صور مثيرة للجدل حول نشاط سياسي لـ«الجيش الإسلامي للإنقاذ» المحلول في الجبل

مزراق: السلطات الجزائرية على دراية بعقد جامعتنا الصيفية

صور مثيرة للجدل حول نشاط سياسي  لـ«الجيش الإسلامي للإنقاذ» المحلول في الجبل
TT

صور مثيرة للجدل حول نشاط سياسي لـ«الجيش الإسلامي للإنقاذ» المحلول في الجبل

صور مثيرة للجدل حول نشاط سياسي  لـ«الجيش الإسلامي للإنقاذ» المحلول في الجبل

نشر «الجيش الإسلامي للإنقاذ» المحلول، الذراع المسلحة لـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية المحظورة، أمس، صور فيديو تظهر تجمعا نظم الصيف الماضي للمئات من عناصر التنظيم «التائبين عن الإرهاب»، بمنطقة جبلية بشرق البلاد كانت في عقد التسعينات من القرن الماضي منطلقا لتنظيم عمليات مسلحة ضد أهداف حكومية. وحمل شريط الفيديو عنوان «الجامعة الصيفية لرجال (الجيش الإسلامي للإنقاذ)»، وهو تنظيم يفترض أنه حلّ مطلع عام 2000، بعد صدور عفو عام عن 6 آلاف من عناصره بعد انخراطهم في مشروع «الوئام المدني»، الذي أعده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والذي يقترح على مسلحي «الإنقاذ»، إبطال المتابعة القضائية مقابل التخلي عن الإرهاب.
وسبقت «الوئام» مفاوضات طويلة بين قيادة المخابرات العسكرية ومدني مزراق قائد «جيش الإنقاذ»، جرت في 1997 وأفضت إلى «هدنة».
وظهر في الصور التي تعود إلى 15 أغسطس (آب) الماضي، أفراد التنظيم العسكري المحلول، وبعض الأطفال وهم يتناولون وجبة غداء. واستمر الشريط 44 دقيقة، وتخللته أناشيد دينية تحرض على الجهاد في فلسطين. وألقى زعيم التنظيم مدني مزراق، خطابا تحدث فيه عن «تمسكنا بمشروعنا السياسي»، في إشارة إلى مسعى إطلاق حزب على أنقاض «جبهة الإنقاذ». ووعد مزراق أتباعه بأن الحزب المرتقب «سيحصل على الاعتماد القانوني».
ومما جاء في كلمة مزراق أن «(الجيش الإسلامي للإنقاذ) لبنة من اللبنات التي ينبغي أن تبنى عليها الدولة الجزائرية برمتها مثل كل التنظيمات السياسية الأخرى، ونعمل على رص صفوفنا في التنظيم لدعوة الجزائريين إلى المشروع الإسلامي الكبير الذي ضحى لأجله المجاهدون والشهداء الأبرار، والذي يتلخص في مبدأ خالد في إقامة دولة جزائرية مستقلة ذات سيادة ديمقراطية اجتماعية، في إطار المبادئ الإسلامية».
ولا يعرف إن كانت السلطات على علم بتنظيم نشاط سياسي لمنظمة مسلحة جرى حلها قانونا. فقد جرت العادة أن تعقد الجامعة الصيفية من طرف أحزاب سياسية وليس منظمات عسكرية، وبرخصة من وزارة الداخلية، على أن يجري النشاط في مكان عمومي وليس بمنطقة نائية. وقال مزراق في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إنه لم يطلب من السلطات ترخيصا بعقد الاجتماع «لأننا لسنا حزبا معتمدا، والأمر لا يعدو كونه لقاء أحبة في مكان بعيد عن الأنظار لمناقشة قضية الأمة الإسلامية، وهي فلسطين المحتلة». وأوضح أن السلطات العسكرية بجيجل (500 كلم شرق العاصمة)، حيث عقد الاجتماع، كانت على علم بذلك.
ويقول مزراق إن السلطة تعهدت، بموجب اتفاق بين الطرفين، بالسماح له ولأتباعه بالعودة إلى النشاط السياسي. وفي 2006 صدر قانون «المصالحة» الذي يمنع كل أفراد «الإنقاذ» بجناحيه السياسي والعسكري، من ممارسة السياسة على أساس أنهم يتحملون مسؤولية الدماء التي سالت أثناء الحرب الأهلية. وفي بداية 2011 عدلت الحكومة قانون الأحزاب، بإضافة بند يحظر على «الإنقاذيين» الانخراط في أحزاب أو الترشح للانتخابات. وقد أثار هذا الحظر علي بن حاج نائب رئيس «الجبهة»، الذي كان يوصف بـ«الزعيم الروحي» للجماعات الإسلامية المسلحة.
ورفض أحمد أويحيى، وزير الدولة ومدير ديوان الرئيس بوتفليقة، في مايو (أيار) الماضي أي حديث عن عودة «جبهة الإنقاذ» إلى النشاط السياسي، وذلك على خلفية مشاركة قياديين منها، أحدهما سياسي وآخر عسكري، في المشاورات حول تعديل الدستور، أجراها أويحيى مع الأحزاب والشخصيات والفاعلين في المجتمع، والتي قاطعتها المعارضة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم