حذر بحث أمني جديد في اليوم الذي مُنحت فيه شاميما بيغوم الإذن بالعودة إلى المملكة المتحدة بغية الطعن في قرار الحكومة بتجريدها من الجنسية البريطانية من أن العناصر الجهادية تيمم شطر ساحات القتال المشتعلة في جنوب شرقي آسيا وفي أفريقيا على أمل منهم في محاولة إعادة إحياء تنظيم (داعش) الإرهابي من جديد».
ويشير التقرير الأمني الجديد إلى أن أغلب الحكومات الغربية منشغلة في المقام الأول بالتهديدات التي يشكلها عناصر تنظيم «داعش» الذين يعودون إلى المملكة المتحدة وبقية البلدان الأوروبية، وبناءً عليه كان الاستبعاد المستمر للسيدة شاميما بيغوم، والتي كانت قد غادرت الأراضي البريطانية سفراً إلى سوريا بهدف الانضمام إلى تنظيم «داعش» وهي لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها. لكن، وفي معرض الجهود المبذولة حكوميا من أجل عدم عودتهم إلى الوطن، يحذر التقرير أنه من المرجح أن تنفتح البلدان الغربية على قدر كبير من المشاكل بصورة أكبر من الماضي، مع تنامي احتمالات فرار العناصر المتطرفة من السجون ضعيفة الحراسة في سوريا.
وخلص الباحثون من قسم الدراسات الدفاعية في كينغز كوليدج في لندن بالتشارك مع معهد الدراسات الاستراتيجية إلى أنه جرى إيلاء أدنى قدر من الاهتمام إلى عدد المقاتلين المتطرفين المخضرمين الذين يحاولون التوجه إلى أماكن أخرى من شاكلة ليبيا أو الفلبين على سبيل المثال.
وقال الدكتور فرانشيسكو ميلان، الأستاذ في قسم الدراسات الدفاعية في كينغز كوليدج، والمؤلف الرئيسي للدراسة البحثية «على الرغم من الشواغل الحكومية الاعتبار ذاته، فإن عدد المقاتلين الأجانب لدى تنظيم (داعش) من أصحاب أجندات التطرف العنيفة والذين يحاولون العودة إلى ديارهم هو عدد منخفض بصورة نسبية». ويكمن الخطر الأكبر من ذلك في تهديدات التنظيم الإرهابي في المعاقل السابقة داخل العراق وسوريا، فضلاً عن مختلف بؤر الصراع العنيفة حول العالم.
ويتحول التساؤل الذي جرى تجاهله منذ فترة طويلة، ويتعلق بكيفية التعامل مع المقاتلين الأجانب الذين وقعوا في الأسر، إلى قضية ذات أهمية وإلحاح كبير، مع اعتبار الأعداد الضخمة من المقاتلين الذين استسلموا مع عائلاتهم، والذين يحتشدون راهناً في السجون ومخيمات اللاجئين في سوريا.
وأضاف الدكتور فرانشيسكو ميلان قائلاً «من خلال التركيز المفرط على عودة المقاتلين الأجانب من الخارج مع اعتماد استجابة قصيرة الأجل من الانتظار والمراقبة في إدارة ملفات المقاتلين الأجانب المأسورين، تتركنا الحكومات الغربية عرضة بصورة كبيرة لعودة ظهور تنظيم داعش الإرهابي وإنما بصورة أقوى، وأشد بأساً، وأوسع انتشاراً عن ذي قبل».
ويدفع التقرير بحالة التقاعس الواضحة لدى تعامل الحكومات الغربية بصورة مناسبة مع مقاتلي «داعش» المعتقلين في سوريا والعراق، وذلك إلى جانب الأوضاع الإنسانية المتدهورة للغاية هناك، الأمر الذي يوفر أرضية خصبة وثرية لإحياء تنظيم الخلافة الإسلاموية الإرهابية.
وعلى هذا النحو المذكور، فلقد صاغت الحكومات استراتيجية أوسع مجالاً على المدى الطويل في الغرب، كما يقولون في الدراسة البحثية التي نُشرت في استقصاء الصراعات المسلحة الخاص بمعهد الدراسات الاستراتيجية في عام 2020.
وهناك ما يقدر بنحو 40 ألف مقاتل أجنبي قد نجحوا في الانضمام إلى التنظيم الإرهابي على مدى السنوات الستة الماضية، بما في ذلك ما يقرب من نحو 5 آلاف مواطن من أصول أوروبية. وبصرف النظر تماماً عن عودة هؤلاء المتطرفون إلى بلدانهم الأصلية إثر سقوط آخر المعاقل التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في عام 2019، ظل السواد الأعظم من هؤلاء المتطرفين إما في منطقة الشرق الأوسط أو ربما قد انتقلوا إلى مناطق قتالية أخرى يتزايد فيها نفوذ التنظيم وعناصره في مختلف أرجاء العالم.
وعلى الرغم من انقضاء وجود التنظيم على صورة الخلافة المزعومة التي كان قد أعلن عن قيامها، فإنه ما زال يمثل تنظيماً إرهابياً قوي الفعل والنفوذ والتأثير، على نحو ما ذكر الدكتور فرانشيسكو ميلان في دراسته البحثية.
ومن منتصف عام 2019 وحتى الآن، أشرف التنظيم الإرهابي على جهود تجنيد المزيد من الأنصار وعمليات إعادة توزيع العناصر المقاتلة حول مختلف مناطق النزاع المشتعلة في بلدان أخرى من ليبيا وحتى الفلبين.
وتساعد عناصر إعادة التموضع التابعة للتنظيم الإرهابي بالهرب من المواجهة المباشرة مع أجهزة الأمن في حين يواصلون تعزيز العمليات في مختلف أنحاء العالم. ومن بين الأماكن المستهدفة راهناً من قبل عناصر التنظيم في آسيا تلك البؤر التي تعاني من انعدام الاستقرار السياسي، مثالا بممرات التهريب عبر الحدود الممتدة بين أفغانستان وباكستان على سبيل المثال.
وفي الأثناء ذاتها، وفي منطقة جنوب شرقي آسيا، انضم ما لا يقل عن 100 مقاتل أجنبي جديد إلى الميليشيات التابعة لتنظيم «داعش» في الفلبين في أعقاب الحصار الذي فرضته الأجهزة الأمنية في البلاد في عام 2017؛ مما أدى إلى وضع البلاد على خريطة البلدان المقاومة لخطر الإرهاب على مستوى العالم.
تحذير من محاولات عناصر متطرفة إعادة بناء تنظيم «داعش»
تحذير من محاولات عناصر متطرفة إعادة بناء تنظيم «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة