وزارة العدل الأميركية تصدر معايير جديدة لتحركات الشرطة

أوباما يدعو شباب بلاده لـ«المثابرة» ضد العنصرية

وزارة العدل الأميركية تصدر معايير جديدة لتحركات الشرطة
TT

وزارة العدل الأميركية تصدر معايير جديدة لتحركات الشرطة

وزارة العدل الأميركية تصدر معايير جديدة لتحركات الشرطة

أعلنت وزارة العدل الأميركية أمس عن معايير جديدة أعدتها بعد سلسلة هفوات ارتكبتها الشرطة وتتضمن منع عناصرها من عمليات تدقيق تربط بين أوصاف الشخص وسلوكه في غالبية الحالات.
وعلم لدى الوزارة أنه باستثناء حالات الاشتباه بأنشطة إرهابية، قرر وزير العدل الأميركي اريك هولدر توسيع منع الشرطة من التدقيق في هوية أو توقيف أشخاص بناء على عرقهم أو إتنيتهم أو جنسيتهم أو ديانتهم أو جنسهم أو ميولهم الجنسية. وكان من المرتقب أن يشرح لكل عناصر الشرطة الأميركية خلال حديث عبر دائرة إلكترونية ما هي المعايير الجديدة بعد مراجعة المبادئ التي وضعها سلفه عام 2003 في ظل رئاسة جورج بوش.
لكن المعايير الجديدة لن تطبق على مراقبة الحدود مثل التحقق من الهويات أو أمتعة السفر في المطارات التي تبقى من اختصاص وزارة الأمن الداخلي. ولن تطبق أيضا على الموظفين الفيدراليين الآخرين وقوات الأمن مثل الجيش والاستخبارات أو الدبلوماسية. وقال اريك هولدر: «بصفتي وزيرا للعدل، لقد قلت بوضوح عدة مرات بأن الربط بين الأوصاف والسلوك من قبل قوات الأمن ليست فقط أمرا خاطئا وإنما أيضا غير فعال لأنه يهدر إمكاناتنا القيمة ويقوض ثقة الشعب».
وكان الوزير وهو من أصول أفريقية أيضا وعد بالتحرك بعد سلسلة هفوات أخيرة قام بها عناصر من الشرطة وبقيت بلا عقاب، تمثلت في مقتل أميركيين من أصول أفريقية برصاص عناصر شرطة بيض في فيرغسون (بولاية ميسوري) ونيويورك وكليفلاند (بولاية أوهايو) أو حتى فينيكس (بولاية أريزونا).
وأضاف الوزير المستقيل الذي يغادر مهامه خلال أسابيع على أبعد تقدير «مع هذه الخطوة الجديدة، نقوم بخطوة بارزة ومهمة نحو وجود شرطة فعالة» على المستوى الفيدرالي والمحلي وفي كل ولاية أميركية.
ويأتي هذا الإعلان بعد تناول الرئيس الأميركي باراك أوباما موضوع العنصرية في بلاده خلال مقابلة تلفزيونية كان من المرتقب أن تبث مساء أمس. واعتبر أن استئصال العنصرية في الولايات المتحدة لا يمكن أن يتم إلا تدريجيا، داعيا الشباب إلى «المثابرة» في معركتهم ضد التفرقة.
وكان أوباما يتحدث عن المظاهرات المتواصلة في عدة مدن في البلاد منذ أسبوعين، قائلا في مقابلة مع محطة تلفزيون «بلاك إنترتينمنت» الموجهة بشكل خاص للأميركيين من أصول أفريقية: «هذه المسألة لن تحل بين ليلة وضحاها، إنه أمر متجذر بعمق في مجتمعنا وفي تاريخنا».
وفي هذه المقابلة التي نشرت بعض المقتطفات منها قبل ساعات من بثها، شدد الرئيس الأميركي على ضرورة أن يتابع الشباب نضالهم ضد العنصرية مؤكدا أنه يجب التحلي بالصبر في هذا الصدد. وقال: «يجب أن نكون مثابرين لأن التقدم يتم على مراحل، إنه تدريجي».
وأضاف أوباما: «حين تتعلق المسألة بأمر مترسخ مثل العنصرية أو التفرقة في أي مجتمع، فإنه يجب التيقظ، لكن يجب الإقرار أيضا بأن هذا الأمر مستمر منذ فترة طويلة».
واعتبر أن الوضع تحسن في السنوات الـ50 الماضية رغم أن التوتر مستمر، موضحا: «إذا تحدثتم عن هذا الموضوع مع الأهل والأجداد والأعمام، فسيقولون: إن الأمور تحسنت، وإنها ليست مثالية في بعض الحالات لكنها أفضل».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.