تعيش سجون الجزائر حالة من الذعر، على إثر انتشار عدوى «كوفيد - 19» بشكل واسع وسط مئات المساجين، وكان آخر ضحية لها وزير البريد وتكنولوجيا الاتصال السابق، موسى بن حمادي الذي توفي ليلة الجمعة. كما يعالج بالمستشفى جراء الإصابة بالفيروس رئيسا الوزراء سابقا أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، اللذان أدانهما القضاء بأحكام ثقيلة بالسجن.
وأفاد أعضاء في نقابة المحامين لـ«الشرق الأوسط»، بأن أعراض الإصابة ظهرت على بن حمادي منذ أسبوع في سجنه بالضاحية الشرقية للعاصمة، وأنه ظل يعالج بعيادة السجن، حسبهم، لمدة ثلاثة أيام، لكن بعد أن اشتد به المرض نقل إلى مستشفى «مصطفى جامعي» بالعاصمة. وبحسب المحامين أنفسهم، فقد تفاقمت حالة الوزير السابق، ما استدعى إدخاله العناية المركزة حيث توفي. وسجن بن حمادي في سبتمبر (أيلول) الماضي، على إثر اتهامه بالفساد خلال فترة توليه الوزارة (2011 - 2013). وكان يترقب تنظيم محاكمة له مع شقيقيه المسجونين، وهما من أكبر رجال الأعمال في البلاد. وتم إطلاق سراح شقيق ثالث له قبل شهرين، لكن من دون إسقاط المتابعة القضائية ضده. فيما راجت أخبار أمس عن إصابة الوزيرين السجينين، عمار غول وعمارة بن يونس، اللذين لم يحاكما بعد.
ويوجد بالمستشفى نفسه رئيسا الوزراء سابقا أويحيى وسلال، اللذان أصيبا بالعدوى في السجن. وراجت أنباء في المدة الأخيرة عن وفاة أويحيى، الذي صرح أثناء محاكمته بأنه يعاني من سرطان. كما أبدى صحافيون مخاوف على زميلهم خالد درارني، مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود»، المسجون منذ أربعة أشهر بسبب نشاطه المهني الذي أزعج السلطات. وتعالت أصوات في أوساط الحقوقيين، مطالبين بتخفيف الضغط على السجون، وذلك بالإفراج مؤقتا عن المحبوسين احتياطيا.
وأكد أعضاء بنقابة المحامين أن غالبية المسؤولين الحكوميين المتابعين في قضايا فساد، ظهرت عليهم أعراض الإصابة بالوباء في زنزاناتهم، وانتقدوا «الإفراط في إيداع المشتبه بهم رهن الحبس الاحتياطي»، على أساس أن ذلك زاد من انتشار العدوى وسط المساجين.
وقالت وزارة العدل في وقت سابق إنها اتخذت إجراءات لمواجهة الفيروس في المؤسسات العقابية، وإنها طبقت تدابير «المحاكمات عن بعد» في بعض الحالات، مع منع حضور المحاكمات، للأشخاص غير المتقاضين.
وكتب المحامي عبد الغني بادي، أحد أشهر المدافعين عن معتقلي الحراك الشعبي، بحسابه بشبكة التواصل الاجتماعي: «كل دول العالم أفرجت عن مئات الآلاف من المساجين مع بداية تفشي جائحة كورونا، إلا الجزائر التي بات فيها الحبس الاحتياطي موتا مؤجلا». «فما زال بين جدران سجون الجزائر مرضى وعجزة وشبان سجنوا فقط لأنهم اختلفوا مع منظومة الحكم، سجنوا بسبب مواقفهم السياسية ونشاطهم الحقوقي، ولا يوجد أدنى احترام لمبدأ الحرية هي القاعدة والحبس هو الاستثناء... لا يوجد أي احترام لقرينة البراءة، لا يوجد أي احترام لضمانات المحاكمة العادلة... اسجن ثم اسجن ثم اسجن كي يخافك الناس... هذا هو منطقهم».
وطالب نور الدين بن يسعد، المحامي ورئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، بإطلاق تحقيق في السجون لـ«تحديد أسباب انتشار الوباء بهذه الطريقة المخيفة». مشيرا إلى أن الحكومة «تعهدت بوقاية المساجين، الذين يفوق عددهم 60 ألفا في 170 مؤسسة عقابية من الفيروس. كما أكد مدير عام السجون أنه يتابع بصرامة، حسبه، تطبيق إجراءات التباعد الجسدي، وتعقيم الزنزانات وساحات السجون وحتى العيادات، غير أن الأخبار التي تأتينا لا تبشر بالخير، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها فيما حدث، لأن الموظفين بالإدارة العقابية استهانوا بصحة المساجين، وكانوا بفعل تهاونهم سببا في دخول الفيروس إلى السجون».
ذعر في سجون الجزائر بعد وفاة وزير سابق بـ«كورونا»
تزايد المطالب بالإفراج عن المحبوسين احتياطياً تفادياً لإصابات جديدة
ذعر في سجون الجزائر بعد وفاة وزير سابق بـ«كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة