السودان: أنصار نظام البشير يتظاهرون احتجاجاً على تعديل القوانين

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
TT

السودان: أنصار نظام البشير يتظاهرون احتجاجاً على تعديل القوانين

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع الخرطوم أمس (إ.ب.أ)

تظاهر في العاصمة السودانية، أمس، المئات من أنصار النظام المعزول، وبعض الجماعات الإسلامية المتشددة، عقب صلاة الجمعة، بعدد من المساجد، فيما فرضت السلطات إجراءات أمنية مشددة على الطرقات والجسور، وقيدت حركة المرور بين مدن الولاية.
وأغلق الجيش بقوات كبيرة وآليات عسكرية الشوارع الرئيسية المؤدية إلى مقر القوات المسلحة السودانية، بوسط العاصمة، تحسباً لأي تجمعات للمتظاهرين أمام مقر القيادة.
وانتشرت في الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات مكثفة لأنصار الإسلام السياسي في البلاد، وجماعات إسلامية متشددة، تدعو لمظاهرة تحت اسم «جمعة الغضب»، وذلك للاحتجاج على بعض التعديلات في القوانين التي وافقت عليها الحكومة. وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للقادة العسكريين في مجلس السيادة الانتقالي، تطالب بإسقاط حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
ووصف حمدوك التعديلات التي أدخلت على بعض القوانين بأنها «خطوة مهمة في طريق إصلاح المنظومة العدلية في البلاد». وقال في تعليق على حساباته بـ«فيسبوك» و«توتير» إن تمرير التعديلات الجديدة «خطوة مهمة في طريق إصلاح المنظومة العدلية من أجل تحقيق شعارات ثورة الشعب السوداني، عبر قوانين ومؤسسات عدلية تضمن سيادة حكم القانون». وأكد حمدوك أن المراجعات والتعديلات القانونية ستستمر «حتى تكتمل معالجة التشوهات كافة في النظم القانونية في السودان».
وكانت لجنة أمن العاصمة الخرطوم قد استبقت المظاهرات بإغلاق الجسور كافة منذ مساء الخميس الماضي، على أن يستمر الإغلاق طوال نهار أمس (الجمعة). ورصدت «الشرق الأوسط» وجوداً كثيفاً للقوات النظامية من مختلف وحدات الجيش والشرطة وقوات المرور عند المداخل الرئيسية المؤدية إلى وسط الخرطوم، وأغلقت الطرق المؤدية إلى مقر قيادة الجيش بالحواجز الإسمنتية المتنقلة. وناشدت السلطات المواطنين بعدم التحرك عبر الجسور طوال الفترة المقررة، ودعتهم للتعاون مع القوات المنتشرة لتأمين الخرطوم.
وأقر رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، تعديلات في القوانين المتنوعة دفعت بها وزارة العدل بصفتها تعديلات مهمة لتحقيق مهام الفترة الانتقالية التي نصت عليها الوثيقة الدستورية.
ومن أبرز التعديلات التي طالت القانون الجنائي إلغاء عقوبة الردة والجلد، والسماح لغير المسلمين بشرب الخمر، وتجريم ختان الإناث، والسماح للنساء باصطحاب أطفالهن عند السفر إلى خارج البلاد. وحظيت التعديلات بتأييد كبير وسط الشارع السوداني، ومنظمات المجتمع المدني، والمجموعات النسوية التي تنشط في قضايا المرأة، لكن هذه التعديلات أغضبت التيارات الإسلامية المتشددة التي عدتها «خروجاً عن الشريعة الإسلامية»، ووجهت انتقادات حادة للحكومة.
وأكد رئيس الوزراء لدى لقائه، الخميس الماضي، وفد «جماعة أنصار السنة المحمدية»، أن الحكومة هي أكثر حرصاً على المحافظة على إرث وقيم الإسلام، واحترام المبادئ والشعائر الإسلامية، دون المساس بأي من حدود وكليات وأهداف الدين الإسلامي.
وكان وزير العدل السوداني، نصر الدين عبد الباري، قد أكد أن الحكومة ستعمل على تعديل جميع القوانين التي تنتهك حقوق الإنسان في البلاد، مبرزاً أنها تتوافق مع الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية.
وقال إن الحكومة «ملتزمة بالعدالة، وعدم التمييز بين الأشخاص على أي أساس، ولا يحق لأي أحد فرض أفكاره أو توجهاته الفكرية على الناس، وهذا أمر لا يمكن أن يستمر في الدولة التي نعيش فيها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».