ضاق الخناق على دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما بعد نتائج اقتصادية مالية ضعيفة منذ منتصف عام 2019 وحتى الوقت الحالي من هذا العام، وانتعاش شبه غائب وتخوّف من وصول موجة جديدة من فيروس كورونا في الخريف القادم. لذا، ونظراً للصدمة العالمية التي تسببت بها جائحة «كوفيد - 19»، بدأ الأوروبيون يراهنون على اقتصاد جديد هو الاقتصاد الفضائي الذي سيكون بمثابة الدرع الداعم للعديد من الشركات الألمانية والأوروبية صغيرة ومتوسطة الحجم.
تقول الخبيرة الألمانية ناديا ألتمان لدى المفوضية الأوروبية في بروكسل، إن المفوضية ستسمح للشركات الأوروبية، في الشهور الـ18 القادمة، باختبار عدد من التطبيقات الرقمية التي تعتمد على تحديد الموقع الجغرافي. بمعنى آخر، ستتم تجربة مجموعة من البرمجيات مباشرة في الفضاء الواعد، تجارياً واقتصادياً.
وتضيف أن الرهان على التجارة الفضائية أضحى الشغل الشاغل للرؤساء الأوروبيين. وحسبما يؤمن به الخبراء الأوروبيون، فإنّ هذه التجارة ستدرّ على الاقتصاد الأوروبي، الذي يرزح اليوم تحت سلاسل وعقوبات ذات جذور مُعقّدة وعميقة وصعبة الحلحلة، ما إجماليه 325 مليار يورو في الأعوام العشرة القادمة. علماً بأن الاتحاد الأوروبي يأتي في المرتبة الثانية، عالمياً، كقوة فضائية، ويتقدّم على الصين والهند وروسيا. ما يعطي أوروبا هامشاً كبيراً من الاستقلالية والأمان لأن الفضاء سيكون له، مستقبلاً، دور قيادي في السياسة الصناعة الأوروبية، سواء على صعيد الاقتصاد الصديق للبيئة أو على مستوى الجيل القادم من الثورة الرقمية. وتختم: «في موازاة تخصيص ما إجماليه 15 مليار يورو لدعم شركات الاقتصاد الفضائي ستتحرّك المفوضية الأوروبية لتحسين وتحديث نظام (غاليليو) الأوروبي لتحديد المواقع، وهو نظام ملاحة بالأقمار الصناعية، المعروف بدقّة أعلى مقارنة مع نظيره الأميركي (جي بي إس). ولغاية عام 2030، سيكون ما لا يقل عن عشرة مليارات شيئاً مربوطاً بالأقمار الصناعية. هكذا، سيقفز عدد الأقمار الصناعية السابحة في مدار الأرض من 2500، وبينها 230 قمراً صناعياً أوروبياً وبريطانياً حالياً، إلى 50 ألفاً في الأعوام العشرة القادمة. وهذه معطيات واعدة للغاية في عيون الشركات التكنولوجية الأوروبية».
في سياق متصل، تشير الباحثة الاقتصادية الألمانية نادين بورش إلى أن تنشيط برنامج «كوبيرنيكوس» الأوروبي لمراقبة الأرض سيعود بمنافع عدّة على الشركات الألمانية الناشئة التي تحتاج إلى متنفّس تخرج منه كي تتمكّن من المضي قدماً بعدما واجهت صعوبات جمّة في الحصول على مساعدات مالية من حكومة برلين. ويتطرّق هذا البرنامج إلى الدفاع عن السيادة الأوروبية عبر مراقبة الحدود البرية والبحرية، فضلاً عن التغيّرات البيئية والمناخية. وسيكون لشركات الأمن التكنولوجي الألمانية حصة مهمة من هذا البرنامج الذي سيدرّ عليها سنوياً ما لا يقل عن 350 مليون يورو.
وتضيف أن توزيع الإنترنت عبر الأقمار الصناعية سيكون محط انتباه واهتمام أوروبي متعاظم. واليوم، تشرف الأقمار الصناعية المُصغّرة، المعروفة باسم «كيوب سات»، على مراقبة سطح الأرض ومنها أكثر من 150 قمراً صناعياً ألمانياً يُقدّر إنتاجها المالي الصافي بفضل تجارة البيانات بنحو 40 مليون يورو سنوياً.
وتختم: «يبرز الشقّ الثالث من الاقتصاد الفضائي عبر الجيلين الخامس والسادس من الإنترنت. وبفضل سرعتهما الفائقة لن يقتصر الأمر على تحديد الموقع الجغرافي للأشياء فحسب، إنما سيصبح بالإمكان تنشيطها وتحريكها وإطفاؤها عن بُعد عبر الأقمار الصناعية. وفي حال أثبت الاقتصاد الفضائي قدرته على إنقاذ آلاف الشركات الأوروبية المتعثّرة مالياً، فإنّه سيضحى جزءاً لا يتجزأ من اقتصاد أوروبا المستقبلي. كما أن العديد من كبار المحللين الماليين يعتقدون أن استثمار كل يورو في الفضاء سيولّد لمصلحة الاقتصاد الأوروبي وشركاته 7 يوروهات، أي أرباح مقدارها 700 في المائة».
أوروبا تبحث دعم اقتصادها بـ«كنز الفضاء»
أرباح تقدر بنسبة 700 %
أوروبا تبحث دعم اقتصادها بـ«كنز الفضاء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة