«كوفيد 19» بدد جهود 10 سنوات من التنمية في أفريقيا

إرجاء اتفاق التجارة الحرة يزيد من أوجاع جنوب القارة السمراء

إرجاء اتفاق التجارة الحرة الأفريقية يزيد من الضغوط على اقتصادات جنوب الصحراء (رويترز)
إرجاء اتفاق التجارة الحرة الأفريقية يزيد من الضغوط على اقتصادات جنوب الصحراء (رويترز)
TT

«كوفيد 19» بدد جهود 10 سنوات من التنمية في أفريقيا

إرجاء اتفاق التجارة الحرة الأفريقية يزيد من الضغوط على اقتصادات جنوب الصحراء (رويترز)
إرجاء اتفاق التجارة الحرة الأفريقية يزيد من الضغوط على اقتصادات جنوب الصحراء (رويترز)

حل وباء «كوفيد19» كالصاعقة على اقتصادات دول جنوب الصحراء الأفريقية، ليقضي على النزر القليل الذي تشارك به في منظومة التجارة العالمية بانقطاع روابطها التجارية مع الصين وأوروبا وأميركا الشمالية، وهو ما دفع بخبراء إلى القول إنه لا مفر لتلك المنطقة المهمشة تجارياً وعالمياً من التكامل الإقليمي، وإن تحرير التجارة بات قضية أكثر إلحاحاً من ذي قبل.
وفوجئ المراقبون بإعلان الاتحاد الأفريقي خطته لإرجاء «الاتفاقية القارية الأفريقية للتجارة الحرة»، بدلاً من الإسراع بخطى تنفيذ الاتفاقية التي تُعد من أكثر مشروعات التجارة الحرة طموحاً على وجه الكرة الأرضية؛ إذ تستهدف إزالة جوهرية للقيود التجارية بين 54 دولة أفريقية بناتج محلي إجمالي يتجاوز 3.4 تريليون دولار، وتعزيز آفاق التعاون التجاري والاقتصادي للقارة التي يزيد تعدادها على 1.3 مليار إنسان، بحسب تقرير لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط».
وكان من المقرر بدء المرحلة الأولى لنقاش القواعد واللوائح وصياغتها، تمهيداً لإطلاق الاتفاقية القارية في 1 يوليو (تموز) الحالي، على أن تبدأ المرحلة الثانية للنقاشات حول الاستثمار والمنافسة والملكية الفكرية وتنتهي بحلول يناير (كانون الثاني) 2021.
ويؤكد خبراء أفارقة ودوليون أن منطقة جنوب الصحراء الأفريقية والقارة بأكملها في أمسّ الحاجة إلى تفعيل اتفاقيات التجارة الحرة وإزالة القيود التجارية عبر البلدان الأفريقية والاستفادة من مردوداتها الإيجابية على التجارة والاقتصاد القاري، مشيرين إلى أنه لا شك في أن هناك مزيداً من الأعمال والإجراءات التي يمكن، بل تتعين، مواصلتها وعدم النكوص عنها، رغم تفشي وباء «كوفيد19»، فـ«الاتفاقية القارية الأفريقية للتجارة الحرة» ينبغي النظر إليها بوصفها عملية متصلة وليست مجرد حدث.
على صعيد المردود الإيجابي المرتقب، يستحضر الصحافي ديفيد هيمبارا في تقرير نشرته مجلة «أفريكا ريبورت»، ما أشارت إليه المساعدة السابقة للممثل التجاري الأميركي للشؤون الأفريقية، فلوريزيل ليسر، من أنه إذا تمكن الأفارقة من زيادة نصيبهم في التجارة العالمية من 2 إلى 3 في المائة، فإن تلك الزيادة بنسبة لا تزيد على واحد في المائة فقط، ستدر دخلاً إضافياً لقارة أفريقيا بأكملها يصل إلى 70 مليار دولار، «وهو مبلغ يزيد بواقع 3 مرات على إجمالي المساعدات التنموية التي تحصل عليها أفريقيا من العالم بأسره».
ويرى هيمبارا أنه «بدلاً من قرار تأجيل الاتفاقية، كان يجب على الاتحاد الأفريقي مواصلة نقاش بنودها وإقرارها، والإسراع في إنهاء المهام الدقيقة المتعلقة بقواعد المنشأ الصناعي لاتفاقية التجارة الحرة الأفريقية وغيرها من البروتوكولات الاستراتيجية التي يجب ألا تتوقف عن العمل، كما أن سكرتارية الاتفاقية القارية الأفريقية للتجارة الحرة، التي تعمل حالياً بصفة مؤقتة خارج (أديس أبابا) يجب عليها الاستمرار في تعيين طواقمها، والبدء في العمل من مواقعهم عن بعد».
وكان صندوق النقد الدولي كشف في تقريره في يونيو (حزيران) الماضي حول آفاق النمو الإقليمي، عن أن منطقة دول جنوب الصحراء الأفريقية تأثرت بصورة حرجة بوباء فيروس «كورونا»، غير أن المؤسسة بدت صامتة ولم توجه أي دعوات لزعماء المنطقة بالعمل على إعادة هيكلة اقتصاد بلدانهم.
وذكر تقرير المؤسسة المالية الدولية أن وباء «كوفيد19» تسبب في خسائر فادحة لاقتصادات بلدان جنوب الصحراء، وأدى إلى طمس 10 سنوات من التحسن في التنمية الاقتصادية، فضلاً عن انزلاق 26 مليوناً في هوة الفقر المطلق خلال عام 2020، متوقعاً أن يرتفع العدد إلى 39 مليوناً إذا ساءت الأوضاع الاقتصادية.
وتقول التوقعات إن معدلات النمو الاقتصادي في المنطقة ستشهد هبوطاً في معظم البلدان التي تعتمد في اقتصادها على السياحة وحوافز بيع الموارد الطبيعية، بينما النمو سيقترب من الثبات في البلدان التي لا تعتمد على الموارد، وتشير الأرقام إلى أن بلدان المنطقة؛ باستثناء دولتين، ستشهد تراجعاً في نصيب الفرد من الدخل الحقيقي بنسبة تتراوح بين 0.1 و15 في المائة.
وكان كثير من دول المنطقة، البالغ عددها 29 دولة، قررت فتح حدودها ورفع الإغلاق قبل بلوغ وباء «كورونا» ذروته فيها، وهو ما يرفع مستويات المخاطر بأن تتعرض أنظمتها الصحية لضغوط يصعب احتمالها.
وأمام الصعوبات التي تعانيها المنطقة، بادرت المؤسسات المالية الدولية بتقديم مساعدات للدول الأكثر احتياجاً في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية بلغت حتى منتصف يونيو الماضي 10.1 مليار دولار، وهي مبالغ يراها المراقبون غير كافية؛ إذ إن التقارير تؤكد أن بلدان أفريقيا ما زالت بحاجة إلى تمويلات ضخمة تقدر بنحو 110 مليارات دولار في عام 2020 وحده.
ويسلط تقرير «أفريكا ريبورت» الضوء على أهمية أن يبادر صندوق النقد والزعماء الأفارقة إلى بدء جولة نقاش نشطة وفعالة لتشجيع التجارة مع القارة وبداخلها والبحث عن مجالات جديدة لتعزيز النمو، مشدداً على أهمية التمويل والمساعدات الطارئة التي يقدمها صندوق النقد الدولي أو مجموعة دول العشرين، ويستدرك قائلاً: «ينبغي ألا تكون المساعدات هي الغاية في حد ذاتها، فالإصلاحات الهيكلية ضرورية لتحفيز التنافسية، وفوق كل ذلك؛ ينبغي عدم إرجاء الاتفاقية القارية الأفريقية للتجارة الحرة».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.