تدفق الإيرانيون على اختلاف مشاربهم؛ من معلمين وأطباء ومصممين وطباخين وممثلين ومخرجين وفنانين وربات بيوت ومدونين، إلى وسائل التواصل الاجتماعي ليوجهوا رسالة إلى الحكومة تقول: «أوقفوا عمليات الإعدام».
جاءت الحملة التي جرت عبر الإنترنت، الثلاثاء، والتي قال محللون إنها كانت رائعة من حيث نطاقها واتساع دعمها، رداً على إعلان القضاء أنه أيد أحكام الإعدام الصادرة بحق 3 شبان انضموا إلى الاحتجاجات ضد الحكومة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
(ضم الرئيس دونالد ترمب صوته إلى هذه الحملة، مطالباً بعدم إعدام الشبان الثلاثة، وذلك عبر تغريدتين على {تويتر} باللغتين الإنجليزية والفارسية)
ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، فقد أعدمت إيران 251 شخصاً العام الماضي؛ أكثر من أي دولة أخرى عدا الصين. وفي الأسابيع الأخيرة، يعيش كثير من الإيرانيين حالة من الخوف جراء سلسلة من عمليات الإعدام بناء على اتهامات غامضة؛ منها شرب الكحول والنشاط السياسي والتجسس المزعوم لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
وقد جرت مشاركة تغريدة بشكل واسع عبر مواقع التواصل تقول: «جاء دوري... جاء دوري... جاء دوري»، في لحظة نادرة من التضامن بين الإيرانيين ذوي الآراء السياسية المختلفة حول قضية واحدة. وقال نشطاء حقوق الإنسان إنها تشير إلى أن الإيرانيين يبحثون عن طرق جديدة للاستماع إليهم في ظل سحق الحكومة احتجاجات الشوارع وغيرها من أشكال المعارضة بوحشية شديدة.
وبحلول منتصف يوم الثلاثاء، كانت تغريدة «#DontExecute» باللغة الفارسية الأكثر انتشاراً في إيران، وفقاً لموقع التواصل «تويتر» حيث انضم الإيرانيون في جميع أنحاء العالم، إلى الحملة ليحقق الشعار تصنيفاً عالمياً بلغ نحو 4.5 مليون تغريدة.
وقال أمير الرشيدي، الباحث الرقمي المختص بأمن الإنترنت: «لم أرَ قط علامة تصنيف بهذا المستوى من المشاركة من الإيرانيين في كل مكان»، مضيفاً أن «القضايا السابقة، بما في ذلك السجناء السياسيون، والاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، قد أوجدت مشاركة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي؛ لكن ليس بالقدر الذي حدث يوم الثلاثاء».
وقد أدت الدعوة لوضع حد لعمليات الإعدام إلى انتشار عشرات الآلاف من المنشورات على منصات أخرى شائعة في إيران، مثل «إنستغرام» و«تلغرام».
وأفاد موقع «نت بلوكس»، الذي يتتبع استخدام الإنترنت العالمي، بانقطاع في الإنترنت داخل إيران ليلة الثلاثاء، حيث تقوم الحكومة بشكل روتيني بتعطيل أو إيقاف تشغيل الإنترنت وخدمات الهاتف الجوال عند مواجهة مظاهرات أو معارضة داخلية كبيرة.
الرجال الثلاثة المدانون هم: أمير حسين مرادي (25 عاماً)، وسعيد تمجيدي (27 عاماً)، ومحمد رجبي (27 عاماً)، الذين شاركوا في انتفاضة بجميع أنحاء البلاد في نوفمبر الماضي، حيث خرج الناس إلى الشوارع للاحتجاج على ارتفاع أسعار البنزين. وبحسب منظمات حقوقية، فقد قتلت قوات الأمن 500 متظاهر على الأقل، وجرى اعتقال 7 آلاف شخص.
وأدانت الحكومة الثلاثة بتهمة «المشاركة في التخريب والحرق العمد بنيّة المواجهة والدخول في حرب مع جمهورية إيران الإسلامية». وفي رسالة مفتوحة، قال محامو الرجال الثلاثة إن موكليهم أُجبروا على الاعتراف «تحت التهديد». وأعلن القضاء أن المحكمة العليا رفضت استئنافاً وأيدت أحكام الإعدام الثلاثاء.
انضم عدد كبير من الإيرانيين إلى الحملة على الإنترنت للتنديد بالأحكام. وفي الإطار ذاته، نشرت المدونة موجان رضائي عبر منصة «إنستغرام» من طهران «هاشتاغاً» يقول إن «حياة البشر غالية.. لا للإعدام» حيث شاهد نداءها أكثر من 200 ألف متابع. ونشر الخبير الاقتصادي المقيم في طهران سياماك قاسمي «هاشتاغاً» يقول: «لقد غمرنا الحزن».
انهالت التعليقات من شخصيات معروفة، بعضهم مع الملايين من المتابعين: مثل مغني البوب محسن تشافوشي، والجدة ومدونة الطعام عازار ماحصيفات، والممثلة تارانه الأيدوستي، ومخرج الأفلام الفائز بجائزتي «أوسكار» أصغر فرهادي. ونشر حسين ماهيني، لاعب منتخب إيران لكرة القدم المحبوب، تغريدة تقول: «لا للإعدام» كررها 3 مرات؛ مرة لكل رجل من الثلاثة الذين يواجهون الموت.
وتشارك مستخدمو الإنترنت العاديون؛ الذين نادراً ما يولون أهمية للقضايا السياسية، صور الرجال الثلاثة. ونشرت سارة (ربة منزل طلبت عدم ذكر اسمها كاملاً) صورة لثلاث ورود حمراء تنزف وكتبت: «كفى. لا تعدموا الحياة».
ولاحظ الساسة التدفق الكبير؛ حيث حذر محمد علي أبطحي؛ رجل الدين ونائب الرئيس الأسبق، في تغريدة، الحكومة من العناد في مواجهة مثل هذا الرأي العام القوي. وقامت العضو السابقة في البرلمان بارفاني صلاحشوري بنشر مجموعة من التغريدات التي تضمنت أبياتاً شعرية عن القمع باستخدام هاشتاغ «#DontExecute».
وكتب مصطفى تاج زاده، سياسي إصلاحي بارز، على «تويتر» يقول: «لا شيء يهز ويضعف أسس الحكومة ويثير الانتقام العام مثل إراقة دماء الأبرياء».
وقال إيرانيون؛ منهم مدافعون عن حقوق الإنسان، إن الحكومة جعلت من هؤلاء الرجال الثلاثة مثالاً وعبرة لتخويف الناس لاستباق أي انتفاضات مستقبلية في ظل استياء واسع النطاق بشأن الاقتصاد المتردي وتعامل السلطات مع جائحة فيروس «كورونا».
يذكر أن العملة الإيرانية في حالة هبوط يومياً. الأسبوع الحالي، جرى تداول الريال بسعر 23 ألفاً مقابل الدولار الأميركي، مقارنة مع 13 ألفاً الشهر الماضي. وقد تقلبت أسعار السلع الأساسية بشكل كبير في ظل ارتفاع معدلات الإصابة بالوباء وإعلان 25 محافظة «مناطق موبوءة».
وقالت رويا بوروماند، المديرة التنفيذية لـ«مركز عبد الرحمن بوروماند» ومقره واشنطن، والتي تضغط من أجل تحسين وضع حقوق الإنسان في إيران، إن «المجتمع يغلي، ولذلك يزيدون من وتيرة عمليات الإعدام»، مضيفة أن الرسالة هي: «تذكروا أننا نستطيع القتل».
* خدمة «نيويورك تايمز»
حملة واسعة تدعو حكومة إيران إلى وقف عمليات الإعدام
حملة واسعة تدعو حكومة إيران إلى وقف عمليات الإعدام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة