البلاستيك يتحدى بيئة البحر في اختبار «الكوكاكولا»

يظل سليماً لعقود

البلاستيك حمى علب «الكوكاكولا» لمدة 20 عاماً في أعماق المحيط
البلاستيك حمى علب «الكوكاكولا» لمدة 20 عاماً في أعماق المحيط
TT

البلاستيك يتحدى بيئة البحر في اختبار «الكوكاكولا»

البلاستيك حمى علب «الكوكاكولا» لمدة 20 عاماً في أعماق المحيط
البلاستيك حمى علب «الكوكاكولا» لمدة 20 عاماً في أعماق المحيط

حتى بعد أكثر من 20 عاماً في المحيط، يمكن أن تظهر لدائن البلاستيك قليلاً جداً من علامات الانهيار أو التحلل، وفقاً لدراسة جديدة تدرس آثار غمر أعماق البحار بهذه المادة.
ونظر الباحثون إلى عينتين من البلاستيك تم استردادهما من عمق 4150 متراً (13615 قدماً) تحت سطح شرق المحيط الهادي، ووجدوا أن غالبية البلاستيك لا يزال سليماً تماماً.
ورغم أنه ليس من الصعب العثور على البلاستيك في المحيطات، فإنه قد يكون من الصعب تحديد تاريخه بدقة، لذا فإن النتائج بمثابة تحذير مهم حول المدة التي يمكن أن يعيشها البلاستيك بمجرد إلقائه في البحر.
وكتب الباحثون في ورقتهم المنشورة في دورية «ساينتفيك ريبورتيز» يوم 11 يونيو (حزيران) الماضي: «تمثل نتائج الدراسة الحالية، على حد علمنا، أول مجموعة بيانات تدرس بشكل موثوق البلاستيك على مدى فترة زمنية تزيد عن عقدين من الزمن، في الظروف البيئية البحرية الطبيعية في أعماق البحار».
وخلال الدراسة عثر الباحثون على علب «كوكاكولا» ملفوفة في أكياس بلاستيك، وبفضل الرمز واسم العلامة التجارية على العلبة، تمكن الفريق من تأريخ العناصر إلى ما بين 1988 و1996.
وفي حين أن ألمنيوم «كوكاكولا» كان يمكن أن يضيع عادة، فإن الكيس البلاستيكي قام بعمل جيد جداً في الحفاظ عليه، لدرجة أن ملصق العلبة كان لا يزال مرئياً بوضوح، وبعد استعادة هذين العنصرين، تمكن العلماء من إجراء تحليل كيميائي وبكتيري للأجسام.
يقول الكيميائي البيولوجي ستيفان كراوس من معهد «جيومار» للأبحاث بألمانيا، في تقرير نشره موقع «ساينس أليرت»: «تبين أنه لا الأكياس ولا العلبة أظهرا علامات تدهور».
ورغم أن الأكياس والعلبة كانتا بأشكال مختلفة، وتم تصنيعهما من أنواع مختلفة من البلاستيك، فإن تأثيرهما على البكتيريا المحيطة كان هو نفسه، كما وجد العلماء؛ حيث كان التنوع الميكروبي أقل بكثير على البلاستيك منه في رواسب قاع البحر المحيطة.
ويضيف كراوس: «نحن نعلم بالفعل أن المواد الكيميائية الخطرة تتسرب من البلاستيك المغمور في الماء، وقد يكون هذا ما يحدث هنا؛ لكن ما كان يهمنا هو تحديد عمر أكياس البلاستيك».
ما لم تهتم به الدراسة، اهتم به عديد من الدراسات التي حذرت من تأثير البلاستيك على البيئة البحرية. يقول الدكتور محمد الدسوقي، أستاذ الشؤون البيئية بجامعة «عين شمس» لـ«الشرق الأوسط»، إن البلاستيك يهدد حياة بعض الكائنات الحية البحرية، وقد تتسبب جزيئاته المتسللة إلى أمعاء الأسماك والكائنات البحرية في أضرار صحية للبشر عند تناولها. ويضيف: «عديد من الدراسات أظهرت أن مادة (بيسفينول A) الموجودة بالبلاستيك، قد تؤدي إلى اختلال بوظائف الكبد، وتغيرات في مقاومة الإنسولين والجهاز التناسلي والدماغ، وفي تطور الأجنة في رحم المرأة الحامل».
وكان تقرير أصدره «الصندوق العالمي للطبيعة» (WWF) أواخر يونيو 2018، قد أشار إلى أن نحو 700 نوع بحري مهدد بسبب البلاستيك، 17 في المائة منها أدرجه الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) ضمن قائمة «الأنواع المهددة بالانقراض».



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً