طرابلس تستقبل «مرتزقة» جُدداً... واغتيالات في صفوف الميليشيات

وزارة الدفاع الأميركية
وزارة الدفاع الأميركية
TT

طرابلس تستقبل «مرتزقة» جُدداً... واغتيالات في صفوف الميليشيات

وزارة الدفاع الأميركية
وزارة الدفاع الأميركية

منذ إعلان حكومة «الوفاق» الليبي، برئاسة فائز السراج، عن «تحرير» الحدود الإدارية لطرابلس، تصاعدت أحاديث سكان العاصمة عن مشاهدة مسلحين سوريين في الشوارع وهم يستقلون السيارات العسكرية، أو يتخذون منازل النازحين أو محلاتهم سكناً لهم، وسط معلومات عن مقتل عناصر منهم في اشتباكات دامية خلال اليومين الماضيين، على خلفية عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية المتفق عليها، ووصول دفعة جديدة من المقاتلين السوريين إلى هناك. وأقر مسؤول رسمي في العاصمة بوجود بعض العناصر، ممن سماها (قوات أجنبية مساعدة) تتجول في العاصمة، «ربما لشراء بعض مستلزماتهم اليومية»، خصوصاً مع هدوء الأوضاع العسكرية على جبهات الاقتتال حول طرابلس، وقال إن «هناك مبالغات كبيرة بشأن ما يطلق عليهم الإعلام (مرتزقة)».
وبدا المسؤول، الذي يحتل منصباً تنفيذياً، غير راضٍ عن كثير مما يجري على الأرض، بسبب ما أطلق عليه «بعض التجاوزات التي ترتكبها هذه العناصر في حق المواطنين»، لكنه استدرك في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، رافضا ذكر اسمه: «هؤلاء الأفراد جاؤوا لمساعدتنا في صد (العدوان)، وفق اتفاقات أمنية رسمية... وحتماً سيرحلون عندما نضع يدنا على كامل التراب الوطني».
غير أن ما حاول المسؤول الرسمي التهوين من شأنه، أكد عليه مصدر عسكري، تابع لـ«الجيش الوطني»، بقوله: «لدينا توثيق باحتلال المرتزقة السوريين لمنازل المواطنين في أماكن عدة بطرابلس»، متحدثاً عن «وصول فوج جديد من العناصر الأجنبية إلى مصراتة، استعداداً للدفع بهم إلى معركة سرت». ووسط حالة من التوتر سادت مناطق بالعاصمة، بعد مقتل أحد عناصر الميليشيات في طرابلس، يدعى «الذيب»، والعثور على جثته في الطريق بالعاصمة، تحدثت مصادر عن اندلاع اشتباكات دامية بين مجموعة من المرتزقة السوريين، ينتمون لما يسمى «لواء صقر الشمال»، بسبب تأخر أجورهم، مما أسفر عن مقتل أربعة منهم على الأقل، وجرح آخرين.
وتزامنت هذه الأحداث مع تقرير صادر عن المفتش العام لوزارة الدفاع الأميركية يتحدث عن إرسال تركيا ما بين 3500 و3800 مقاتل سوري «مدفوعي الأجر» إلى ليبيا، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، علماً أن مصادر رسمية تحدثت عن قرابة 10 آلاف مقاتل. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، مساء أول من أمس، وفقاً للتقرير أن أنقرة عرضت الجنسية التركية على «آلاف المرتزقة الذين يقاتلون مع ميليشيات طرابلس ضد قوات الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، لافتا إلى أن «الجيش الأميركي لم يجد دليلاً على انتماء (المرتزقة) إلى تنظيمات متطرفة مثل (داعش) أو (القاعدة)، مرجحاً أن الدافع الأكثر لهم هو الحزم المالية السخية، أكثر من الآيديولوجية أو السياسة».
وسبق لمدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، القول إن هناك «آلاف المرتزقة الذين تم الدفع بهم إلى طرابلس دون أن يتلقوا الأجور المتفق عليها مع أنقرة». وأوضح عبد الرحمن، أمس، أن قرابة 16 ألف «مرتزق» سوري، بينهم 340 طفلاً وصلوا إلى ليبيا، لكن عاد قسم منهم بعد انتهاء عقده، وقال إن «هناك 10 آلاف متطرف من جنسيات عربية، غالبيتهم من شمال أفريقيا، وصلوا إلى ليبيا للقتال هناك». وأشار المرصد السوري إلى أن 2500 من تنظيم «داعش» «كانوا في سوريا، وعادوا إلى ليبيا عبر الأراضي التركية، بتنسيق مع الاستخبارات في أنقرة، لكن لا يعرف ما إذا كان بينهم قيادات في الصفوف الأولى»، لافتاً إلى أن أبو وقاص العراقي، الذي كان قائدا في التنظيم بمحافظة دير الزور أصبح مع مجموعته العراقية في فصيل «أحرار الشرقية»، ومن ثم نقل مع مجموعته إلى ليبيا. وقال سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» إن الأوضاع في العاصمة مرشحة للتصعيد أكثر، خصوصاً بعد مقتل بسام أبو غرسة، معاون آمر ميليشيا «فرسان الغضب» قبل يومين في ظروف وصفت بـ«الغامضة»، لكن متابعين للتطورات الداخلية عدوها ضمن «تصفية الخلافات» بين الميليشيات المسلحة، وتوقعوا تزايد حدتها مستقبلاً.
في شأن آخر، حذر المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة من أي محاولة تستهدف «تقسيم ليبيا أو تجزئتها إلى أقاليم، مثل الأقاليم الثلاثة السابقة»، مشيراً إلى أنه «لن يقبل رهن السيادة الليبية على الأرض، والقرار السياسي للشعب الليبي كافة، من الشرق إلى الغرب، ومن البحر إلى الجنوب».
بدوره، تحدث المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة في بيان، مساء أول من أمس، عن «مؤامرة قديمة حديثة تستهدف الجيش المصري»، وقالوا محذرين: «ننبه إخوتنا وأشقاءنا في مصر الحبيبة إلى أن ما ضاع في ليبيا قد ضاع، لكن لا نريد أن يكون ضياع ليبيا سببا في ضياع وخسارة آخر جيش عربي قوي، بإمكانه ضرب كل المحاولات التي تستهدف الأمة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».