عايدة صبرا: البلد ما عاد يشبهنا

قرارها الهجرة من لبنان شغل وسائل التواصل الاجتماعي

الممثلة المسرحية عايدة صبرا
الممثلة المسرحية عايدة صبرا
TT

عايدة صبرا: البلد ما عاد يشبهنا

الممثلة المسرحية عايدة صبرا
الممثلة المسرحية عايدة صبرا

قامت الدنيا ولم تقعد إثر ظهور الممثلة المسرحية عايدة صبرا في مقطع فيديو تعلن فيه أنها قررت الهجرة من لبنان. وجاءت ردود الفعل على هذا المقطع المصور متفاوتة. فالبعض شد على يد عايدة ووافقها على قرارها، وشريحة أخرى خونتها واعتبرتها غير وفية لبلد مريض مطلوب منها أن تبقى بقربه. وعندما اتصلت «الشرق الأوسط» بعايدة صبرا لتقف على خلفية قراراها تبين لنا بأنها أصبحت في كندا.
«وصلت مونتريال الاثنين الفائت وبدأت في ترتيب منزلي الفارغ من كل شيء. أخبار لبنان تسرق مني كل وقتي فأتابعها بنهم. وهو ما يؤخرني عن إعداد إقامتي في كندا». تقول عايدة صبرا في حديث لـ«الشرق الأوسط».
الممثلة المسرحية اللبنانية سبق وغادرت لبنان إلى كندا في التسعينات وهي تملك جنسية تلك البلاد. كما أن أولادها يستقرون هناك وهو ما يعزيها في هجرتها هذه، إذ ستحاول أن تعوض ما فاتها من وقت وهي بعيدة عنهم.
وتعلق عايدة صبرا على حملة التخوين التي تعرضت لها وتقول: «لا أحد يمكنه أن يزايد على وطنيتي وحبي للبنان. فأنا واحدة من الأشخاص الذين عملوا بكد للنهوض بالحركة الثقافية المسرحية. كما أني لم أوفر جهدا للحفاظ على استمرارية المسرح في لبنان. ولكني اليوم لم أعد أملك أي إمكانية مادية لتقديم مسرحية. وكل ما كنت أملكه وضعته في خدمة الخشبة».
وهل قطعت الأمل نهائيا كي تتخذي هذا القرار؟ ترد عايدة صبرا في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ما نشاهده على الأرض لا يدعو إلى التفاؤل، ولكن ذلك لا يمنعنا من التمسك بالأمل، مع أن الوضع برأيي لن يتحسن بين ليلة وضحاها بل يستغرق وقتا طويلا. الناس تعبت وهناك من بينهم من لم يعد يملك خيارا بخصوص الهجرة. عندما هاجرت للمرة الأولى كان زوجي عاطلا عن العمل حتى أن أعمال المسرح كانت متوقفة. اليوم أعيش المشكلة نفسها في غياب مقومات لممارسة عملي طبعا مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة تقدمنا بالسن. ففكرنا زوجي وأنا التأسيس لعمر الخريف لـ«آخرتنا». كما أن أولادي هنا ويجب أن أكون بقربهم. وفي الوقت نفسه إذا سنحت لي الفرصة بممارسة عملي هنا فلن أتأخر. كما أنني لا ألغي فكرة العودة إلى لبنان بين وقت وآخر. فلا يزال هناك الكثير من الأمور التي تربطنا بالبلاد».
حملة التخوين التي شنت ضد عايدة صبرا إثر إعلانها قرار الهجرة أصابتها في الصميم وتعلق: «الناس لا تعرف طبيعة أوضاع بعضها البعض عن قرب، ولذلك لا يجب الحكم على قرارات الآخرين، من الخارج دون الوقوف على الحقيقة. وكل ما يمكنني قوله لهؤلاء: «يا عيب الشوم».
زملاء وإعلاميون ومسرحيون آزروا عايدة صبرا في محنتها هذه رافضين الحملة التي شنت عليها. «تلقيت اتصالات كثيرة من زملاء عزيزين بينهم فايق حمصي ومروان نجار وتلامذتي وطلابي الرائعين. فيا ليت أصحاب الحملة يوحدون جهودهم للمطالبة بحقوقهم الضائعة بدل انتظار الناس على الكوع، لينشروا سمومهم.
لا يجب أن نعلق كثيرا على هذا النوع من الحملات وأصحابها لأن اللبناني مع الأسف يستثمر جهوده دائما في المكان الخاطئ. فالهدف من هذا الفيديو لم يكن التشجيع على الهجرة، بل وضع الأصبع على الجرح والإشارة إلى معاناة كبيرة نعيشها في لبنان. فأنا لا أشجع بتاتا على الهجرة فقد سبق وغادرت لبنان لأكثر من 4 سنوات وما لبثت أن عدت إلى أحضانه».
وتتابع صبرا متحدثة عن لبنان: «ليس من السهل أبدا مغادرة لبنان من دون الشعور بغصة كبيرة فبلدي عزيز كثيرا علي كما على كثيرين غيري. فهو كالحبيب الذي تتركينه بالرغم عنك وتربطك به ذكريات وشوق وحب فتعانين من بعده عنك. لقد سألت نفسي كثيرا قبل اتخاذي قراري «شو جايي تعملي في بلد غريب عنك الحياة فيه قاسية من نواح عديدة؟ ولكني كنت مجبرة على التحمل لأنه يقدم لي فسحة حياة محترمة سيما وأني صرت في عمر أنا وزوجي لا يسمح لنا بالاستخفاف بمصيرنا الصحي والمعيشي. ولعل حفلة مهرجانات بعلبك الافتراضية التي شاهدناها عبر شاشات التلفزة حركت عندي هذا الشعور الكبير بالحزن. فأين كنا وأين أصبحنا؟ لبنان كان بقعة ضوء تتنافس بلدان كثيرة لمجاراته فلماذا سمحنا بإضاعته؟
تخاف عايدة صبرا على لبنان من أخطبوط الشر الذي يضرب بلدانا كثيرة غيره. «هو شيء مريب جدا يحصل في لبنان ويدعو اللبنانيين إلى الهجرة ومع الأسف، هناك مسؤولون يحرضون على هجرة أبنائهم في الكواليس».
وهل يمكن القول إنك استسلمت؟ ترد عايدة صبرا في معرض حديثها: «لا أبدا لم أستسلم حتى أني كنت منهمكة بفترة سابقة بالثورة ونزلت على الأرض، ورفعت صوتي مع الثوار لتحقيق أحلامنا. ولكن البلد لم يعد يشبهنا وضاقت الدنيا بي».
لم يستسلما عايدة صبرا وزوجها الصحافي والممثل زكي محفوظ أثناء فترة الحجر بسبب الجائحة. «اغتنمنا الفرصة لكتابة مشاهد مسرحية إيمائية تراكمت أفكارها في أذهاننا. فترجمناها على الورق وتستأهل منا أكثر من عرض مسرحي. ومن الممكن أن نقدمها هنا في كندا أو تكون سبب عودتي في زيارة إلى بلدي، إذا ما سمحت لنا أوضاعه وظروفه بذلك. هذه الكتابات كانت بمثابة امتحان لعقلي وعما إذا هو لا يزال بخير. فقد وصلت إلى مرحلة لا أعرف مدى قدرتي على التفكير والإنتاج. اكتشفت أني بخير وكتبت مشاهد تحمل دلالات ورسائل اجتماعية وإنسانية تتعلق في صلب مجتمعاتنا اللبنانية والعربية معا».
والمعروف أن عايدة صبرا من الممثلين والمخرجين المسرحيين من الطراز الأول في لبنان. مدربة محترفة في التمثيل المسرحي وأستاذة جامعية في التعبير الجسماني. تركت بصمتها على الكثيرين من خريجي كليات الفنون، وساهمت في صقل مواهب فنانين عديدين. قدمت مجموعة من المسرحيات التي حفرت في أذهان اللبنانيين. ومن أشهر الشخصيات التي قدمتها على المسرح «الست نجاح» التي رأيناها في مسرحية «الست نجاح والمفتاح». وبعدها وتحت هذا الاسم أطلقت سلسلة فيديوهات ساخرة حملت اسم «الست نجاح»، أظهرت خلالها الفروقات بين الحياة اليومية في كندا ولبنان.
بكت عايدة صبرا وهي تغادر الأراضي اللبنانية مؤخرا وتعلق: «في المرة الأولى لهجرتي لبنان غمرتني دموعي من رأسي حتى أخمص قدمي. تكرر المشهد هذه المرة أيضا وذرفت دموعي بشكل لا إرادي. فهل يمكن أن يترك أحدهم موطنه دون الشعور بغصة؟ والأسوأ هو أني منذ وصولي كندا لم أبارح مقعدي أتابع أحداث لبنان، فالمشهدية العامة للبلاد تبدو من بعيد أقسى وأبشع».
لم تقفل عايدة صبرا الباب وراءها إلى غير رجعة، فعودتها إلى لبنان مرجحة بين وقت وآخر. «لست جاحدة ولن أقطع الخيط الذي يربطني ببلادي، طالما أنني ما زلت أتنفس. قراري كان صعبا جدا، ولكني عندما أفكر بفنانين قبلي شهدوا نهاية لا تليق بمشوارهم الطويل أخاف أن يصيبني الأمر نفسه. فرينيه الديك موجودة اليوم في مأوى للعجزة وصلاح تيزاني (أبو سليم)، كلنا حزينون لمعاناته والقلة التي يعيش فيها. والأمر نفسه يصح على هند طاهر التي غادرت الدنيا وهي تعاني من البهدلة ومن عدم اهتمام الدولة اللبنانية فيها. الأمثلة كثيرة والغصة كبيرة، وليس من السهل أبدا التخلي عن موطن الأحلام».



ليست المهارات التقنية فقط... ماذا يحتاج الموظفون للتميز بسوق العمل؟

موظفون يعملون في مركز التوزيع والخدمات اللوجيستية لشركة «أمازون» في ألمانيا (إ.ب.أ)
موظفون يعملون في مركز التوزيع والخدمات اللوجيستية لشركة «أمازون» في ألمانيا (إ.ب.أ)
TT

ليست المهارات التقنية فقط... ماذا يحتاج الموظفون للتميز بسوق العمل؟

موظفون يعملون في مركز التوزيع والخدمات اللوجيستية لشركة «أمازون» في ألمانيا (إ.ب.أ)
موظفون يعملون في مركز التوزيع والخدمات اللوجيستية لشركة «أمازون» في ألمانيا (إ.ب.أ)

إذا كان هناك شيء واحد يعرفه تيري بيتزولد عن كيفية التميُّز في سوق العمل والحصول على وظيفة، فهو أن المهارات التقنية ليست الخبرات الأساسية الوحيدة التي يجب التمتع بها كما يعتقد البعض.

يتمتع بيتزولد بخبرة 25 عاماً في التوظيف، وهو حالياً شريك إداري في «Fox Search Group»، وهي شركة توظيف تنفيذية لقادة التكنولوجيا.

ويقول لشبكة «سي إن بي سي»: «خذ التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال. قبل عامين ونصف العام فقط، كان الجميع يقولون: (نحن بحاجة إلى توظيف مبرمجين)... بعد أقل من ستة أشهر، ظهر (تشات جي بي تي)، والآن لم تعد البرمجة هي المستقبل».

من المؤكد أن امتلاك مهارات رقمية محدثة أمر مهم للعاملين في جميع الصناعات، كما يقول بيتزولد، ويشرح: «إذا كنت تعمل في مجال التسويق، أو داخل مستودع، فأنت بحاجة إلى فهم التكنولوجيا».

ولكن لأن الشركات قادرة على تدريب العاملين على تعلم تطوير التكنولوجيا لخدمة أعمالهم، يشير الخبير إلى أن القادة مهتمون أكثر بتوظيف أشخاص لديهم مجموعة مختلفة من المهارات.

ويوضح «سأخبرك أين المستقبل. إنه ليس بالضرورة في مجال التكنولوجيا. إنه في المهارات الناعمة... في الذكاء العاطفي، وهذا ما نلاحظ أنه مستقبل المواهب».

المهارات الناعمة التي تبحث عنها الشركات

الذكاء العاطفي، أو «EQ»، هو القدرة على إدارة مشاعرك ومشاعر مَن حولك، مما قد يجعلك أفضل في بناء العلاقات والقيادة في مكان العمل.

بالنسبة لبيتزولد، فإنَّ المرشحين للوظائف ذوي المهارات التقنية الرائعة ينجحون حقاً عندما يتمكَّنون من إظهار ذكاء عاطفي مرتفع.

من الجيد أن تكون متخصصاً في مجال محدد، مثل البيانات أو الأمان أو البنية الأساسية أو حلول المؤسسات، على سبيل المثال، «لكن أولئك الذين يتمتعون بذكاء عاطفي قوي وتلك المهارات الناعمة ومهارات العمل... هؤلاء هم القادة المهنيون في المستقبل»، كما يؤكد الخبير.

من خلال توظيف المهنيين ذوي الذكاء العاطفي المرتفع، يقول بيتزولد إن الشركات تبحث حقاً عن أشخاص يمكنهم القيام بأشياء حاسمة مثل:

التعامل مع الملاحظات البنّاءة وتقديمها.

إدارة الصراع.

إجراء محادثات حاسمة بإلحاح.

العمل عبر الوظائف من خلال إقناع الأقران والقادة الآخرين.

تقديم الأفكار بفاعلية للقادة الأعلى منهم.

يشرح بيتزولد: «إن مهارات الذكاء العاطفي العامة التي نلاحظها لها علاقة حقاً بالتواصل مع الآخرين والقدرة على التغلب على التحديات».

ويضيف أن بعض الشركات أصبحت أفضل في مساعدة القادة على تطوير مهارات الذكاء العاطفي الأقوى، خصوصاً فيما يتعلق بالإدارة الفعالة، والتغلب على التحديات أو الصراعات.

ويؤكد الخبير أن أصحاب العمل الجيدين يمكنهم تطوير عمالهم بشكل أكبر من خلال تقديم برامج الإرشاد وتسهيل التواصل، حتى يتمكَّن الناس من رؤية نماذج القيادة الجيدة والذكاء العاطفي العالي.