معارك سياسية وقضائية في الولايات المتحدة بسبب تدابير احتواء «كورونا»

أشخاص ينتظرون دورهم للخضوع لاختبار كشف فيروس كورونا في مدينة نيويورك (أرشيفية-رويترز)
أشخاص ينتظرون دورهم للخضوع لاختبار كشف فيروس كورونا في مدينة نيويورك (أرشيفية-رويترز)
TT

معارك سياسية وقضائية في الولايات المتحدة بسبب تدابير احتواء «كورونا»

أشخاص ينتظرون دورهم للخضوع لاختبار كشف فيروس كورونا في مدينة نيويورك (أرشيفية-رويترز)
أشخاص ينتظرون دورهم للخضوع لاختبار كشف فيروس كورونا في مدينة نيويورك (أرشيفية-رويترز)

بينما يرتفع عدد الإصابات بـ«كوفيد - 19» بمعدلات هائلة في الولايات المتحدة، تثير التدابير الرامية إلى الحد من تفشيه سجالات سياسية وقضائية بين المسؤولين في بعض الولايات الأكثر تضرراً.
وسجلت السلطات الصحية أكثر من 77600 إصابة جديدة أمس (الجمعة)، بحسب جامعة جونز هوبكنز.
وبحسب «مشروع تتبع كوفيد» الذي يديره متطوعون في البلاد، بلغ عدد المرضى الذين نُقلوا إلى المستشفيات جراء إصابتهم بالفيروس أعلى مستوياته منذ 23 أبريل (نيسان).
وارتفع معدل الوفيات، الذي شهد انخفاضا في مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، منذ الأسبوع الماضي. وسجلت ولاية فلوريدا، البؤرة الجديدة للوباء، أكثر من 11 ألف إصابة جديدة و128 وفاة الجمعة. وفي هذه الأثناء، يتفشى الفيروس في ولايات أخرى بينها أوهايو وميسيسيبي وتينيسي.
لكن نيويورك، التي كانت البؤرة الأساسية للفيروس في الولايات المتحدة وحيث توفي أكثر من 32 ألف مصاب به، تحركت باتجاه تخفيف مزيد من القيود التي كانت تفرضها بعدما تمكنت من السيطرة على تفشي الوباء.
وأشار رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو، الجمعة، إلى إمكان إعادة فتح حدائق الحيوانات والنباتات لكن بقدرة استيعابية محدودة، واستئناف مباريات البيسبول لكن بدون جمهور.
وتراجعت نسب التأييد للرئيس الأميركي دونالد ترمب، منذ بدء تفشي الوباء، وأظهر استطلاع نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، الجمعة، أن 38 في المائة فقط من الأميركيين يؤيدون طريقة تعامله مع الأزمة، مقابل 51 في المائة في مارس (آذار).
ورأت مستشارة البيت الأبيض كيليان كونواي، الجمعة، أن تراجع نسب التأييد هو نتيجة توقف الرئيس عن الإدلاء بإيجازات إعلامية يومية بشأن الفيروس. وقالت: «كانت نسب التأييد للرئيس أعلى بكثير عندما كان يقدم موجزا يوميا للجميع بشأن الفيروس»، مضيفة: «أعتقد أن على الرئيس أن يقوم بذلك».
وتوقفت إيجازات فريق العمل التي كان يتصدرها ترمب منذ أواخر أبريل (نيسان) وسط تزايد الانتقادات له حيال ما اعتبرها البعض تصريحات مبالغا فيها وغير دقيقة بشأن استجابة السلطات الصحية لتفشي الفيروس إلى جانب ميله للترويج لعلاجات خاطئة.
وقال كبير خبراء الأمراض المُعدية في الإدارة الأميركية أنطوني فاوتشي، للرئيس التنفيذي لموقع «فيسبوك» مارك زاكربرغ، في محادثة عبر الفيديو، الخميس: «علينا حقا إعادة تشكيل صفوفنا وتغيير مسارنا». وأضاف أن ذلك «لا يعني بالضرورة فرض إغلاق آخر، لكن ينبغي القول إن علينا القيام بذلك بطريقة محسوبة أكثر».
وفرضت الولايات تدابير إغلاق بطريقة غير منسقة، وتجاهلت العديد منها مراحل مهمة في تطور الوباء قبل أن تخفف تدابير العزل، وفق فاوتشي.
وبالتالي، اضطرت العديد من الولايات إلى معاودة إغلاق الحانات بعد فترة قصيرة من فتحها، كما أجبر بعضها على إغلاق الصالات الرياضية وصالات السينما وأماكن العبادة والمتاجر.
وفرض بعض رؤساء البلديات وضع الكمامات لكن حاكم جورجيا الجمهوري برايان كيمب، أقام دعوى على رئيسة بلدية أتلانتا بعدما أصدرت الأخيرة أمرا بتغطية الوجه. وقال كيمب: «بينما نتفق جميعا بأن وضع الكمامة فعال، أنا واثق بأن سكان جورجيا ليسوا بحاجة إلى أمر رسمي للقيام بما هو صحيح».
ولا تسعى الدعوى التي أقامها لإلغاء أمر وضع الكمامات فحسب، بل تستهدف كذلك تحرك رئيسة البلدية كيشا لانس بوتومز، لفرض تدابير إغلاق أكثر صرامة.
وتعتقد الديمقراطية بوتومز التي أصيبت بفيروس «كورونا»، أن قرار كيمب مجرد خطوة انتقامية بدافع سياسي، وصرحت لشبكة «سي إن إن» أنها جاءت بعد يوم على زيارة قام بها ترمب إلى أتلانتا حيث أشارت إلى أنه خرق قواعد القانون من خلال امتناعه عن وضع كمامة في المطار.
وبرزت سجالات مماثلة في مناطق أخرى، ففي تكساس، حيث سُجّلت 174 وفاة الجمعة، أصدر الحاكم غريغ أبوت أمرا على مستوى الولاية يفرض وضع الكمامات نظرا لارتفاع عدد الإصابات، ليصدر عدد من المسؤولين الجمهوريين قرارات اعتراض عدة بحقه.
وأفادت صحيفة «تكساس تريبيون» بأنهم اتهموه بانتهاك مبادئ الحزب في ما يتعلق بفصل السلطات والمشاريع التجارية الحرة والمسؤولية الشخصية.
وبينما يطالب رئيس مجلس بلدية هيوستن، كبرى مدن الولاية، بإعادة فرض تدابير الإغلاق، فإن حاكم الولاية يرفض ذلك.
وتطلب السلطات في مدن في تكساس على غرار سان أنطونيو وكوربوس كريستي ومقاطعة ماريكوبا في أريزونا شاحنات ومقطورات مبردة لحفظ الجثث في وقت تستعد للأسوأ.
وأكد العديد من كبار مسؤولي الشرطة، وهم عادة مسؤولون منتخبون، في كاليفورنيا ونورث كارولاينا وغيرهما أنهم لن يطبقوا قواعد فرض الكمامات في مناطقهم، وقال أحدهم في ولاية واشنطن أواخر يونيو (حزيران): «لا تكونوا كالقطيع».
ويذكر أن الوباء بدأ بالانتشار في الولايات المتحدة من ولاية واشنطن (غرب) حيث عاود عدد الإصابات ارتفاعه.
في الأثناء، لن يعاد فتح معظم المدارس الخاصة والحكومية في كاليفورنيا أمام الطلبة مع بدء العام الدراسي الجديد، وذلك بموجب قواعد على مستوى الولاية أعلنها حاكمها غافين نيوسوم، الجمعة.
وسيسمح فقط للمدارس الواقعة في المقاطعات التي شطبت من قائمة الرقابة التي أعدتها الولاية لمدة 14 يوما بإعادة فتح أبوابها. وشملت القائمة حتى الجمعة 32 من مقاطعات الولاية الـ58. وهي مناطق تضم العدد الأكبر من المدارس في الولاية.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».