من بيروت إلى باريس... مشوار كلود لاماند مع الفن يصل إلى معهد العالم العربي

جامع الأعمال اللبناني الأصل كان يحلم ببناء متحف للفنانين العرب

كلود لاماند أمام لوحات لضياء العزاوي (داهمان)
كلود لاماند أمام لوحات لضياء العزاوي (داهمان)
TT

من بيروت إلى باريس... مشوار كلود لاماند مع الفن يصل إلى معهد العالم العربي

كلود لاماند أمام لوحات لضياء العزاوي (داهمان)
كلود لاماند أمام لوحات لضياء العزاوي (داهمان)

جامع الأعمال الفنية اللبناني الأصل كلود لاماند يحمل في ذاكرته من التاريخ والفن الكثير، خلال حديث مطوَّل معه، حكى لي عن بداياته في لبنان، وعن ووالده ووالدته التي كان أكبر همها أن يتعلم أولادها. يمر الحديث على مراحل في حياته كونت تفكيره واتجاهاته المستقبلية وعشقه للفن العربي ومجهوداته لإثراء مجموعة معهد العالم العربي بباريس بأعمال الفنانين العرب.
غادر لاماند بيروت في عام 1976 هرباً من الحرب الأهلية التي مزَّقت بلاده، واستقر في باريس ليعمل في وزارة التعليم هناك. أخذه مشوراً التدريس الأكاديمي لمصر والسودان في الثمانينات، وقام بتدريس اللغة الفرنسية في جامعة عين شمس بالقاهرة. وفي مصر، تعرّف على كبار الفنانين والمثقفين أمثال نجيب محفوظ ويوسف إدريس، يقول: «سعينا لترجمة أعمالهم للفرنسية»، عبر مركز للترجمة أقامه هناك لتشجيع الناشرين الفرنسيين على ترجمة الأدب العربي.
وفي مصر أيضاً تعرف على فنانين رواد، مثل حامد ندا وجاذبية سري وعبد الهادي الجزار وزينب عبد الحميد وغيرهم. يقول إنه اقتنى كثيراً من الأعمال في هذه الفترة، واحتفظ بمعظم تلك الأعمال ورفض التنازل عنها.
بعد عودته لباريس قرر فتح صالة عرض «غاليري» خاص به في أكتوبر (تشرين الأول) 1988. يرى أن فرنسا اهتمت بفنون العالم أكثر من باقي دول أوروبا، ولهذا تحولت لمركز فني مهم: «الفرنسيون كان عندهم إقبال على شراء الأعمال الفنية دون النظر إلى جنسية الفنانين، بعكس دول أخرى».
ومن خلال الغاليري تبلورت رؤية لاماند: «سعيتُ مع الوقت إلى أن تكون مهمتي هي تعريف المهتمين في الغرب بأعمال الفنانين العرب... فأنا عندي ارتباط ثقافي ولغوي وحضاري بالهوية العربية»، ومن خلال هذا الفهم جمع أعمالاً لفنانين من جميع أنحاء العالم العربي.
في باريس أيضاً اكتشف لاماند فناني المهجر، الذين تركوا بلادهم، ولجأوا للغرب، ومنهم شفيق عبود وضياء العزاوي وإيتل عدنان وشوقي شوكيني. يقول موضحاً طريقته في جمع الأعمال الفنية: «لا أختار أو أعرض أعمالاً لفنانين إلا الذين أحب أعمالهم؛ أبدأ بالنظر إلى العمل أولاً قبل أن أتصل بالفنان، هذه طريقتي في اكتشاف الفن، كنت أشتري لوحات حسب إمكانياتي، وأضع الأعمال في البيت، وأتعامل معها، إذا توصلت إلى إحساس بأن العمل يوحي لي بأجواء جمالية وشعرية أحرص على أن أتبنى الفنان وأتابع أعماله»، موضحاً: «كان هدفي ليس الشراء للاستثمار، بل للفن الإنساني الذي وجدته داخل تلك الأعمال». والمعروف عن لاماند حرصه على إقامة علاقات وثيقة مع الفنانين الذين يعرض لهم.
ألاحظ استخدامه لكلمة «تبني» في علاقته مع الفنانين، وأقول إن «الكلمة لها مدلولات كثيرة منها الاهتمام والمتابعة والمسؤولية»، ويقول: «هناك مستويات في علاقاتي مع الفنانين؛ افتتحت (الغاليري) الخاص بي منذ 32 عاماً، وتعلمتُ أن ما يطلبه الفنان من (الغاليري) ليس فقط الحب، فالفنان له طمومحاته.
اكتشفتُ مع الزمن أن من حق الفنان أن يعيش بصورة جيدة من إيراد أعماله؛ فإذا كانت السوق الفنية منتعشة، فمن الممكن أن نقيم معارض ونشترك في معارض دولية، ولكن مع الوضع العالمي تحت ظل (كورونا) تغيَّر الأمر». بالنسبة له من واجب صاحب الغاليري أن يشتري أعمالاً من فنانيه كل عام، ليحافظ على استقرارهم المادي، موضحاً: «في سنوات الخير حصة الفنان من بيع أعماله تمكّنه من العيش، وفي سنوات الضيق أكون أنا أفضل زبون لأعماله».
يحرص لاماند على الإشارة لعمره (75 عاماً) مضيفاً أنه وزوجته فرانس لاماند يفكران في في مستقبل الفنانين الذين يتعامل معهم: «من الضروروي بعد وفاتنا أن يكون عند زوار المتاحف اطلاع واسع على أعمال هؤلاء الفنانين»، يقول إنه فكر في إقامة متحف خاص لعرض تلك الأعمال، ولكن الأمر به صعوبات مادية كثيرة: «فكرتُ في شراء قصر في ضواحي باريس لذلك، ولكن زوجتي أرادت أن تظل كل تلك الأعمال في باريس».
ومن هنا بدأت فكرة إهداء بعض تلك الأعمال للمؤسسة التي تهتم بالفن العربي في باريس، وهي «معهد العالم العربي». يقول لاماند إنه التقى مع جاك لانغ مدير معهد العالم العربي في 2013، ودارت بينهم حوارات ثرية حول الفن العربي ومستقبله: «نضجت الفكرة بأنه ليس هناك أفضل من معهد العالم العربي».
وفي 2018، أهدى كلود وفرانس لاماند 1500 عمل من مجموعتهما الخاصة لمعهد العالم العربي، تمثل أعمال 120 فناناً؛ 100 من العالم العربي و20 من دول أخرى.
وفي يوم 24 من الشهر الحالي، يونيو (حزيران)، سيقام مزاد في دار «كريستيز» لبيع 44 عملاً من مجموعة الزوجين عبر موقع الدار الإلكتروني؛ يهدف لدعم الصندوق الذي أقامه لاماند في معهد العالم العربي لدعم الفنانين العرب.
وكان لاماند قد عبّر في أحاديث سابقة عن أن الهدف من التبرع بمجموعة كبيرة من الأعمال الفنية لصالح معهد العالم العربي هو أن يكون المعهد «أضخم متحف يمثل الفنانين من العالم العربي»، مضيفاً: «نتمنى أن أعمال الفنانين العرب التي سحرتنا خلال أعوام طويلة، والتي تُثرِي المتحف بتفردها، ستكون محط إعجاب مليون زائر في العام».



الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
TT

الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)

توصلت دراسة من جامعة إمبريال كوليدج لندن في بريطانيا إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز فرص الحمل لدى السيدات الخاضعات للتلقيح الصناعي.

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تسلط الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين نتائج العلاج وتقديم رعاية أكثر دقة للمريضات، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية (Nature Communications).

ويذكر أن التلقيح الصناعي إجراء طبي يساعد الأزواج الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب على تحقيق الحمل. وفي هذا الإجراء، يتم استخراج البويضات من المبايض لدى السيدات بعد تحفيزها بواسطة أدوية هرمونية، ثم يتم تخصيبها بالحيوانات المنوية للرجال في المختبر. وبعد التخصيب، يتم مراقبة نمو الأجنة في المختبر، ثم يتم اختيار أفضل الأجنة لنقلها إلى رحم المرأة في أمل حدوث الحمل.

وتمر العملية بخطوات أولها تحفيز المبايض باستخدام أدوية هرمونية لزيادة إنتاج البويضات، ثم مراقبة نمو الحويصلات التي تحتوي على البويضات عبر جهاز الموجات فوق الصوتية. وعند نضوج البويضات، تُجمع بواسطة إبرة دقيقة وتُخصّب في المختبر. وبعد بضعة أيام، تنُقل الأجنة المتطورة إلى الرحم لتحقيق الحمل.

ويُعد توقيت إعطاء حقنة الهرمون أمراً حاسماً في نجاح العملية، حيث يستخدم الأطباء فحوصات الموجات فوق الصوتية لقياس حجم الحويصلات، لكن تحديد التوقيت المناسب يعد تحدياً.

وفي هذه الدراسة، استخدم الباحثون تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات أكثر من 19 ألف سيدة خضعن للعلاج. ووجدوا أن إعطاء حقنة الهرمون عندما يتراوح حجم الحويصلات بين 13 و18 ملم كان مرتبطاً بزيادة عدد البويضات الناضجة المسترجعة، مما أدى إلى تحسن ملحوظ في معدلات الحمل.

وبينما يعتمد الأطباء حالياً على قياس الحويصلات الأكبر فقط (أكثر من 17-18 ملم) لتحديد توقيت الحقن، أظهرت الدراسة أن الحويصلات المتوسطة الحجم قد تكون أكثر ارتباطاً بتحقيق نتائج إيجابية في العلاج.

كما أظهرت النتائج أن تحفيز المبايض لفترات طويلة قد يؤدي لارتفاع مستويات هرمون البروجستيرون، مما يؤثر سلباً على نمو بطانة الرحم ويقلل من فرص نجاح الحمل.

وأشار الفريق إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتيح للأطباء اتخاذ قرارات أكثر دقة في توقيت هذا الإجراء، مع الأخذ في الاعتبار أحجام الحويصلات المختلفة، وهو ما يتجاوز الطرق التقليدية التي تعتمد فقط على قياس الحويصلات الكبرى.

وأعرب الباحثون عن أهمية هذه النتائج في تحسين فعالية التلقيح الصناعي وزيادة نسب النجاح، مشيرين إلى أن هذه التقنية تقدم أداة قوية لدعم الأطباء في تخصيص العلاج وفقاً لاحتياجات كل مريضة بشكل فردي.

كما يخطط الفريق لتطوير أداة ذكاء اصطناعي يمكنها التفاعل مع الأطباء لتقديم توصيات دقيقة خلال مراحل العلاج؛ ما سيمكنهم من تحسين فرص نجاح العلاج وتحقيق نتائج أفضل.