كاتالونيا توسّع قيود «كورونا»... وبريطانيا تستبعد العودة إلى الحجر

لندن - مدريد: «الشرق الأوسط»

يلتزم سكان برشلونة بارتداء الكمامات وسط ارتفاع إصابات «كورونا» (أ.ف.ب)
يلتزم سكان برشلونة بارتداء الكمامات وسط ارتفاع إصابات «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

كاتالونيا توسّع قيود «كورونا»... وبريطانيا تستبعد العودة إلى الحجر

يلتزم سكان برشلونة بارتداء الكمامات وسط ارتفاع إصابات «كورونا» (أ.ف.ب)
يلتزم سكان برشلونة بارتداء الكمامات وسط ارتفاع إصابات «كورونا» (أ.ف.ب)

أصيب بفيروس كورونا المستجد أكثر من 14 مليون شخص في العالم، بينما يواصل الوباء تمدده ويعود ليعكّر صفو حياة شبه طبيعية استأنفها الملايين بعد أشهر من الشلل الاقتصادي. وفي أوروبا، اتخذت عدة دول إجراءات لتجنب موجة ثانية، خاصة مع ظهور بؤر جديدة دفعت كتالونيا إلى عزل الملايين في منازلهم، وفرنسا إلى التلويح بإعادة إغلاق حدودها مع إسبانيا، وبريطانيا إلى تمديد عزل مدينة ليستر.
ويبدو أن دول الاتحاد الأوروبي تتجه إلى فرض «إغلاقات مستهدفة» للسيطرة على بؤر العدوى الجديدة، سعياً لتفادي تكرار سيناريو العزل التام وإغلاق الحدود.
وحثت السلطات في كتالونيا، أمس، ما يزيد على 96 ألف شخص في 3 بلدات على البقاء في منازلهم مع استمرار الارتفاع في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، في واحدة من أكثر المناطق تضرراً في إسبانيا. وتُضاف هذه المناشدة إلى دعوة وجهتها السلطات يوم الجمعة إلى حوالي أربعة ملايين شخص في الإقليم، بما في ذلك عاصمته برشلونة، بالبقاء في منازلهم مع تشديدها إجراءات التعامل مع أزمة فيروس كورونا. ودعت السلطات في بيان الأحد، الأشخاص الذين يعيشون في فيغيراس وفيلافانت بمنطقة جيرونا، وسانت فيليو دي لوبراغات بالقرب من برشلونة، على البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للضرورة. وأظهرت أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في إقليم كتالونيا السبت، زيادة يومية في الإصابات بواقع 1226 حالة، وفق وكالة «رويترز». ولم تصل الدعوة للبقاء في المنازل إلى حد تطبيق إجراءات الإغلاق العام الإلزامية، لكنها تعد أشد إجراء جرى اتخاذه حتى الآن لإعادة الأشخاص إلى الإقامة في منازلهم، منذ انتهاء إجراءات العزل العام في البلاد الشهر الماضي.
وفي مواجهة ارتفاع عدد الإصابات ثلاثة أضعاف خلال أسبوع، دُعي سكان برشلونة ثاني مدينة في إسبانيا التي تشكل وجهة سياحية مهمة، الجمعة إلى ملازمة بيوتهم. وفُرض على دور السينما والمسارح والملاهي الليلية إغلاق أبوابها، بينما مُنعت التجمعات لأكثر من عشرة أشخاص وكذلك الزيارات لدور المسنين. وسيتم السماح للحانات والمطاعم بفتح أبوابها، ولكن بسعة لا تزيد على 50 في المائة بداخلها، وبشرط أن تكون المسافة بين الطاولات في الخارج مترين.
وتراقب السلطات الإسبانية منذ أيام أكثر من 120 بؤرة نشيطة للمرض، خصوصا في كتالونيا (شمال شرق)، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وأنهت إسبانيا إجراءات العزل العام الصارمة في 21 يونيو (حزيران)، وهي واحدة من أكثر البلدان تضررا في أوروبا بعد أن سجلت وفاة ما يزيد على 28 ألفا بسبب «كوفيد - 19».
وفي فرنسا، حيث تدل مؤشرات على عودة انتشار المرض بعد شهرين من رفع إجراءات الحجر، فُرض وضع الكمامات في الأماكن المغلقة اعتباراً من اليوم الاثنين. وقال رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس إن السلطات «تراقب عن كثب» الوضع الصحي في كتالونيا، ولم يستبعد إغلاق الحدود مجدداً مع إسبانيا.
جونسون يستبعد الحجر
وفي بريطانيا، أكد رئيس الوزراء بوريس جونسون أنه لن يلجأ إلى إعادة فرض الحجر، إلا كحل أخير. وشبه جونسون في مقابلة مع صحيفة «ديلي تلغراف» أمس احتمال فرض الإجراء بـ«الردع النووي». واعتبر جونسون، الذي يأمل في العودة إلى الحياة الطبيعية «بحلول عيد الميلاد» رغم المخاوف الكبيرة من ظهور موجة ثانية من فيروس كورونا المستجد، أن الإدارة الحكومية للأزمة الصحية التي واجهت انتقادات، تحسنت. وتعد بريطانيا من أكثر الدول تضررا من الوباء، وقد سجلت أكثر من 45 ألف وفاة، وهي أعلى حصيلة وفيات في أوروبا.
وتأثر الاقتصاد بشكل خاص. ويأمل رئيس الوزراء، الذي بدأ رفع العزل تدريجياً، بتجنب اللجوء إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة من جديد على المستوى الوطني. وقال لـ«ديلي تلغراف» في مقابلة تأتي في الذكرى الأولى لتوليه منصبه: «لا يمكنني التخلي عن هذه الأداة كما لا يمكنني التخلي عن الردع النووي». وأضاف: «لكن الأمر أشبه بالردع النووي، بالتأكيد لا أريد استخدامه. ولا أعتقد أننا سنجد أنفسنا في مثل هذا الموقف مرة أخرى».
وكشف جونسون الجمعة عن المراحل التالية لخطته من أجل فك الإغلاق تدريجياً في إنجلترا، الذي تم فرضه في 23 مارس (آذار) للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد. في حين أعيد فتح الحانات والمطاعم في أوائل يوليو (تموز)، شجع الزعيم المحافظ البريطانيين على استئناف استخدام النقل العام الجمعة وشجعهم على العودة إلى مكان عملهم اعتباراً من الأول من أغسطس (آب)، بالاعتماد على أصحاب العمل لتحديد ما إذا كان ينبغي للموظفين مواصلة العمل عن بعد أو العودة للعمل من المكتب.
وفي تناقض مع الحماس الذي أبداه جونسون، بدا كريس ويتي كبير المستشارين الطبيين في الحكومة البريطانية، أكثر حذراً بكثير، ونبه الجمعة أمام لجنة برلمانية إلى أنه يجب اتباع تدابير التباعد الاجتماعي «لفترة طويلة»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. ووافقه الرأي المستشار العلمي للحكومة باتريك فالانس، معتبراً أن خطر حدوث موجة ثانية من الوباء «مرتفع».
ارتفاع حاد في إصابات بلجيكا
أعلنت وزارة الصحة البلجيكية، أمس، عن تسجيل 207 إصابات جديدة جراء فيروس كورونا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليصل إجمالي الإصابات في البلاد إلى ما يقرب من 64 ألف حالة إصابة. وحسب أرقام الوزارة المعلن عنها في بروكسل، فقد ارتفع متوسط معدل الإصابة اليومي إلى 143 حالة خلال الأسبوع الماضي، بزيادة تفوق 61 في المائة بالمقارنة مع الأسبوع الذي سبق. أما بالنسبة للوفيات، فقد جرى الإعلان عن خمس حالات خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، أما متوسط معدل الوفيات فظل مستقراً بمعدل شخصين يومياً، وكذلك استقر معدل دخول الأشخاص الجدد إلى المستشفى لتلقي العلاج، بمعدل عشرة أشخاص يومياً خلال الأسبوع الأخير.
من جهته، وجه مارك فان رانست، عالم الفيروسات وأحد الخبراء في وزارة الصحة، نداء للمواطنين بضرورة توخي أعلى درجات اليقظة، وسط مخاوف من تراجع الحكومة عن بعض الإجراءات التي اتخذتها في إطار تخفيف الحجر الصحي. وكانت بلجيكا قد بدأت في مايو (أيار) الماضي إجراءات تخفيف الحجر، وفرضت الكمامات في وسائل النقل، ثم أعقب ذلك فتح المحلات التجارية والمدارس، ثم فتح المساجد ودور العبادة، وعودة بعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية.


مقالات ذات صلة

بعد 5 سنوات من الجائحة... «كورونا» أصبح مرضاً متوطناً

الولايات المتحدة​ سيدة تقوم باختبار «كوفيد» في الفلبين (أ.ب)

بعد 5 سنوات من الجائحة... «كورونا» أصبح مرضاً متوطناً

بعد 5 سنوات من بدء جائحة «كورونا»، أصبح «كوفيد-19» الآن أقرب إلى المرض المتوطن، وفقاً لخبراء الصحة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم ألمانيا تطلب من علماء التحقق من الأدلة التي قدمها جهاز الاستخبارات بشأن نشأة فيروس كورونا في مختبر صيني (أ.ب)

علماء ألمان يتحققون من أدلة استخباراتية حول نشأة فيروس كورونا في مختبر صيني

كشفت تقارير إعلامية أن ديوان المستشارية الألمانية طلب من علماء التحقق من الأدلة التي قدمها جهاز الاستخبارات بشأن نشأة فيروس كورونا بمختبر بمدينة ووهان الصينية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
علوم 400 مليون شخص مصابون بـ«كوفيد طويل الأمد» في العالم

400 مليون شخص مصابون بـ«كوفيد طويل الأمد» في العالم

عدواه أدت إلى تغييرات دائمة وغير مرئية في أجزاء مختلفة من الجسم.

داني بلوم (نيويورك) أليس كالاهان (نيويورك)
آسيا قوات أمنية تقف خارج معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (رويترز)

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

حذر خبراء من أن العلماء الصينيين يخططون لإجراء تجارب «مشؤومة» مماثلة لتلك التي ربطها البعض بتفشي جائحة «كوفيد - 19».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ وسط ازدياد عدم الثقة في السلطات الصحية وشركات الأدوية يقرر مزيد من الأهل عدم تطعيم أطفالهم (أ.ف.ب) play-circle

مخاوف من كارثة صحية في أميركا وسط انخفاض معدلات التطعيم

يحذِّر العاملون في المجال الصحي في الولايات المتحدة من «كارثة تلوح في الأفق» مع انخفاض معدلات التطعيم، وتسجيل إصابات جديدة بمرض الحصبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

صحافيون معرّضون للخطر بعد تفكيك ترمب وسائل إعلام مموّلة أميركياً

مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)
مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)
TT

صحافيون معرّضون للخطر بعد تفكيك ترمب وسائل إعلام مموّلة أميركياً

مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)
مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)

حذّرت منظمة «مراسلون بلا حدود»، الاثنين، من أن الخطوات التي يتّخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتفكيك وسائل إعلام عالمية تموّلها الولايات المتحدة على غرار إذاعة «صوت أميركا»، من شأنها تعريض صحافيي هذه المؤسسات للخطر.

باشرت إدارة ترمب، الأحد، عمليات تسريح واسعة النطاق في إذاعة «صوت أميركا» (فويس أوف أميركا) ووسائل إعلام أخرى تمولها الولايات المتحدة، بعد يومين على توقيع سيّد البيت الأبيض أمراً تنفيذياً يوقف عمل «الوكالة الأميركية للإعلام العالمي»، المشرفة على الإذاعة، وذلك في أحدث تدابيره لخفض الإنفاق في الحكومة الفيدرالية.

وقالت منظمة «مراسلون بلا حدود» إنها «تطلق جرس الإنذار على خلفية مخاطر تواجه طواقم الوكالة الأميركية للإعلام العالمي حول العالم، بينهم تسعة صحافيين مسجونين حالياً في الخارج بسبب عملهم».

وجاء في بيان للمدير العام لـ«مراسلون بلا حدود» تيبو بروتان أن «إدارة ترمب ترسل إشارة تقشعرّ لها الأبدان: الأنظمة الاستبدادية على غرار بكين وموسكو باتت لديها الحرية لنشر دعايتها من دون رادع».

وقال بروتان إن القرار ينطوي على «خيانة» لصحافيي الوكالة الأميركية للإعلام العالمي التسعة المسجونين في أذربيجان وبيلاروس وبورما وروسيا وفيتنام و«يجعل آلافاً آخرين عاطلين عن العمل ومعرّضين للخطر» بسبب عملهم.

تشرف الوكالة الأميركية للإعلام العالمي على وسائل إعلام عدة بينها «إذاعة أوروبا الحرة - راديو ليبرتي» التي تأسست خلال الحرب الباردة للوصول إلى التكتل السوفياتي السابق، وإذاعة «آسيا الحرة» التي تأسست لتوفير تغطية للصين وكوريا الشمالية وبلدان آسيوية أخرى يخضع الإعلام فيها لقيود مشددة.

إضافة إلى «مراسلون بلا حدود»، حذّرت منظّمات إعلامية في أوروبا من مخاطر التدابير التي يتّخذها ترمب على صعيد تجميد التمويل.

وجاء في بيان لـ«فرانس ميديا موند» و«دويتشه فيلي» أن «هذه الخطوة تهدّد بحرمان ملايين الأشخاص حول العالم من مصدر حيوي للمعلومات المتوازنة التي تم التحقق منها، خصوصاً في بلدان تعد فيها الصحافة المستقلة نادرة أو معدومة».

وتابع البيان: «هذه الخطوة تثير قلقاً بالغاً؛ نظراً إلى الدور الذي تؤديه الولايات المتحدة منذ زمن في الدفاع عن حرية الصحافة».