مسؤول أميركي: إيران في حالة تأهب جراء الانفجارات الغامضة

صورة بالقمر الصناعي تعرض مبنى تضرر من الحريق الذي نشب في منشأة نطنز النووية في إيران (رويترز)
صورة بالقمر الصناعي تعرض مبنى تضرر من الحريق الذي نشب في منشأة نطنز النووية في إيران (رويترز)
TT

مسؤول أميركي: إيران في حالة تأهب جراء الانفجارات الغامضة

صورة بالقمر الصناعي تعرض مبنى تضرر من الحريق الذي نشب في منشأة نطنز النووية في إيران (رويترز)
صورة بالقمر الصناعي تعرض مبنى تضرر من الحريق الذي نشب في منشأة نطنز النووية في إيران (رويترز)

قال مسؤول أميركي إن واشنطن لديها مؤشرات استخبارية كثيرة على أن إيران وضعت، في الأيام الأخيرة، أجزاء من دفاعها الجوي في «حالة تأهب قصوى»، في أعقاب انفجارات مبهمة في منشآت رئيسية مرتبطة بالبرامج العسكرية والنووية، وفقاً لمسؤول أميركي وثيق الصلة تتبع التطورات.
وأوضح المسؤول الأميركي أن حالة التأهب تعني أن بطاريات الصواريخ ستكون جاهزة للتعامل مع الأهداف التي يعتقد أنها تشكل تهديداً.
وبحسب قناة «سي إن إن» الأميركية، أمس (الخميس)، لم يذكر المسؤول كيفية حصول بلاده على هذه المؤشرات، لكن القناة قالت إن أقمار صناعية أميركية، وطائرات التجسس، وكذلك سفن تعمل بشكل روتيني على مراقبة إيران.
وأضافت أن كثيراً من المسؤولين العسكريين الأميركيين رفضوا التعليق علناً على ما إذا كانت واشنطن لديها معلومات استخباراتية تتعلق بحالة التأهب في إيران.
وتابعت أن الولايات المتحدة تعتقد أن هذا التأهب ليس جزءاً من تدريب لكنه رد على تهديد غير معروف للنظام الإيراني، في أعقاب وقوع انفجارات غامضة في منشآت مختلفة هذا الشهر منها منشأة نطنز النووية الإيرانية.
ودرات تكهنات دولية حول نظرية تقول إن إسرائيل قد تكون وراء بعض الانفجارات، على الرغم من أن المسؤولين الأميركيين قالوا إن الإسرائيليين أكدوا لهم عدم مسوؤليتهم، فيما لم يستبعد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس هذا حيث صرح مؤخراً: «كل حادث يقع في إيران له علاقة بنا بالضرورة، وليست متأكداً من أنهم يستطعون الحفاظ على كل الأنظمة معقدة لديهم».
وبحسب «سي إن إن»، قال المسؤول الأميركي إن كبار المسؤولين في بلاده يحاولون معرفة المزيد عن تلك الانفجارات ومن المسؤول عنها.
وكان التلفزيون الإيراني نقل في وقت سابق عن مسؤول أمني مجهول قوله إن التحقيقات بشأن حادث محطة نطنز النووية لم تجد دليلاً على عملية تخريب، فيما قالت قناة «بي بي سي» الناطقة بالفارسية إنها تلقت بياناً لمجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم «فهود الوطن» زعموا أنهم وراء هذا الحادث دون تقديم أدلة.
وقالت القناة الأميركية إن سبب هذه الحوادث لا يزال غير واضح، وإن كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين يشيرون إلى أنه يبدو من غير المحتمل أن جميع هذه الانفجارات ترجع لحوادث صناعية نظراً لعددها.
وذكر المسؤول الأميركي أن أحد المخاوف الرئيسية هو أن إيران يمكن أن تهاجم بطريقة لا يمكن التنبؤ بها، إذا اعتقدت أنها قد تتعرض لهجوم من إسرائيل أو الولايات المتحدة، وتابع أن واشنطن تشعر بالقلق من عدم الثقة في قدرة إيران على تشغيل أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها، لأنها تسببت في إسقاط طائرة ركاب أوكرانية بعد وقت قصير من إقلاعها بصاروخ عن طريق الخطأ في يناير (كانون الثاني).
من ناحية أخرى، قال المسؤول إن وضع إيران دفاعاتها الجوية في حالة تأهب قد لا يعالج التهديد الذي تتصوره، فلا يوجد ما يشير على إطلاق قاذفات أو صواريخ ضد إيران، مما يعني أن أي هجوم محتمل قد يكون قائماً على الأرض، أو ربما عبر شبكة الإنترنت.
وتابع لكن إذا كانت هناك مجموعات معارضة على الأرض تشن هجمات ضد منشآت رئيسية، فليس من الواضح لواشنطن وجود أي جهة تدعم هذه الجهود.
وفي سياق متصل، حذرت وكالة سلامة الطيران الأوروبية من أن طائرات الركاب التي تحلق في المجال الجوي الإيراني قد تستهدف عن طريق الخطأ من قبل الدفاع الجوي الإيراني، بحسب وكالة «بلومبرغ» الأميركية للأنباء.
وأعلنت «وكالة الفضاء الأوروبية»، أمس (الخميس)، أنه «ينصح بالحذر بسبب الوضع الأمني الخطير، وسوء التنسيق بين الطيران المدني والعمليات العسكرية؛ حيث إن هناك خطراً من عدم تحديد هوية الطائرات المدنية نظراً لوجود أنظمة مختلفة للدفاع الجوي».
ويأتي التنبيه الأوروبي بعد أيام من إعلان إيران أنها أسقطت بالخطأ رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752 بعد إقلاعها بوقت قصير في يناير (كانون الثاني) مما أسفر عن مقتل جميع الركاب البالغ عددهم 176.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».