.
وأشار المصدر الدبلوماسي المصري، الذي رفض الإفصاح عن هويته، إلى وجود اتصالات مكثفة مع وزارتي خارجية بريطانيا وكندا، ومسؤولي السفارتين بالقاهرة من أجل إعادة استئناف أعمالها مرة أخرى بمصر، بعد أن تمت طمأنتهم على الإجراءات الأمنية التي تتبعها السلطات الأمنية المصرية في هذا الشأن، مشيرا إلى أن «الساعات القادمة قد تحمل تطورات إيجابية».
من جهتها، أعلنت جين ساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أمس، أن السلطات المصرية تدرس الموقف الأمني للسفارة الأميركية بالقاهرة، مؤكدة حرص بلادها على أمن وسلامة الأميركيين العاملين بسفاراتها في الخارج. وأضافت ساكي أن الولايات المتحدة طالبت سفراءها في الخارج منذ عدة أشهر بمراجعة الإجراءات الأمنية في البلدان التي يقيمون بها.
وأوصت السفارة الأميركية بالقاهرة موظفيها خلال الأسبوع الماضي بتدقيق النظر في تحركاتهم الشخصية، والبقاء بالقرب من منازلهم خلال الفترة المقبلة، في ظل التوتر والهجمات الأخيرة على الغربيين في المنطقة.
وتقع مقرات السفارات الثلاث بحي «جاردن سيتي» السكني الواقع غرب القاهرة، والذي يضم أيضا سفارات دول أخرى. وقد شهدت الشوارع المحيطة بمناطق السفارات تكثيفا أمنيا، أمس، مع تصاعد حدة تلك التحذيرات.
وتشهد مصر منذ عدة سنوات أعمال عنف وتفجيرات، لكن الداخلية المصرية رفضت اتهامات وجود أي تقصير أمني، مؤكدة أنها تؤمّن السفارات بقوة. وقال اللواء علي الدمرداش، مساعد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، إن السفارات والبعثات الدبلوماسية مؤمنة بالكامل، وإن قوات الأمن موجودة بكثافة، لافتا إلى استنفار القطاعات الأمنية للتصدي لأي عمل إرهابي. وأضاف أن وزير الداخلية وجه بإعادة توزيع القوات، رغم أنها موجودة بكثافة على الأرض، وبتسليح جيد من قوات المفرقعات والأمن المركزي والمباحث الجنائية وغيرها لإحباط أي عمل إرهابي يستهدف السفارات.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.