الحوثيون يخيّرون من بقي من يهود اليمن بين السجن أو الرحيل

الحوثيون يخيّرون من بقي من يهود اليمن بين السجن أو الرحيل
TT

الحوثيون يخيّرون من بقي من يهود اليمن بين السجن أو الرحيل

الحوثيون يخيّرون من بقي من يهود اليمن بين السجن أو الرحيل

بالدموع غادرت اليمن هذا الأسبوع أسرة يمنية من أتباع الديانة اليهودية، ووصلت إلى إحدى العواصم العربية، تنفيذاً لتعليمات ميليشيا الحوثي، التي خيرت رب الأسرة بين البقاء في السجن أو مغادرة مسقط رأسه بمحافظة عمران (شمال صنعاء)، حيث بات وجود الطائفة اليهودية يشارف على الانتهاء من هذه المنطقة التي مثلت عبر التاريخ واحدة من أهم مراكز وجودهم في اليمن.
«الشرق الأوسط» تتبعت رحلة المعاناة التي تكبدتها أسرة سعيد الناعطي منذ مطلع العام الجاري حيث تعرض للمضايقة والتنكيل والملاحقة، قبل أن يودع السجن لمدة تزيد على الشهر ثم يطلب منه مغادرة مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، أو البقاء في السجن. ووفق رواية أفراد في الطائفة اليهودية التي لا يزيد عددها حاليا على 33 شخصاً من الجنسين، خمسة منهم فقط يعيشون في منطقة خارف بمحافظة عمران ومديرية أرحب بمحافظة صنعاء، إذ إن المسلحين الحوثيين عمدوا إلى مضايقة سكان منطقة السوق الجديد في محافظة عمران التي كان أغلب سكانها من اتباع الديانة اليهودية قبل ظهور الحوثيين، لإرغامهم على الهجرة وشراء منازلهم وممتلكاتهم بأثمان بخسة حتى لا يكون هناك وجود لأتباع الديانة اليهودية في مناطقهم. ففي مايو (أيار) الماضي قامت ميليشيا الحوثي باعتقال أحد اليهود اسمه يوسف وسجنوا معه أيضا سعيد الناعطي، وبعد شهر ونصف من السجن وتوسل عائلته لوجهاء قبليين تم الإفراج عن الناعطي بعد أن وقع التزاما ببيع بيته ومغادرة البلاد. وخلال الشهر الحالي سمحت الجماعة له ببيع بعض من مقتنياته والأدوات المنزلية، وغادر مكرها مع والدته وبناته الثلاث نحو مدينة عدن قبل أن يصلوا إلى إحدى العواصم العربية يبحثون عن وطن جديد.
أفراد في الطائفة قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن الناعطي أجبره الخوف مع أسرته على المغادرة وهم يبكون لا يريدون ترك بلدهم. وقال أحدهم: «لم يبق في عمران سوى امرأة كبيرة في السن ترعى أخاها الذي فقد عقله، في حين يوجد ثلاثة آخرون في مديرية أرحب. وتحدثت المصادر كيف أن العائلة أخبرت الحوثيين بأنهم قد يمنعون من المرور من النقاط المنتشرة على طول الطريق المؤدي إلى مدينة عدن العاصمة المؤقتة، إلا أنهم ردوا عليهم قائلين: «سافروا ولا يهمكم شيء سوف نمنحكم تصريح مرور في كل النقاط والأهم هو أن تغادروا». وذكرت المصادر من أفراد الطائفة اليهودية أن الناعطي غادر صنعاء ومعه بناته الثلاث ووالدته المقعدة ووصل مدينة عدن ولكنه أبلغ أن الطيران اليمني لا يسير رحلات من الداخل إلى الخارج إذ إنه يتولى مهمة إعادة آلاف العالقين منذ بداية انتشار فيروس «كورونا» في عدد من البلدان، فاضطرت الأسرة للبقاء عدة أيام في المدينة حتى تمكنت شركة الطيران من الحصول على إذن خاص بنقلهم في إحدى رحلاتها، إذ لم يعد أمامها من خيار غير الذهاب إلى إسرائيل لأن بقية البلدان لا تسمح لحملة جوازات السفر اليمنية بالدخول إليها إلا بتأشيرة مسبقة.
وإلى ما قبل اجتياح الحوثيين لمحافظة عمران كانت منطقة «السوق الجديد» أشبه بحي مغلق أغلب سكانه من أتباع الديانة اليهودية الذين يعملون في ورش الحديد والنجارة وإصلاح السيارات، والبعض هاجر إلى الخارج ولكن احتفظ بأسرته حيث شيد هؤلاء منازل كبيرة هناك وتعايشوا مع الغالبية من السكان المسلمين ونادرا ما سجلت مشكلات، على أسس دينية. لكن ومع ظهور التنظيم الطائفي للحوثيين في محافظة صعدة منتصف عام 2004 بدأ استهداف اليهود بشكل ممنهج وعرفت اليمن أول موجة نزوح قسري داخلي لأتباع هذه الديانة طبقاً لما قاله أحد أفرادها.
وأضاف: «عند اقتحام الحوثيين منطقة آل سالم وتوجيه إنذار كتابي لليهود بمغادرة المحافظة تتابعت الهجمات والاستهداف، وبعد أن كان عدد هؤلاء أكثر من خمسة آلاف بات اليوم يزيد بقليل على 30 شخصاً أغلبهم يقيم في مدينة تمتلكها وزارة الدفاع بالقرب من السفارة الأميركية بصنعاء.
ومع بدء إطلاق النار من قبل الحوثيين في منطقة غرير آل سالم على سيارة نجل الحاخام يوسف مرحبي، اضطرت الحكومة اليمنية حينها إلى نقل هذه الأسر إلى صنعاء وتوفير مساكن ومواد تموينية لهم، ومع هذه الأحداث بدأ اليهود في مدينة صعدة وفي آل أبو جبارة، وأملح في الهجرة خارج البلاد واتجه أغلبهم إلى إسرائيل. وعقب سيطرة ميليشيا الحوثي على العاصمة اليمنية زادت مخاوف اليهود على حياتهم بخاصة أنهم تعرضوا للتنكيل على يد الجماعة في صعدة وعمران، ولهذا بدأوا بالسفر خارج البلاد على دفعات، كان أشهرها هجرة أحد الخامات من محافظة عمران وبحوزته نسخة قديمة من التوراة قدمها هدية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب وصوله وأسرته إلى تل أبيب. وأثارت الحادثة جدلاً كبيراً أعقبه قيام الجماعة الحوثية باعتقال حاخام الطائفة اليهودية وأحد أقربائه، حيث أفرجت عن الحاخام بعد ثلاثة أشهر من سجون المخابرات فيما أبقت الشاب ليبي سالم في السجن.
ورغم إصدار المحكمة الابتدائية قبل عام ونصف حكماً ببراءة ليبي مع اثنين من المسلمين كانوا اتهموا معه بتسهيل تهريب نسخة التوراة إلا أنه وحتى الآن وانقضاء ست سنوات لا يزال في السجن. وقد أصيب ليبي أخيراً بجلطة سببت له شللاً نصفياً وتدهورت حالته الصحية، ومع ذلك ترفض النيابة التي يديرها الحوثيون كل الضمانات التي قدمت لهم للإفراج عنه أسوة بزميليه، حتى موعد محاكمته لدى محكمة الاستئناف.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

شبكة الإنذار المبكر: المجاعة ستنتشر على الأرجح في شمال غزة إذا استمر الحصار

تفاقم انعدام الأمن الغذائي بشدة في شمال قطاع غزة نتيجة الحصار (رويترز)
تفاقم انعدام الأمن الغذائي بشدة في شمال قطاع غزة نتيجة الحصار (رويترز)
TT

شبكة الإنذار المبكر: المجاعة ستنتشر على الأرجح في شمال غزة إذا استمر الحصار

تفاقم انعدام الأمن الغذائي بشدة في شمال قطاع غزة نتيجة الحصار (رويترز)
تفاقم انعدام الأمن الغذائي بشدة في شمال قطاع غزة نتيجة الحصار (رويترز)

حذرت شبكة الإنذار المبكر من المجاعة، اليوم الخميس، من أن المجاعة ستنتشر، على الأرجح، في شمال قطاع غزة، إذا استمر منع دخول الإمدادات الغذائية.

وقالت الشبكة، في تقرير، إن «انعدام الأمن الغذائي في القطاع تفاقم بشدة في محافظة شمال غزة».

وأضافت: «يحذر محللون من أن المجاعة ستكون النتيجة النهائية، على الأرجح، في محافظة شمال غزة، إذا لم يجرِ السماح بزيادة كبيرة في تدفقات المساعدات الغذائية».

وقالت الشبكة: «تشير التقديرات إلى أنه حتى أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، كان ما بين 75 و95 ألف شخص في شمال غزة معزولين عن الإمدادات الغذائية وخدمات التغذية لمدة 40 يوماً على الأقل، كما تقلصت الخدمات الصحية المتوفرة بشكل متزايد».

وفيما يتعلق ببقية أنحاء قطاع غزة، ذكرت الشبكة أن خطر المجاعة يظل جدياً للغاية؛ نظراً للقيود الجديدة المفروضة على تدفق الإمدادات الغذائية التجارية والتحديات الشديدة المستمرة التي تؤثر على توصيل المساعدات الإنسانية.